الاسكواش.. نشأ من لعبة أقدم وهي لعبة التنس الملكي

  • مصطفى عسل يُتوج ببطولة الجونة في نسختها العاشرة
  • هانيا الحمامي تتوج ببطولة الجونة في نسختها العاشرة

في واحدةٍ من الدلائل القوية؛ على تفرّد الجينات المصرية، ما يفعلهُ أبطال لعبة الاسكواش، والمتربعين على عرش اللعبة عالميًا منذ سنوات. فإذا قررت أن تتعرف على نجوم البطولات الدولية في أي مكان، ستصطدم بمصري أو مصرية.

الجمعة 4 يونيو، تُوج مصطفى عسل، نجم النادي الأهلي والمصنف الرابع عالميًا، بلقب بطولة الجونة الدولية للاسكواش في نسختها العاشرة، والتي استضافتها مدينة الجونة في الفترة من 27 مايو حتى 3 يونيو.

عسل فاز على النيوزلاندي بول كول، المصنف الثاني عالميًا، بنتيجة (3-1) في المباراة النهائية من البطولة، وذلك بعد أن تأهل إلى النهائي بعد الفوز على المصري على فرج (المصنف الأول عالميًا) في مباراة نصف النهائي.

وفي نفس البطولة، تُوجت هانيا الحمامي، لاعبة وادي دجلة والمصنفة الثالثة عالميًا، باللقب، وذلك بعد تغلبها على المصرية نوران جوهر، المصنفة الثانية عالميًا، بنتيجة (3-2).

سبعةُ مصريين (رجال) من بين العشرة الأفضل في العالم، وفقًا لتصنيف 2022، وخمسة مصريات من بين الأفضل في العالم، ثلاثة منهن تتصدرن المراكز الثلاثة الأولى، وفقًا لنفس التصنيف، الذي يعتمده الاتحاد الدولي لمحترفي الاسكواش، وجميعهم يهيمنون على البطولات الدولية.

“علي فرج، ومحمد الشوربجي، ومصطفى عسل، وطارق مؤمن، ومازن هشام، ومروان الشوربجي، وفارس دسوقي، ونوران جوهر، ونور الشربيني، وهانيا الحمامي، وروان العربي، وسلمى هاني”- هؤلاء الأبطال الذي يرفعون الأعلام المصرية في البطولات الدولية منذ سنوات، ويتربعون على عرش اللعبة عالميًا، وينظر إليهم بفخر عشرات الشباب المصريين، الذين يعملون بجهد للحفاظ على مكانة مصر في لعبة الاسكواش.

احنا ملوك الاسكواش

اللاعبون المصريون يسيطرون على التصنيف العالمي لعام 2022 (الاتحاد الدولي للاسكواش)

لكن ما سر تفوق المصريين في اللعبة؟

ما يفعله الأحفاد اليوم ليس بغريب، فسبقهم الأجداد، حيث يهيمن اللاعبون المصريون على حلبة الاسكواش الدولية منذ عقود.

بدأت الحكاية مع جلب الإنجليز اللعبة إلى مصر، في أوائل عشرينات القرن الماضي، وذلك بعدما شيدوا ملاعب للاسكواش للترفيه عن الضباط الموجودين في القاهرة والإسكندرية في ظل فترة الاحتلال البريطاني لمصر.

بعد فترة ليست بالكبيرة، تفوق المصريون على البريطانيين في اللعبة التي جلبوها معهم، حيث حمّل الدبلوماسي المصري عبد الفتاح عمرو باشا مضرب الاسكواش بعدما ابتُعث إلى بريطانيا في عام 1928.

وبحلول أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، أصبح عمرو باشا أول لاعب اسكواش غير إنجليزي يفوز ببطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش، التي كانت تعادل آنذاك بطولة العالم في اللعبة.

حافظ الرجل على اللقب حتى اعتزاله في عام 1938، دون هزيمة، ليصبح بذلك “أول لاعب اسكواش يهيمن على اللعبة في التاريخ”، وفق موقع الاتحاد الدولي لمحترفي الاسكواش.

سلم عمرو باشا راية الصدارة إلى أسطورة الاسكواش المصري آنذاك محمود عبد الكريم، الذي توج ببطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش أربع مرات في أربعينيات القرن الماضي.

وفي تسعينيات القرن الماضي، صنعت مصر مجدها الحالي في اللعبة.

غاب اللاعبون المصريون عن ساحة الاسكواش في النصف الثاني من القرن العشرين، قبل أن يعودوا بقوة مع اقتراب نهايته في التسعينيات.

النقطة الفاصلة كان البطل المصري أحمد برادة -والذي قدم فيما بعد عدة أدور فنية- بعدما نال شهرته عندما تأهل إلى نهائي بطولة الأهرام الدولية المفتوحة للاسكواش.

احنا ملوك الاسكواش

أحمد برادة في بطولة الأهرام الدولية المفتوحة للاسكواش

مشهد برادة وهو يتفوق في اللعبة، ومن خلفه الأهرامات؛ الهم جيلًا من الأطفال المصريين، ممن سيهيمنون فيما بعد على حلبة الاسكواش العالمية- وقد كان.

أثارت مسيرة برادة الحماس لدى الرياضيين الشباب لتعلم اللعبة، وسرعان ما أصبحت مصر تحصد بطولات العالم عن طريق أسطورتها عمرو شبانة في أوائل الالفية.
تمتلك مصر نحو 400 ملعب، وأقل من 10 آلاف لاعب، وجميع المحترفين يتركزون في نحو 10 أندية في القاهرة والإسكندرية، حسبما كتبت صحيفة نيويورك تايمز، وهو ما يخلق نوعا من التركيز،

ويصنع مجتمعًا متماسكًا للرياضة، حيث تلعب المواهب الصاعدة أمام بعضها البعض ويجري توجيهها من قبل اللاعبين الأفضل في العالم.

قال دانيال كويل، الذي يكتب عن علم النجاح، لصحيفة نيويورك تايمز: “هؤلاء اللاعبون الصغار يرون كيف يلعب العظماء ويتدربون ويأكلون”.

الأرقام التي تم ذكرها أعلاه أقل بكثير من تلك المتواجدة في الولايات المتحدة، حيث يلعب نحو 1.7 مليون شخص الاسكواش في الولايات المتحدة في 3500 ملعب.

كتبت صحيفة نيويورك تايمز: “مدرسة الاسكواش المصري ديناميكية ولا تعتمد على نظام واحد، مع ضربات ساقطة تأتي من العدم، تمويهات مخادعة بالرسغ”.

نمط اللعبة القديم كان يدور حول إطالة اللعب لاستنزاف الخصم بمئات التسديدات بالأعلى والأسفل وبالجدار الجانبي، ولكن ابتكر المصريون أسلوبًا جديدا للاسكواش، وهو “الاسكواش الهجومي”.

هذا الإنجاز الرياضي، لا يقل عن الإنجازات التي يحققها محمد صلاح في الدوري الإنجليزي، ويتطلب جهدًا أكبر من الدولة، لرعاية ودعم اللعبة وأبطالها.