أتت جائحة لم نراها و لم نكن نتوقعها أبدا و غيرت العالم. و كنا نستهزئ من حجمها في البداية حيث كنا نراها فقط مثل أخبار زائفة تمر على مواقع التواصل الاجتماعي.كنا خاطئين في نظريتنا و لم نكن سبقنا المشكلة منذ الفرصة الأولى.
اليوم، هناك أكثر من أربعة ملايين من البشر، أخواننا و أخواتنا، أناس أعزاء علينا، فقدوا الحياة بسبب هذا الفيروس الذي لم يرحم ولا واحد منا. هذه الجائحة خطفت منا الكثير و خطفت خاصة حب الحياة و عاداتها و تقاليدها التي كانت تجعلنا نكون سعداء.
رغم كل هذه الصعوبات، لا يزال يوجد الأمل. مع توفير التطعيم و احترام الإجراءات الاحترازية، بدأت أيامنا تعود إلى مثل ما كانت قبل الوباء؛ بالتأكيد يقوم ذلك على خطوات تدريجية لكن بدأنا نرى النور بعد النفق الطويل ؛ نفق غادرنا فيه الكثير و الكثير من الاناس الطيبين. هؤلاء اللأشخاص الذي فقدناهم اليوم يحملونا مهمة تاريخية ؛ مهمة كي نستذكرهم مدى السنوات و القرون، مهمة كي نحافظ على أنفسنا و على عوائلنا و أقاربنا و أصدقائنا.
خلال هذه اللحظات، يدور الحديث حول الأوضاع الصعبة التي تمر عبرها بعض الدول تجاه الوباء. الحلول تأتي عبر الحوار الديبلوماسي حيث يتم مناقشة هذه المواضيع في المؤتمرات العالمية و القمم الدولية. كنت قبل ساعات أتحدث مع صديقتي سعادة السفيرة بيلين آلفارو، سفيرة مملكة إسبانيا الشقيقة، و كنا قد ناقشنا كل ما تغير في العالم الديبلوماسي خلال الأشهر الماضية. كل هذه اللقاءات عبر ما نسميه “الزوم” أو “الويبيكس” أو “الاتصال المرئي” بعدتنا من بعضنا البعض و خلقت حواجز لم نكن نراها من قبل. تلك الحواجز التي تعطل القرارات و العلاقات الدولية.
كان يعرف عالمنا بقوته بفضل عمق العلاقات الدولية و فتح الحدود بين البلدان حيث ينمي ذلك التبادل الثقافي و اكتشاف الآخر، تغير كل ذلك.
كانت لي العديد من اللقاءات عبر الإنترنت لكن لم تكن هذه اللقاءات مثل ما اعدت عليه سابقا عندما كنت ازور الصفوف الأمامية في كل المناطق حول العالم ؛ عندما كنت أتعرف على قيم و مبادئ كل البلدان المختلفة ؛ عندما كنت أعود إلى منابع الإلهام لكتابة كتبي و قصصي. لا شيءٍ يعوض الديبلوماسية الحضورية بين الإنسان و الآخر لانها أساس العلاقات و الحيوية. قوتنا في حيويتنا.
اليوم، يجب أن يتجمع العالم على طاولة الحوار و المناقشة كي نساعد بعضنا البعض على تجاوز هذه المطبات الصعبة. مررنا عبر الأوقات الأكثر صعوبة و تجاوزناها بعد جهود جبارة ؛ علينا أن ننهي هذه المسيرة و أن نضع أيدينا في أيدي البعض لأجل ذلك الهدف.
لدينا هدف مشترك و هو أن تعود الحياة إلى طبيعتها. النشاط الديبلوماسي توقف مثل كل النشاطات الأخرى و نحتاجكم كي تتحسن الوضعية. احترموا الإجراءات الاحترازية و الحياة سوف تنتصر على الوباء !