اخبار الأن | طهران – إيران – (حامي حامدي)
نادراً ما تسلط وسائل الأعلام الإيرانية الضوء على كارثة حقيقية تواجهها طهران، وتتمثل في أزمة نقص المياه. ففي حالة عدم اتخاذ إجراءات فنية لحل هذه الأزمة، فإن الأمر سيكون كارثياً بجميع المقاييس.
الخبير الايراني في المياه والبيئة فرخ مصطفائي اشار إلى أن الازمة ناتجة عن الجفاف وانخفاض سطح المياه الجوفيه داعيا الى ضرورة وضع حلول عاجلة بالاستعانة بالتجارب والتقنيات الناجحة في الدول العربية المجاورة التي حققت نجاحا كبيرا في هذا المجال.
تعاني إيرانُ اليومَ مشكلةً على صعيد المياه وهي أزمةُ قلةِ المواردِ المائية، أي أن إيرانَ تخوضُ الآن تجرِبةَ الجفاف بسبب عدمِ هطْلِ الأمطار ما يمكن أن يؤديَ إلى نتائجَ خطيرةٍ على الصعيد الثقافي والاجتماعية ويسببَ كثيرًا من المشاكل والصعوبات، وفضلاً عن ذلك فإن السدودَ تعاني نقصًا في مستوى المياه بسبب تراجعِ هطْلِ الأمطار وانخفاض سطحِ المياه الجوفية الناجمِ عن الاستهلاك الدائم والزائدِ على الحاجة وعدمِ القدرة على تعويضِ نقصِ المياه الجوفية في إيرانَ حيث تعاني المياهُ الجوفيةُ نقصا تدريجيًا واضحًا .
من جهة أخرى لم ندركْ بعدُ ضرورةَ الترشيد في استهلاك المياه بطريقةٍ صحيحةٍ لا في مجال استهلاكِ المياه الصناعية وإعادةِ تنقيتِها ولا في المجال الزراعي ونحن لا نستهلكُ المياهَ بأسلوب مناسبٍ على الرَّغم من أن أنظمةَ الري بالتنقيط متطورةٌ في إيران ولكنْ لا يزالُ أمامَنا طريقٌ طويلٌ لنبلغَ المستوى الدَّوليَّ على الصعيد الزراعي ويعدُّ هذا الأمرُ من المشاكل الكبيرة التي تواجهُنا.
وأعتقد كذلك أن أحدَ التحديات الكبيرةِ والمُهمة التي تواجهُنا والتي يجبُ ألا نقفَ أمامَها مكتوفي الأيدي في المستقبل وتعدُّ من الضروريات يتمثلُّ في قضية تنقيةِ المياه خاصةً أن تكاليفَ المياه والريِّ كبيرةٌ ولا توجدُ هنا مياهٌ جوفيةٌ كثيرة حتى نستخرجَها فضلا عن هدرِ كمية كبيرةٍ من المياه في المدن ولا تدخلُ دورةَ الاستعمالِ مرةً أخرى. وعلى هذا الصعيد أعتقدُ أن من الأفضل أن نستفيدَ من خبراتِ دولٍ مثلَ الإماراتِ وسائر الدول العربية المجاورة وتجاربِها لأنها كانت تعاني هذه المشاكلَ منذ البداية ، فتصدوا لها باستعمال أجهزةِ تحليةِ المياه لتوفير مياهِ الشربِ ومياهِ الري الزراعية وتنقيةِ المياهِ ، وفي مجالات أخرى وهذه الدول ترشدُ استهلاكَ المياه كثيرًا وعلى نطاقٍ واسعٍ ، وقد أحرزتْ كثيرًا من النجاحِ في هذا المجال ويجبُ أن تقتديَ إيرانُ بهذا الأمر وبدلاً من البَدء من أول الطريق واكتسابِ الخبراتِ اللازمة يمكنُنا أن نستفيدَ من التِّقْنيات والخبراتِ الموجودة في الدول العربية في المِنطقة والتي كانت تعاني أزمةَ مياهٍ ، ويمكنُ لهذا الأمر أن يساعدَنا على مواجهة أزمةِ المياه بأفضلِ طريقةٍ ممكنة.
يمكن لهذا الأمرَ أن يمهدَ الطريق كثيرًا أمام إسهامِ الدول العربية لأن مجالَ المياه يشكلُ فصلاً جديدًا من الشراكة والتعاون بين إيرانَ والإماراتِ وسائرِ دولِ الخليج . وبغض النظرِ عن القضايا والخلافاتِ السياسيةِ يجبُ علينا أن نبحثَ دائمًا عن المحاور التي تجعلُنا نتحدَ ونجتمعَ حولَها ونتبادلَ الخبراتِ مع الآخرين ويمكنُنا أن نجعلَ قضيةَ المياهِ أساسًا للتعاون ومحورًا لتشكيل لجنةٍ أو مجموعةٍ من مختلِف دولِ المِنطقةِ التي تعملُ في مجال حلِّ أزماتِ المياه أساسًا . هذا الحلُ كما أرى هو من أفضل الحلول وأسرعِها كما نستطيعُ في المستقبل أن نحُلَّ كثيرًا من المشاكل الأخرى بالاعتماد على المحور المشتركِ الذي نتعاونُ فيه.