“ضحايا ألغام الحوثي” فيلم وثائقي ينقل معاناة من فقدوا أطرافهم وصعوبة عودة الأطفال إلى المدارس

لَغم.. لا يعرف من أين ومتى جاء، يحاول الطفل عثمان الاجابة بتمهّل عن هذه التساؤلات التي في كثير من الأحيان تبدو له مرعبة، نقطة يجلس فيها يوميا ويلعب مع أصدقائه وككل يوم ذهب إليها وعندما جلس ووضع قدمه حيث يفعل دائما إنفجر لغم أرضي ما تسبب في خسارته قدمه اليمنى وأصابع قدمه اليسرى، ورغم أنه يسأل منذ إصابته قبل أربع سنوات حتى اليوم حول الوقت الذي دخل فيه الحوثي لشارعهم وزرع ألغامه في الحي والناس نيام لم يتمكن أحد حتى الآن من مساعدته في تحليل ما حدث.

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

الطفل عثمان- أخبار الآن

صدمة عثمان تشعبت وكبرت بعد أن قضى 8 أشهر بعد الإصابة دون أي داعمات أو طرف صناعي ما تسبب في انقطاعه عن التعليم تماما، إضافة الى خضوعه لعلاج مستمر بسبب الألم المبرح لبتر الأطراف الذي تعرض له، ومع  وصول الطرف الصناعي عادت البهجة الى عثمان من جديد، طرف حصل عليه قبل أربع سنوات ساعده في الحركة بين زملائه لأخذ الدروس داخل الصفوف لكن كانت مسألة الذهاب للمدرسة لطفل يرتدي طرفا صناعيا صعبة جدا، فالأراضي في بيحان وعسيلان داخل شبوة ليست ممهدة للعربات من بيوتهم الى مدارسهم البسيطة وطفل كعثمان يرتدي طرفا صناعيا عليه أن يخفف من حجم احتكاك الطرف الصناعي بطرفه المبتور حتى لا تحدث له جروح أو نتوءات أو ألام لا تحتمل إضافة الى أن هذه الأطراف تتلف مع الاستخدام الكثيف لها ما يعني أن عليه صعود سيارة للذهاب الى المدرسة وهو أمر لم يتمكن والداه من توفيره له.

أطفال تكبر وأطراف صناعية صغيرة

تكسر طرف عثمان بعد فترة قصيرة من حصوله عليه وتقطعت خيوطه الداخلية بعد عام من استخدامه في مناطق وعرة غير ممهدة ولأن نمو الطفل سريع والطرف صغير فان ارتدائه يبدو شبه مستحيل وبلا فائدة تذكر ما تسبب في إنقطاع عثمان عن التعليم مجددا حتى اليوم ولم يدخل المدرسة إلا لإجراء الامتحانات فقط ويعاني حاليا من آلام لا تتوقف بسبب استخدام طرف متكسر لا يلائم حجمه الذي تغير فلا منظمات أو هيئات أو جمعيات أو مسؤولون تبنوا توفير أطراف صناعية للأطفال الذين بترت أطرافهم بألغام الحوثي التي زرعها في بيحان وعسيلان قبل انسحابه من شبوة على يد ألوية العمالقة الجنوبية

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

حول الحوثي المدارس إلى ثكنات عسكرية

ما يمر به عثمان مر به أطفال تضرروا من ألغام مليشيات الحوثي ولا توجد لديهم أطراف من الأساس، حين كان عثمان محظوظا بحصوله على واحد قبل 4 سنوات، وما رفع من معاناة أطفال شبوة استخدام مليشيا الحوثي مدارسهم ثكنات عسكرية ما تسبب في تدميرها من الداخل إضافة الى تلغيمهم الطرق المؤدية للمدارس ولم تتبنى أي جهة مساعدة المحافظة في إعادة تأهيل المدارس أو تنظيف الطرق المؤدية إليها باستثناء جهود من مشروع مسام لحياة بلا ألغام الذي تمكن من إزالة جزء لا يتعدى 20% من حجم الألغام التي لا تزال مزروعة في مناطق زراعية وسكنية ما حرم الأطفال وأسرهم من مصدر رزقهم وتسبب لهم في وفيات لا تحصى وإعاقات حركية لمن فقدوا أطرافهم بلا ذنب من السكان وصدمات نفسية لم تعالج.

فريق نزع الألغام من أهالي عسيلان

بعد تخلي الجميع عنهم قرر بعض أهالي شبوة بجهود ذاتية تنظيف الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي تمكنت من الوصول الى أسرة مكونة من سبعة أفراد في عسيلان قامت بجهود جبارة بجهاز بسيط لنزع الألغام من المناطق لمساعدة الأهالي في العودة الى منازلهم وفتح الطرق لتسهيل حياة المواطنين ، أكد لي سالم ” اسم مستعار” أنهم يعملون كفريق متطوع لإزالة الألغام منذ 7 سنوات ولا يتبعون لأي منظمة وما يملكونه مجرد مجسين متواضعين لإنقاذ أهاليهم في مديرية عسيلان كما يقول.

أكد لي سالم أن اللغم الموجه بالليزر يعتبر من أصعب أنواع الألغام التي يتعاملون معها، أحدها تسبب في خسارته قبل شهر من إجراء المقابلة أحد إخوته كما فقدت أخا أخر العام الماضي بنفس الطريقة حتى أصبح الفريق مكوننا اليوم من 3 منهم فقط، إستخرج فريقنا خلال الأسبوع 1000 لغم بكافة أنواعها وأشكالها في مديرية عسيلان يؤكد سالم الذي واجه مع فريقه كافة أشكال الألغام وأشار الى أن الغم الأرضي الذي يحمل كاميرا يعتبر من أصعب أنواع الألغام تفكيكا لوضعه بين الحجارة وعدم القدرة على تمييزه وتتسبب هذه الألغام المتطورة في فقدان الأشخاص أطرافهم بالكامل أو جزءا منها

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

 

تفكيك الألغام بامكانيات بسيطة

رصد سالم وفريقه قيام مليشيات الحوثي بتفخيخ البراميل والحواجز الأسمنتية وبلوكات البناء التي يعتبر إكتشافها صعبا للغاية، حيث فخخ الحوثيون البراميل بكميات هائلة من السيفور والشظايا حتى تسبب أذى مضاعف لمن يتعرضون ونشروها قرب النقاط الأمنية لإلحاق خسائر فادحة قبل انسحابهم من شبوة وتعرضت ألوية العمالقة الجنوبية الى كم هائل من البراميل المفخخة عند تحرير شبوة وتمكنت من تفكيكها بمساعدة فريق سالم 

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

ما يقدم عليه سالم وفريقه التطوعي يصل الى الموت حيث يضحون بأنفسنا يوميا في سبيل تفكيك البراميل المفخخة دون أن يمتلكوا أي أدوات متطورة لمساعدتهم، فلا يوجد جهات مختصة لتزويدهم بأجهزة حديثة، يقول سالم “الحكومة لم تدعمنت مطلقا لإزالة الألغام ” وأكد أن مليشيات الحوثي زرعت الألغام في الأراضي الزراعية في بيحان وعسيلان ما حرم المزارعين من عملهم وأن قيامهم بنزعها يفتح الطرق ويساعد السكان على العودة الى منازلهم وممارسة اعمالهم 

استخدم الحوثي المدارس ثكنات عسكرية ولغم الطرق المؤدية إليها

مدير منظمة شباب شبوة أحمد خيران أكد رصدهم قيام الحوثي بزراعة الألغام في شبوة منذ 2015  في مناطق مأهولة بالسكان واستهدف مناطق رعي الأغنام والمواشي والمناطق الزراعية بعد أن رصدوا حوادث إصابة المواطنين بالألغام ما أكد لهم أنها مزروعة وفي عام 2017 تحول الأمر إلى كارثي بعد رصدهم إصابات هائلة للمواطنين بالألغام وبالمتابعة والتدقيق في إصابات الأطفال تبين لهم أن الطرق المؤدية إلى مدارسهم زرعها الحوثي بالألغام بعد أن استخدم المدارس ثكنات عسكرية وأكد عملهم على توعية الناس في مناطق إكتشاف الألغام بعد أن زرعت بعشرات الآلاف منها

 

عاد لنزع الألغام رغم فقدانه أطرافه

فقد سالم قدمه خلال فتحه لأحد الطرق لمساعدة المواطنين في العودة إلى منازلهم بعد تحرير مديريات بيحان وعسيلان وعين من الحوثي يقول ” حدث الإنفجار في 9 صباحا خلال عملي على نزع الألغام وكنت أعتقد أن الجهاز يعمل، حدث الإنفجار في لحظة واحدة فقدت بعدها الوعي تماما ولم أدرك ما حدث ” توقف الجهاز عن العمل بشكل كاد يودي بحياة سالم وتم إسعافه إلى مستشفى عتق ثم سافر إلى مصر على حسابه الخاص لتركيب طرف ورغم ما حدث إلا انه عاد إلى العمل دون تردد لأن عسيلان ملغمة بالكامل حسب قوله وعدم إزالتها تعني فقدان المزيد من أهالي المنطقة 

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

سالم الذي فقد ساقه بسبب لغم زرعه الحوثيين- أخبار الآن

” فقدنا أرواح الكثير من الأطفال ومن بقي منهم على قيد الحياة خسر أطرافه ” يقول سالم بمرارة مؤكدا أن أراضيهم ملوثة بالألغام وهذا سبب عملهم المتواصل ليل نهار لإزالتها وحماية المواطنين، ورغم امتلاكه جهازا بسيطا لنزع الالغام واكتشافها يشير الى أن خسارته تعني خسارة نفسه وموته لذا يحافظ عليه أكثر من أي شيء آخر وشدد على استعدادهم لمواصلة نزع الألغام طالما توفرة الأجهزة وطالب بتوفير أجهزة حديثة متطورة بعد أن توقف جاهزه البسيط عن العمل بشكل مفاجيء أكثر من مرة وعدم قدرته على اكتشاف جميع أنواع الألغام.

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

كميات مهولة من الألغام بعد تحرير بيحان وعسيلان

يؤكد خيران اكتشافهم كميات مهولة من ألغام الحوثي بعد تحرير مديريات بيحان وعسيلان في 2021  وأن ما تم تنظيفه في عسيلان لا يتعدى 20%من الألغام المتبقية التي لم تتم إزالتها والمواطن هو الخاسر من عدم نزعها حيث يمكن للجيوش تفاديها بإمكانياتها وأن مركز مسام هو الوحيد الذي تدخل منفردا لنزع الألغام لكنهم لم يكمل مهمته في كثير من المناطق ما تطلب تطوع بعض الأهالي لإزالة الألغام بجهود فردية وبمعدات غير متطورة وقديمة.

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

موفدة أخبار الآن سونيا الزغول وسالم المتضرر من ألغام الحوثي

انقطاع تعليم الأطفال

يرصدون في منظمة شباب شبوة جميع الإنتهاكات بحق الأطفال الذين تضرروا من الحرب حيث يشير خيران إلى ان الأطفال هم المتضرر الأكبر من القصف العشوائي من الحوثي في المناطق المدنية حيث لم يحترم المواثيق الدولية التي تمنع النزاع فيها وفقد أبناء المنطقة تعليمهم طوال فترة تواجد الحوثي في مديريات بيحان وعسيلان وعين بسبب الألغام 

يقول عثمان ” لم يلتفت إلينا أحد ” الأطفال الذين لم تتوفر لهم المواصلات والأطراف الصناعية انقطعوا عن التعليم وعودة الحوثي 3 أشهر إلى شبوة في 2021 تسببت في إنقطاع جميع الأطفال عن الذهاب الى المدارس التي استخدمها ثكنات عسكرية وزرع الألغام في الطرق والمؤدية إليها، فيما أكد خيران أن الأهالي منعوا أبناءهم من الذهاب إلى المدارس تفاديا للإصابات ولتدخل الحوثي في المناهج  

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

أحد أطفال شبوة المنقطعين عن الدراسة-أخبار الآن

نحصل على الأطراف للمحتاجين لها من فاعلي الخير

أكد خيران أن المتضررين من ألغام الحوثي يحصلون على الأطراف من فاعلي الخير وتبرعات من أبناء المنطقة أو خارجها وكثيرون قاموا بالسفر للخارج او شرائها على نفقتهم الشخصية لعد موجود جهة أو منظمة تكفلت بالأطراف الصناعية للمواطنين والأطفال وشدد على ان نمو الطفل السريع يتطلب تبديل الطرف الصناعي كل 6 أشهر أو عام

وصولنا لباب المندب لرصد ضحايا الألغام

في طريقي الى باب المندب رصدت جهود نزع الألغام وتمكنت من لقاء أحد الأطفال المتواجدين على الطريق والذين فقدوا أطرافهم، أكد لي سليمان إصابته بألغام مليشيات الحوثي منذ 4 أشهر وعدم حصوله على طرف صناعي حتى الآن حيث قدم له أطباء بلا حدود عكازا ريثما يتمكن من الحصول الى طرف صناعي.

"ضحايا ألغام الحوثي" فيلم وثائقي يعرض معاناة من فقدوا أطرافهم في شبوة

موفدة أخبار الآن سونيا الزغول والطفل سليمان

يقول سليمان “كنت أرعى الأغنام في جبال المحيطة بمنزلي بباب المندب ثم انفجر اللغم “، وأكد إزالة بعض الألغام من المنطقة لكن لم أرى أي شارة تدل على نزع الألغام التي زرعها الحوثي في باب المندب  ما يتطلب وجود إشارات تحذيرية لما تم تنظيفه

متى سيحصل هذا الكم الهائل من الضحايا على أطراف صناعية، كيف سيتم تعويض المتضررين الذي لم يلتفت أحد ألهم ، من سيرمم هذه المدارس التي تم تفجيرها ومن سينظف الطرق المؤدية إليها ليتمكنوا من العودة الى صفوفهم أسئلة تبقى برسم الاجابة وتتطلب الكثير من الدعم والتكاتف والعمل لعلاج ما أحدثته مليشيات الحوثي من خراب