أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (نهاد الجريري)
كنت أستمع للمقابلة التي أجرتها الزميلة ميسون بركة من أخبار الآن مع الشيخ حاتم علي السليمان، شيخ عشار الدليم وأحد أبرز المتحدثين باسم السنة في العراق. لفتني ما أعتقد أنه تحول في خطاب الرجل؛ تحول يعكس تردي الوضع في غرب العراق منذ اجتياح داعش.
قبل بضعة أشهر كان السليمان يصر أن “داعش ليست هي المشكلة” وإنما المالكي، رئيس الوزراء العراقي السابق، هو المشكلة. وكان يصرّ “لن نقاتل داعش بالنيابة عن المالكي” وأن “السيطرة لأبناء العشائر … ومتى طلب منا إعادة السيطرة سترون من المسيطر”. وكان يرد على التخوف من اختراق داعش لثورة العشائر في المنطقة بأن “قمنا بثورة عشائرية وستبقى ثورة عشائرية” وأنه “عندنا قدرة عسكرية لإسقاط المالكي.” وكان يصر أيضاً على عدم وجود أي تدخل خارجي لمواجهة داعش وأن العشائر قادرة على مواجهة إرهاب داعش ولكن “بعد” تحصيل الحقوق من بغداد. وكان يعتبر السليمان أن “من العيب” التفكير في داعش كقوة مسيطرة على الأنبار وغيرها.
وحقيقة هذا كان موقف معظم الشخصيات السنية التي التقيتها في الفترات الأولى لاجتياح داعش. كان ثمة رفض مطلق لاعتبار داعش مشكلة وأولوية في القتال. وقيل لي صراحة “داعش مجرد فصيل واحد يقاتل المالكي ونحن 10 فصائل.” وفي وقت من الأوقات ومع تفاقم جرائم داعش في غرب العراق، قال لي شاب عراقي يعمل في فضائية عراقية “سنية” بأن ثمة “تفكير جدّي بالتحدث عن جرائم داعش الآن واعتبارها أولوية.”
اليوم السليمان يطالب بقوات عربية وليست أجنبية للمساهمة في قتال داعش. واليوم يقر السليمان بأن “ما بدأ ثورة تحول إلى داعش” وأن “حرف القضية سهل جداً بفعل الأجندات الخارجية”.
ما من شك في أن العشائر السنية كانت تعتبر دخول داعش على خط ثورتها ضد ظلم المالكي الممنهج ضد السنة سيعطيها الأفضلية. وما من شك في أنهم كانوا واثقين من قدرتهم على تحجيم داعش كما حدث مع القاعدة قبل داعش على يد الصحوات. وما من شك في أن كل هذا كان قابلاً للتطبيق في الأسبوع الأول ربما من الاجتياح. لكن بعد ذلك فلت زمام الأمور. تغيرت الحكومة في بغداد. وهذا كان أمراً محموداً وإنجازاً يُحسب للعراقيين جميعاً. لكن العشائر لم تبنِ عليه أو تحسن استثماره ولو مرحلياً. ولم تستثمر في تحالف متين مع الأكراد في كردستان. كان يجب التحرك سريعاً ضد داعش مع مجرد ظهور بوادر التغيير. ومن ثم الانتقال إلى المرحلة التالية.
أحكم داعش سيطرته على مقدرات المنطقة من آبار النفط إلى البنوك. ولم يستغرق طويلاً ليكشف عن وجهه الحقيقي تجاه سنة العراق. مطلع الشهر سيطر داعش على مدينة هيت في الأنبار. ويوم أمس أعدم حوالي 50 من أبناء المدينة ممن حملوا السلاح ضد داعش. وهذا سيناريو مكرر عمّا حدث في دير الزور السورية قبل شهرين عندما أعدم داعش المئات من أبناء الشعيطات.
ومرة أخرى يكمن الحلّ اليوم في بغداد. لا بد من إعادة إحياء الصحوات وتوفير الدعم المطلق لهم على الأرض؛ مع كبح المليشيات الشيعية التي لا تقل إرهاباً عن داعش. ربما عندها تستقيم الأمور.