أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (محمد صلاح الدين)

منذ ان دخلت الهدنة حيز التنفيذ في سوريا واطمئن السوريون بعض الشيء عادوا الى عادتهم القديمة في احياء المظاهرات السلمية وعاد علم الثورة ليرتفع من جديد في مظاهرات سلمية
ولكن ماذا يعني علم الثورة لاهل الغوطة الشرقية؟ أخبار الآن سألت هذا السؤال لأهالي ريف دمشق. 

 علم الثورة السورية الذي يعتز برفعه ثوارها اليوم، اختير أول مرة في  1928م،  وقد كانت الألوان المختارة للعلم هي ذاتها ألوان علم الثورة العربية الكبرى، فقد نشرت جريدة "القبلة" بيانا رسميا لرفع وبداية استعمال العلم العربي ذي الألوان الأربعة ابتداء من10 يونيو 1917  وهو يوم الذكرى السنوية الأولى للثورة. وقال البيان أن العلم الجديد يتألف من مثلث أحمر اللون تلتصق به ثلاثة ألوان أفقية متوازية هي الأسود في الأعلى متبوعا بالأخضر في الوسط والأبيض في الأسفل، وفي نفس اليوم تم اعتمادة ليصبح علماً لمملكة الحجاز الهاشمية ، وتم رفعه لأول مرة في ساحة المرجة في سورية بواسطة الأمير سعيد الجزئري في 27 أيلول عام 1918 ، وتم  إعتماد ذات الألوان عند تأسيس مملكة سورية الفيصلية بعد دخول القوات العربية في 30 أيلول من نفس العام  لكنه أضاف نجمة بيضاء، وتم تأسيس أول دستور عربي في سورية سنة 1920م و نصت المادة الأولى منه على "  حكومة المملكة السورية العربية حكومة ملكية مدنية نيابية عاصمتها دمشق الشام ودين ملكها الإسلام " .

إلا أنه وبعد الاحتلال الفرنسي في عهد الجنرال غورو وتحديداً في 4 آب سنة 1920 نشر علاء الدين الدروبي رئيس الوزراء في دولة سورية آنذاك بلاغاً في الصحيفة الرسمية أعلن فيه إلغاء الراية الفيصلية  والبلاغ جاء بعنوان: (الرجوع للراية العربية مؤقتاً) ، وقد جاء فيه:  " لدى المذاكرة في قضية الراية ذات النجمة البيضاء التي وضعها المؤتمر السوري تبين:
أولاً: إن مؤتمر الصلح قرر الاعتراف بوجود دولة مستقلة في سورية فأصبح الاستقلال أمراً متفقاً عليه بموجب هذا القرار الدولي.

ثانياً: إن المؤتمر السوري لم تعترف به الدول لأن اجتماعه كان قبل اعتراف الدول بوجود دولة سورية فكان تأليفه ووضع الراية ذلت النجمة البيضاء سابقاً لأوانه.

لذلك تقرر عدم رفع الراية المذكورة والحالة هذه واستعماله الراية العربية ـ التي هي راية دولة حليفة ـ مؤقتاً والرجوع إلى رأي الأمة بذلك بعد أن يجتمع مجلس نوابها وفقاً للقانون الذي يوضع في هذا الشأن ويقرر شكلاً خاصاً للراية». في 4 اغسطس [آب] سنة 1920 رئيس الوزراء علاء الدين الدروبي" إلا أن السلطات الفرنسية جعلت في زاويته علماً فرنسياً صغيراً دليل الهيمنة.

في 2 آب سنة 1928 نشرت الصحف المحلية نص الدستور السوري الذي وضعته اللجنة الدستورية بزعامة هنانو ، ورغم أن  الدستور السوري في تلك المرحلة لم يلبي طموحات الجميع وأكثر ما أثار الجدل آنذاك هو تبديل المادة الثانية التي كانت في مسودة الدستور والتي كانت تنص على:  " أن سورية بحدودها الطبيعية وحدة سياسية لا تتجزأ، ولا يخل بالتجزئة بهذه الوحدة التجزئة الحاضرة التي حدثت بعد الحرب العظمى" ، حيث تم استبدال هذه المادة بالتالي: " البلاد السورية المنفصة عن الدولة العثمانية وحدة سياسية لا تتجزأ، ولا عبرة بكل تجزئة طرأت عليها منذ نهاية الحرب العامة" ، وبذلك اعتبر المستاؤون من هذا التعديل بأن هناك تنازلاً قد حدث آنذاك عن الوحدة الطبيعية لسورية الممتدة لجبال طوروس وإلى الرفح في عريش مصر. إلا أنه ورغم هذا فقد تعرض لعراقيل كثيرة من الفرنسيين والمندوب السامي الذي وقف حائلاً دون اعتماده ، بل وإلغاءه حيث دخلت البلاد في حالة من الفوضى لمدة ثلاث سنوات.
ويأتي ذكر العلم في ذلك الدستور في المادة الرابعة من الباب الأول التي نصت على مايلي: " يكون العلم السوري على الشكل الآتي : طوله ضعف عرضه ويقسم ايضاً إلى ثلاثة ألوان متساوية متوازية اعلاها الاخضر فالأبيض فالأسود على أن يحتوي القسم الأبيض في خط مستقيم واحد ثلاثة كواكب حمراء ذوات خمس أشعة" .

ويقال بأن ألوان العلم لها دلالة على تاريخية ترمز إلى عصر الخلافة الراشدة "الأبيض" فالآمويين "الأخضر" فالعباسيين "الأسود" و الأحمر رمزاً للثورة العربية، فيما يرى البعض بأن أختيار الألوان كان  تأثراً وأقتباساً من بيت صفي الدين الحلي القائل:

بِيضٌ صَنَائِعُنا سُودٌ وَقائِعُنا     خُضرٌ مرابعُنا حُمرٌ مواضينا
 
وأياً يكن، فالعلم بألوانه ورمزيته وتاريخه هو علم مشرف، والتضحيات التي بذلت في الثورة المباركة التي رفعته هي أكبر وأطهر من كل زبانية الأنظمة والاستبداد والمصالح والأنتهازيين ، داخل الثورة أو خارجها.  

ومن لا يملك القدرة على حماية هذا العلم وتوفير الاحترام له، بل ويسهم في الوضع من قدره، فلن نستطيع أن نؤمنه على مصير ثورة والتحدث بأسمها وتمثيلها ، بل يجب تعريته وطرده من الثورة للحفاظ على مسارها.