نبيه بري يتولى المنصب للمرة السابعة على التوالي

في ظل أوضاع اقتصادية شبه منهارة وخزينة على شفا الإفلاس عاد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى منصبه بانتخابه من قبل خمسة وستين نائبا في التصويت الأول ليتبوأ المنصب للمرة السابعة على التوالي. لكن هذا الفوز لا يعد انتصارا في نظر الكثيرين.

فالرئيس بري كان المرشح الدستوري الوحيد لهذا المنصب وبالتالي فإن فوزه كان مضمونا بحصوله على خمسة وستين صوتا وهي النصف زائد واحد وفقا للدستور اللبناني.

بعد هذا الفوز تساءل كثيرون هل هؤلاء الخمسة والستون الذين صوتوا للرئيس بري ليعود إلى رئاسة البرلمان يشكلون كتلة واحدة يمكن أن تتحكم في قرارات المجلس مستقبلا؟

الجواب كان لدى أكثر من مجموعة نيابية أو كتلة حزبية أن هذه الأصوات تجمعت بالصدفة وكانت نتاج علاقات شخصية بين الذين صوتوا وبين الرئيس بري ولا تشكل قوة رئيسية يمكن لحزب الله أو حركة أمل الاعتماد عليها لتحرك البرلمان كما يحلو لها.

ولا يبدو أن الحزب يستطيع تامين هذا العدد من الأصوات المؤيدة في أي وقت يشاء.

كان يمكن بسهولة تعطيل انتخاب بري لرئاسة البرلمان لكن يبدو أن النائب الذي أعطى الصوت الخامس والستين وحسم العملية رأى أن مصلحة البلاد تقتضي عدم تعطيل الانتخاب لأن التعطيل كان سيدخل المجلس في نفق إعادة التصويت لأكثر من مرة وتغيير التحالفات.

لا بد أن النواب السنة الذين كانوا محسوبين على الرئيس الحريري آثروا إعطاء أصواتهم للرئيس نبيه بري ليتفرغوا للتحضير للاستحقاق الأكبر الذي يخصهم وهو رئاسة الحكومة التي تقتضي ترشيح شخصية سنية لتشكيل الحكومة ولكن من جديد قد تظهر مفاجآت.

نواب التيار الوطني الحر لم يصوتوا لصالح الرئيس نبيه بري

كان متوقعا من حيث التقدير الظاهري أن نواب التيار الوطني بزعامة جبران باسيل وعددهم ثلاثة عشر نائبا سيصوتون لصالح نبيه بري ليكون هذا التصويت دفعة على الحساب لكي يصوت نواب الحزب والحركة لصالح انتخاب جبران باسيل لرئاسة الجمهورية.

لكن المفاجأة كانت أن نواب التيار الوطني الحر الذين يتحالفون مع حزب الله وحركة أمل لم يصوتوا لصالح الرئيس نبيه بري وتقدموا جميعا بأوراق بيضاء.

بل أن سجالا وقع خلال الجلسة بين باسيل وبري على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام اظهر خلافا واضحا بينهما.

يمكن اعتبار هذا التصويت ردا على تسريبات بأن حزب الله لن يدعم ترشيح باسيل لرئاسة الجمهورية حسب ما فهم من تصريحات النائب السابق لرئيس البرلمان إيلي فرزلي الذي خسر في الانتخابات الأخيرة.

من هنا لن يحظى جبران باسيل بتأييد نيابي يوصله إلى الرئاسة الأولى لأن نواب أمل وحزب الله سيجيرون أصواتهم لصالح مرشح آخر يتمتع بدعم تقليدي من دمشق هو سليمان فرنجية الذي تبدو فرصه الآن اقوى من أي وقت مضى فهو يتميز بمرونة سياسية وعلاقات واسعة إقليميا ودوليا. ولكن لماذا يرفض حزب الله تأييد جبران باسيل لرئاسة الجمهورية؟ هل كان هناك فيتو سوري عليه؟

الذين تابعوا تغطية تلفزيون (أو تي في) وهو تلفزيون التيار الوطني الحر لعملية انتخاب بري لرئاسة البرلمان لا بد وأنهم لاحظوا نغمة العتاب الواضحة في مفردات تلك التغطية التي يفهم منها عدم الرضا على طريقة الانتخاب ونتيجتها.

لذلك يبدو واضحا من الآن أن معركة انتخاب رئيس الجمهورية ستكون قاسية وصعبة بين فرنجية وباسيل وستكون أصوات نواب القوات اللبنانية هي من تحسم الاختيار ما لم يترشح قائد القوات اللبنانية سمير جعجع للمنصب ففي هذه الحالة ستتعقد عملية الانتخاب وتتجدد المخاوف من فراغ رئاسي طويل.

حتى الآن لا تشير مصادر القوات اللبنانية إلى وجود نية لدى جعجع للترشح ولذلك قد تحسم معركة الرئاسة في التصويت الثاني أو الثالث. المثير في الأمر أن حزب القوات وفقا لتصريحات سمير جعجع الأخيرة لن يدعم أي مرشح يدعمه حزب الله وهذا معناه تعطيل عملية الانتخاب إلا إذا جاءت توصيات من الخارج تدفع حزب القوات اللبنانية لتغيير موقفه.

لكن الاستحقاق الأقرب الآن هو مشاورات اختيار رئيس الحكومة الجديد. فهل كانت الأصوات التي أعطيت لنبيه بري مقدمة لضمان تأييد النواب الشيعة لاختيار رئيس وزراء على مقاس النواب السنة الذين رجحوا أصوات فوز نبيه بري؟

نجيب ميقاتي الطرابلسي هو الشخصية الأوفر حظا لتشكيل الحكومة

حتى الآن يعتبر رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الطرابلسي الأوفر حظا لتشكيل الحكومة. فحكومة ميقاتي بدأت تطبيق برنامج تصحيح اقتصادي فرضه البنك الدول والبنك يريد عودة ميقاتي لرئاسة الحكومة لاستكمال تطبيق البرنامج. لكن هناك تسريبات بأن الرئيس ميشال عون لا يريد عودة ميقاتي وفي الوقت نفسه لم يحسم رأيه تجاه أي مرشح آخر لرئاسة الحكومة.

لكن على ما يبدو فإن الكتل والمستقلين سيتوافقون على اختيار نجيب ميقاتي على الأقل للمرحلة الراهنة إلى حين موعد الاستحقاق الرئاسي في أكتوبر المقبل مع أن حزب القوات اللبنانية لم يظهر تأييدا واضحا رافضا تأييد ترشح أي شخصية متحالفة مع حزب الله وسيقاطع تشكيلها وهذا قد يسبب إرباكا وتأخيرا في اختيار رئيس للحكومة.

فاذا ما تم انتخاب سليمان فرنجية كما هو متوقع فالمؤكد أن فرنجية سيكون لديه خيارات أخرى لرئيس حكومة غير الرئيس ميقاتي.

في ظل تسارع وتيرة التدهور الاقتصادي في لبنان واستمرار الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون فقد تتجه الأطراف اللبنانية إلى إحدى حالتين إما الانقسام في البرلمان وهذا قد يترجم إلى صراع حاد في الشارع أو إلى حالة من التفاهم والتوافق تمنع الانهيار التام وتحمي لبنان من الإفلاس وتحاول إعادته إلى الحياة كما كان في السابق فهل يكون مجلس النواب على قدر طموحات اللبنانيين؟

 

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن