تدهور وضعية إيران في فترة حكم إبراهيم رئيسي

  • الشعب يجبر على العيش في اقتصاد مقاومة تقشفي
  • لم يحقق الرئيس أي إنجاز ملموس منذ حكمه

في عشرة أشهر احتاج الرئيس الإيراني للظهور في ست مقابلات على التلفزيون الإيراني لتوضيح مواقفه وإجراءاته. بطبيعة الحال لا يوجد عدد نموذجي للمقابلات التلفزيونية التي على أي رئيس أن يعطيها للتلفزيون فهذه أمور تعتمد على الظروف والوقائع.

لكن بالنسبة للرئيس الإيراني فهي تبدو أنها كانت ضرورة في الظروف التي تعيشها إيران.

في الخامس والعشرين من شهر يونيو الماضي أعطى الرئيس إبراهيم رئيسي مقابلته السادسة ودافع فيها عن إجراءاته وقراراته كما دافع عن فريقه الاقتصادي المتعثر ووجه اللوم للحكومة السابقة التي قادها الرئيس حسن روحاني التي سلمته خزينة شبه فارغة ولم ينس أن يشير إلى مؤامرات الأعداء.

بعد سنة من تولي سلطاته رسميا في حكم إيران بلغت شعبية الرئيس إبراهيم رئيسي الحد الأدنى الذي يمكن لرئيس إيراني أن يحصل عليه منذ العام سبعة وتسعين.

ويشير استطلاع للرأي نشرته المعارضة الإيرانية إلى أن الإيرانيين متشككين تجاه سياسة الرئيس وخصوصا سياساته الاقتصادية وأداء فريقه الاقتصادي.

وأظهر الاستطلاع أن سبعة وثمانين في المئة من الإيرانيين يرون أن الاقتصاد الضعيف سبب رئيسي لقلقهم على المستقبل. وبحسب هذا الاستطلاع الذي شاركت فيه عينة من ألف ومئة وسبعة وتسعين شخصا يمثلون مختلف شرائح المجتمع الإيراني يوجه الإيرانيون اللوم إلى الرئيس ويشعرون بالتشاؤم تجاه المستقبل ولا يثقون بحكومته وغير راضين عن توجهاتها وأدائها.

تعاني المدن الإيرانية الصغيرة من الفقر والبطالة والعوز وتشير التقديرات وبعضها تقديرات حكومية إلى أن تسعين في المئة من الإيرانيين يعيشون في حالة فقر.

ويرى باحث إيراني يدعى ماجد محمدي أن النظام في طهران يريد أن يجبر الشعب على العيش في اقتصاد مقاومة تقشفي بينما ينعم رجال الدولة في الرفاهية. وقد دفع هذا الأمر الفئات الفقيرة في المدن الصغيرة إلى قطع صلاتها برجال الدين والابتعاد عن الإسلام السياسي رافضين أن يكون لهؤلاء أي سلطان عليهم.

النظام في طهران يريد أن يجبر الشعب على العيش في اقتصاد مقاومة تقشفي بينما ينعم رجال الدولة في الرفاهية

ماجد محمدي

باحث إيراني

وهذا الموقف للفئات المهمشة سيجعل من السهل عليها التمرد والانتفاضة عندما تصل الأمور إلى الحد الذي لا تستطيع تحمله.

ويرى متابعون للشأن الإيراني أن الإيرانيين يجلسون على برميل بارود قد ينفجر في أي وقت وستكون شرارته رفع أسعار المواد الغذائية. وهناك على ما يبدو حالة تململ في الشارع الإيراني وقد تقع الانتفاضة في أي وقت.

في ظل الرئيس إبراهيم رئيسي وصل التضخم إلى حدود الخمسين في المئة وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة ثمانين في المئة عما كانت عليه قبل سنة.

ويرى خصوم الرئيس أنه لا يملك خطة اقتصادية محكمة للتعامل مع هذا الوضع. بعض المحللين الاقتصاديين في إيران نفسها يعتقدون أن الرئيس رئيسي يير على خطى الرئيس نجاد في سياسته الاقتصادية. لكنهم يقولون أن الوزراء لا يقومون بعملهم على الوجه الصحيح وكثير من تعليمات الرئيس لا تجد طريقها إلى التنفيذ.

تحاول السلطات الحكومية أن توصل إلى الإيرانيين رسالة مفادها أن معاناتهم الاقتصادية ناجمة عن العقوبات المفروضة على البلاد بسبب الملف النووي. وهذه الرسالة ذات حدين فهي إما أن تحرض الناس على تقبل أوضاعهم والسكوت عليها واعتبارها جزءً من المعركة مع الولايات المتحدة أو قد تكون عاملا إيجابيا في تبرير قبول النظام للوصول إلى تجديد وإحياء الاتفاق النووي مع الغرب والذي سيكون من نتائجه رفع العقوبات وتحرير أرصدة إيران وفتح الأسواق العالمية لنفطها وتجارتها.

وعلى مشارف السنة الثانية من حكمه يواجه الرئيس الإيراني صراعا قاسيا داخل كوادر الحرس الثوري وخصوصا جهازه الاستخباري. ومع أن الرئيس غير معني مباشرة بتفاصيل قيادة الحرس الثوري إذ يتبع الحرس للمرشد بصورة مباشرة، إلا أن ما تكشف مؤخرا من مشكلات داخلية وإقالات واعتقالات بين كوادر الحرس لا بد أن يكون له تأثيره على الرئيس. فلا يزال هناك صراع خفي بين قادة الحرس من جهة وقادة الأجهزة العسكرية الأخرى.

وقد جاءت إقالة رئيس استخبارات الحرس الثوري من منصبه ليؤشر على وجود صراع داخلي وقد أثارت هذه الإقالة الانتباه مثلما أثارت الدهشة. وقالت بعض الجهات أن أداء رئيس استخبارات الحرس المقال كان ضعيفا مع أن تصريحاته كانت نارية ومتشددة وتحركاته موضع شكوك وجاءت أقالته مباشرة بعد الإعلان عن اعتقال ضابط في الحرس اتهم بالتجسس لصالح إسرائيل.

إيران

صورة الحرس الثوري (غيتي)

لقد تضرر الهيكل الأمني الإيراني كثيرا في الفترة الأخيرة بسبب تلاحق الضربات الإسرائيلية وما قيل عن اكتشاف جواسيس داخل أجهزة الاستخبارات الإيرانية يعملون لصالح إسرائيل. واضح أن ما تعانيه الأجهزة العسكرية الإيرانية من اختراقات إلى جانب ما تتعرض له المراكز الإيرانية العسكرية في سوريا من ضربات إسرائيلية وعمليات استخبارية في الداخل الإيراني تمثلت في اغتيال علماء وضباط استخبارات وعمليات تخريب سبرانية كلها تشكل عامل ضغط على الرئيس الإيراني الذي لم يعد على ما يبدو قادرا على ضبط شؤون الجمهورية الإسلامية.

يواجه الرئيس الإيراني أيضا مشكلة علاقات مضطربة مع دول الجوار. وبرغم كل محاولات المصالحة التي تبذلها بعض الجهات الإقليمية والدولية إلا أن تصرفات الحرس الثوري وهي تصرفات لا يملك الرئيس أي سلطة عليها ما زالت مصدرا لمشكلات إيران الخارجية. لذلك لا يملك الرئيس أن يقدم لجيرانه أي إشارة بأن بلاده ستكون جارا مسالما محبا للسلام وباحثا عن الشراكة المنتجة لخير شعوبها.

تصرفات الحرس الثوري تجاه دول الجوار ستدفع إلى تعرض إيران لضغوط جديدة من القوى الإقليمية والدولية. وما زال من غير المؤكد تشكل حلف إقليمي لمواجهة إيران لكن المؤكد أن الولايات المتحدة لن تخوض حربا مباشرة ضد إيران إلا أنها ستدعم دول المنطقة لإقامة نظام إقليمي دفاعي لمواجهة الخطر الإيراني بكل السبل الممكنة وستقدم لهم الدعم الكافي لتحقيق نتائج إيجابية.

مرت سنة على رئاسة إبراهيم رئيسي والمحادثات النووية بدون أي نتائج حاسمة. والجولة الأخيرة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة لم تصل إلى نتيجة. وقد أشارت بعض الدول الأوروبية المشاركة في التفاوض إلى أن تصرفات إيران في الملف النووي تعيق الحل الدبلوماسي لأن إيران تواصل زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب وترفع نسبة التخصيب خلافا لما هو مطلوب منها في الاتفاق.

مضت السنة الأولى من حكم الرئيس إبراهيم رئيسي دون أن يحقق إنجازا ملموسا. إذا استطاع في السنة الثانية أن يضبط الصراعات الداخلية ويخلق انسجاما بين أركان الحكم ويضمن علاقات طيبة مع دول الجيران وتسيير شؤون الدولة بطريقة سلسة ويصل إلى حل للملف النووي يضممن رفع العقوبات والأسواق لنفط إيران وتجارتها فيمكن عندها أن يتمكن من تحقيق بعض النجاحات التي ستسجل له وقد تمنحه فرصة إعادة انتخابه بعد انتهاء ولايته الحالية.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولاتعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن.