• موارد الصين الطبيعية تنفد.
  • الصين أكبر مستورد صاف للطاقة عالميا.
  • الصين أكبر مستورد للمنتجات الزراعية في العالم.
  • انهيار مستمر في البنية التحتية الصينية.
  • تراجع حاد في معدلات النمو الاقتصادي.

كثرت في الفترة الأخيرة المقالات والتحليلات والتعليقات في وسائل الإعلام الغربية ومن مراكز الأبحاث والدراسات حول الصين، وفي الوقت الذي يحذر فيه الساسة في الغرب من خطر صعود الصين عالميا وزيادة قدراتها العسكرية والتكنولوجية، نجد أغلب التحليلات تتوقع إنهيار الصين ونهاية نموذجها الاقتصادي المبهر. وربما لهذا التناقض ما يبرره لدى الغرب، الذي طالما كان ذلك موقفه من الإرهاب في منطقتنا في وقت ما ولا يزال.

إنما ما يهم بقية العالم غير الغرب، وخاصة في منطقتنا التي تقع في قلب محاولات النفوذ المتصارع للقوى الكبرى، هو ما يجري للصين وتوقعات مستقبلها ليس فقط كقوة آسيوية ولكن على نطاق أوسع. خاصة وأن المشروع الرئيسي للرئيس الصيني شي جين بينغ، مبادرة الحزام والطريق، يعني توسع الصين في علاقاتها مع دول المحيط الآسيوي والشرق الأوسط وافريقيا وما هو أبعد.

ومن المهم لدول منطقتنا وهي تتعاون مع الصين أن تكون على دراية بأوضاعها وتعتمد في اتخاذ قرارتها على توقعات مبنية على مدخلات منطقية سليمة. خاصة وأن الصين كي تحافظ على معدلات نموها تحتاج إلى المواد الخام، التي غالبا ما تحصل عليها من دول العالم النامي، كما تحتاج سوقا لمنتجاتها وشركات أعمالها. في المقابل، يعتمد الصينيون في علاقاتهم مع دول العالم الأخرى على ألا يثيروا اي قضايا كالتي يثيرها الغرب من قبيل الحكم الرشيد وحقوق الانسان وغيرها. وكان ذلك مدخلهم للتوسع في افريقيا للحصول على المواد الخام والتعاقد على مشروعات هائلة لشركاتهم.

في مقال مهم بمجلة فورين أفيرز كتب اثنان من اساتذة العلوم السياسية كلاهما من معهد إنتربرايز اليميني في الولايات المتحدة عن نهاية صعود الصين.

وخلصا إلى ” أن موارد الصين تنفد. لقد اختفى نصف أنهارها، وترك التلوث 60 في المئة من مياهها الجوفية غير صالح للاستخدام الآدمي، باعتراف الحكومة الصينية نفسها. كذلك جعلها التطور الذي حدث بسرعة كبيرة، أكبر مستورد صافٍ للطاقة عالميا. في المقابل، يشهد الأمن الغذائي تدهورا. في الحقيقة، دمرت الصين 40 في المئة من أراضيها الزراعية من خلال الإفراط في الاستخدام، وأصبحت أكبر مستورد للمنتجات الزراعية في العالم. وبسبب ندرة الموارد، صار النمو مكلفا للغاية، إذ بات تحقيقه يستلزم من الصين أن تستثمر ثلاثة أضعاف رأس المال الذي استثمرته في السنوات الأولى من القرن العشرين، ما يشكل زيادة تفوق بكثير ما يكون متوقعا لدى نضوج أي اقتصاد وتطوره”.

الصين دمرت 40 في المئة من أراضيها الزراعية من خلال الإفراط في الاستخدام، وأصبحت أكبر مستورد للمنتجات الزراعية في العالم

هل يعني ذلك أن الصين ونموذجها في التنمية والتطور على طريق الانهيار؟ ليس بالضرورة.

إنما لا شك في أن مسارها الصعودي منذ ثمانينيات القرن الماضي وسياسة التحول الاقتصادي التي أطلقها دنغ شياو بنغ استوى منحناه أفقيا وربما يأخذ في الانحدار. وهذا أمر مفهوم، فالاقتصادات تمر بمراحل نمو وتصحيح مثل الأسواق.

لكن ما شهدته الصين مؤخرا من تراجع في معدلات النمو، من متوسط فوق العشرة في المئة سنويا قبل سنوات إلى نحو ستة في المئة قبل وباء كورونا وإثنين في المئة فقط العام الماضي يشير إلى تسارع هذا التصحيح الاقتصادي. وبغض النظر عن الأرقام والبيانات، التي لا يوثق فيها كثيرا حين تصدر عن حكومة يهيمن عليها الحزب الشيوعي الصيني ولجنته المركزية، إلا أن هناك مؤشرات أكثر دقة على هذا التراجع.

حين ضربت الفيضانات والسيول وسط الصين ومناطق أخرى في شهر يوليو الماضي انهارت السدود والجسور ودمرت البيوت وتضررت ونزح الملايين من مواطنهم. ولم يكن الإعلام الصيني معنيا سوى ببث “توجيهات السيد الرئيس”. أما الأخبار فتناقلها الناس مما صوره المتضررون ونشروه على مواقع التواصل وأكدته وسائل الإعلام غير الحكومية.

يوجد في الصين أكبر عدد من السدود في العالم، نحو 98 ألف سد، وأغلبها بني في الخمسينيات والستينيات. لكن الواضح أن استثمار الحكومة في الصيانة لم يكن بالقدر الكافي. أو أن تلك الصيانة ليست بالجودة التي تحافظ على تلك السدود في مواجهة الكوارث الطبيعية التي يفترض أنها تحمي السكان من أضرارها. لم يقتصر الأمر على السدود والجسور، بل انهارت مدارس وتضررت مئات آلاف البنايات. وفي الاجمال، كانت نتائج فيضانات شهر يوليو وفاة 185 شخص وتضرر 55 مليون شخص وتدمير 41 ألف بيت وتضرر 368 ألف بيت آخرين.

أفبعد كل هذا الذي ترى، يمكن أن يركن آخرون في الخارج لانشاءات تنفذها شركات صينية؟ هل نتصور أن استثمار الصين المليارات في مشروعات بنية تحتية في دول آسيوية وافريقية ستنتج عنه مبان ومنشآت تصمد أمام أي حدث طارئ؟

الأمر يشبه إلى حد كبير ما كان الناس يتندرون به قديما بشأن الأجهزة الكهربائية، فيقولون هذا “ياباني أصلي” بينما هذا “تايواني تقليد”. لا عجب أن تايوان كانت جزءا من الصين الكبرى واستقلت عنها. قارن الآن بين سيارة ألمانية أو يابانية وأخرى صينية. قد تبدو الأخيرة بذات الفخامة والسلاسة، لكن بعد استخدام قليل لاحظ الفارق بين الاثنين.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن