الى كندا وصلت بعض الأيزيديات الناجيات من تنظيم داعش، التقيت بعضهن في أحد المراكز الخاصة لتهيأتهن نفسياً وجسدياً وأيضا لمساعدتهن على الاندماج في المجتمع الكندي.

سمعت منهن قصصاً أليمة ومخيفة، مهما قرأنا عنها أو شاهدناها على التلفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي, فهي مختلفة تماما عندما ترويها إحداهن وجهاً لوجه وسأروي بعض ما سمعته منهن..

قابلت فتاة عمرها أربعة عشر عاما كانت قد وصلت قبل أيام الى كندا لتنضمّ إلى أسرتها التي سبقتها، لم تعلم عائلتها أنها كانت على قيد الحياة. وصلوا إلى كندا بدونها , وبعد فترة وخلال تواصلهم مع الأيزيديين في العراق اكتشفت العائلة أن ابنتهم التي اختطفها التنظيم بعمر الثماني سنوات كانت موجودة . ونجحت العائلة في دفع مبلغ لتحريرها ثم التواصل مع الأمم المتحدة للمّ شملها مع أسرتها.

الفتاة كانت تشتكي من آلم في كل جسمها بسبب الضرب , كانت قليلة الحديث , والصدمة والخوف يخيمان على وجهها. والدتها التي كانت تجلس إلى جانبها لم تجف دمعتها من البكاء. تقول الفتاة إنها لا تستطيع أن ترى أي شخص لديه لحية. ومنذ تحريرها من داعش ولغاية اليوم الذي قابلتها به , وهي تخاف من رؤية أي شخص ملتحي , وقد يغمى عليها وتفقد وعيها من الخوف، لأنه يذكرها بالإرهابيين..

كما التقيت شابة أيزيدية لا تزال تعيش حتى الآن على المسكّنات والدوية التي تساعد على النوم. مشاهد مرعبة في ذاكرتها .. ضرب واغتصاب وعبودية ..تمّ بيعها أكثر من مرة .

لا تتحدث عن تفاصيل حياتها وما عاشته في فترة احتجازها لأنها تمر بحالة اكتئاب منذ اسابيع..كانت مواقف صعبة بالنسبة إلي عندما أستمع لشابة جميلة وهي تتحدث عن بيعها في زمن أصبحت فيه المرأة تساوي الرجل في كل مفاصل الحياة.. لم أستطع أن أخفي دموعي..

وهنا أتساءل مثلما سألني بعض الأيزيديات كصحيفة , متى ستحرر الحكومة العراقية باقي المختطفات والمختطفين الذين ما زالوا محتجزين لدى تنظيم داعش؟

الحكومة التي أعلنت أن الثالث من أغسطس من كل عام هو يوم وطني، لكنها حتى الآن لم تسعى لتحرير ما تبقى من المختطفات والمختطفين ولا حتى تحقيق العدالة لهم.. أما مشروع قانون الناجيات الأيزيديات الذي صوّت عليه مجلس النواب بالإجماع , فقد بقي حبر على ورق.. وهذا ما دفع بعض الشخصيات السياسية أن تطالب الحكومة بالعمل على تفعيل هذا القانون لما له من آثار إيجابية بإنصاف هذا المكون مادياً ومعنوياً, ويكون محاولة لإزالة الآثار السلبية التي خلّفها تنظيم داعش على ضحاياه. كما طالب بعض المسؤولين بفتح المقابر الجماعية والتعرف على رفاة الشهداء.

ولا يزال المكون الأيزيدي يطلب من الحكومة ومن المجتمع الدولي تحرير مختطفيه الذين يحتجزهم داعش في سجونه وأنفاقه تحت الارض , والتي بحسب مراقبين تتطلب جهدا أمميا ودوليا كبيرا.

مرّت سبع سنوات على هذه الكارثة.. ففي الثالث من أغسطس عام 2014 شن إرهابيو داعش هجوما على الأيزيديين في سنجار.. قتلوا آلاف الرجال واختطفوا واعتدوا واغتصبوا نساءهم، هجروا قسراً نحو 130 ألفا عن مدنهم ، وحتى يومنا هذا لا يزال هناك نحو ثلاثة آلاف مختطفة ومختطف.. ما فعله التنظيم الإرهابي بالأيزيديين لم يوثّقه التاريخ من قبل، فقد فرّق النساء عن الرجال من أجل اغتصابهن بل وتاجر بهن في أسواق النخاسة , حتى أنه فتح آنذاك أسواقا على مواقع التواصل لبيعهن, وكانت طريقة أخرى للتمويل، بقي يستخدمها حتى الان.

الفدية والبيع لتحرير مختطفة أيزيدية , حيث يطلب داعش فدية من أهلها لتحريرها أو بيعها إن لم تكن لها عائلة.. وهذا ما يبرر ما نسمعه بين حين وآخر عن تحرير مختطفة.

سنجار التي عانت ظلم داعش لا تزال مهددة بسبب التوتر السياسي المستمر, وبسبب تدخلات إقليمية لتصفية حسابات, حيث تقع سنجار على بعد 80 كيلومترا شمال مدينة الموصل , ويشكل هذا القضاء مثلثا يجمع العراق بتركيا وشمال سوريا غربا , ما يجعلها منطقة استراتيجية مهمة ، ولا يزال هناك الكثير من النازحين الأيزيدين لا يستطيعون العودة الى سنجار بسبب هذا التوتر السياسي.

سنجار قبل عام 2014 كانت من ضمن المناطق المتنازع عليها بين بغداد وكردستان، تسكنها غالبية أيزيدية إضافة إلى عرب وأقليات بينها تركمان، ولا تزال البلدة تعيش عدم استقرار يقطع الطريق أمام عودة النازحين لمناطقهم.

وبعد طرد داعش من سنجار وسيطرة قوات كردية وفصائل من الحشد الشعبي على سنجار والمناطق المحيطة بها, يقول الأيزيديون أن هذه التشكيلات تساهم في عرقلة عودة النازحين الى سنجار.

 

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن