3/4/2022، يقول الأمير الأردني حمزة بن الحسين إنه تخلى عن لقبه “بعد توصله لقناعة شخصية أن الثوابت التي تربى عليها لا تتماشى مع النهج والأساليب الحديثة لمؤسسات الدولة”.

ملامح القصة بدأت في 2004، عندما أعفاه أخاه الملك عبدالله الثاني من ولاية العهد.

في رسالة العاهل الأردني لأخيه غير الشقيق نوفمبر 2004، جاء أن السبب لأخذ هذه الخطوة كان ترتيب البيت الهاشمي ورغبة منه أن يكون الأمير حمزة “أكثر حرية وقدرة على الحركة والعمل والقيام بأي مهمات أو مسؤوليات أكلفك بها” بحسب البيان الملكي.

الأمير حمزة بن الحسين

ملك الأردن عبد الله الثاني (إلى اليمين) يستقبله أخوه الأمير حمزة في عمان 25 مايو 2004 بمناسبة الذكرى 58 لاستقلال الأردن. غيتي

في 2021، وقعت حادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ الأردن، تمثلت باتهام الأمير حمزة بالوقوف وراء مخطط لزعزعة أمن واستقرار الدولة، بالتعاون مع الشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله (أردنيان، الأول لم يكن معروفا قبل الحادثة للأردنيين، أم الآخر فكان رئيسا للديوان الملكي الأردني).

المهم هو ما حدث للأمير بعد ذلك، العاهل الأردني قرر التعامل معه في “إطار العائلة”، ليقدم بعدها حمزة اعتذارا خطيا عما حدث.

لكن بعد أقل من شهر على رسالة الاعتذار جاءت رسالة التخلي عن اللقب.

وللغوص أكثر في تداعيات هذه الرسالة وأسبابها، تحدثت مع الكاتب والمحلل السياسي رومان حداد، وقال لي إنه “وحسب الرسالة الأمر يذهب إلى أن الأمير حمزة غير موافق على إدارة الدولة، ويرى أن هناك سببا آخر وهو رغبته في الحكم وليس رغبته في الإصلاح، وهذا هو سبب مناكفة الأمير حمزة لجلالة الملك”.

ويرى “حداد” أن الأمير لو كان يريد الإصلاح لذهب إلى الملك من خلال الأبواب الكثيرة المتوفرة بينهما لإبداء رأيه وإيصال ما يريد، وذكر هنا الأمير حسن بن طلال (عم الملك) الذي يستخدم هذه الأبواب لإبداء رأيه في الأحداث التي تدور في الأردن وخارجه، “ولكن الأمير حمزة لا يريد تقديم النصيحة أو الإصلاح وإنما يرغب بالحكم”، يقول رومان حداد.

الأمير حمزة والأمير حمزة

العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني (في الأمام على اليمين) والأمير حسن بن طلال-عم الملك (في الأمام إلى اليسار) بحضور الأمراء من بينهم الأمير حمزة، يزورون ضريح العائلة المالكة الهاشمية بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الأردن في عمان ، 11 أبريل 2021. غيتي

وحول تداعيات هذه المسألة، قال الكاتب والمحلل السياسي (حداد) إن هذه الحالة تمثل خطرا على الدولة، لأنها جديدة على العائلة الهاشمية التي يمتد عمر حكمها في البلاد لأكثر من 100 عام.

وأشار إلى أن الأمير حمزة اختار هذا التوقيت الحرج الذي تمر فيه المنطقة وخاصة على الضفة الأخرى من النهر، “لزعزعة أمن الأردن ولكسب الشعبية، دون أن يراعي المصالح العليا للدولة”.

الموضوع لا يناقش في المساحات العامة، ولكن إعلان التخلي عن لقب الأمير يخالف قانون العائلة المالكة، ويخالف الدستور كذلك لأن الملك هو الوحيد الذي يمنح ويسحب لقب الأمير من أي فرد من أفراد العائلة، يضيف حداد.

الأمير حمزة.. من "الحرية" إلى التخلي عن اللقب

وحول مصير هذه التطورات، يقول رومان إن العائلة الهاشمية تتميز بالتسامح، وقد تنتهي هذه المسألة داخل العائلة، أما السلطات فهي تتريث وتتعامل بهدوء معها لأنها حالة جديدة عليها.

الأمير حمزة قال في رسالة التخلي عن اللقب، إن هذه الخطوة جاءت “من باب الأمانة لله والضمير لا ارى سوى الترفع والتخلي عن لقب الامير”.

القصة برأيي تحتمل أن نخوض فيها من الزاوية النفسية، لمعرفة الدوافع لمثل هكذا قرارات، لذلك توجهت إلى الدكتور موسى مطارنة استشاري نفسي واجتماعي وأسري، بسؤال حول توصيف هذه الحالة من الناحية النفسية، وأجاب “أسباب تخلي الأمير حمزة حتى الآن ليست واضحة، ولا يوجد أي رد رسمي حول الرسالة التي نشرها على تويتر، ولكن بشكل عام، الإنسان عندما يتنازل عن شيء يأتي من الزهد فيه ومن الاستحقاق الذاتي أو النفسي، وأن هذا اللقب لا يمثل له شيئا في داخله، وأنه هو كشخص أكبر من أي لقب، مثل الدكتور الذي تتحدث معه وتخاطبه بلقبه، فيقول لك أنا دون الدكتوراة موجود”.

 

يقول المطارنة إنها قد تكون حالة من جلب الاهتمام، “فقد أتنازل عن شيء لجلب الاهتمام أو الحصول على الشعبية أو التصفيق الحار لأني أقدم شيئا كبيرا”، مضيفا أن “الأمر يعود لتكوين الشخصية، فالشخصية التي تنشأ وهي لديها مكانة أو موقع ولقب، قد تتخلى عنه لاحساسها بأنها أكبر منه أو تريد الاستعراض لجلب الانتباه أو لتوليد موقف معين أو لإثبات شيء محدد”.

الأمير حمزة.. من "الحرية" إلى التخلي عن اللقب

من المؤكد أن هذه القصة لم تنتهِ بعد، وتداعياتها ستستمر، لكن الأمير حمزة ما يزال يحمل اللقب لأن العاهل الأردني لم يسترده منه حتى الآن.