تقرير لليونيسف يكشف عن معاناة أطفال لبنان

  • شهد لبنان ارتفاع نسبة العنف في المنازل والمدارس
  • 84 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من المال

نشرت منظمة اليونيسف في بيروت، تقريرها نصف السنوي، الذي تراقب من خلاله واقع الأطفال في لبنان في ظل الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية، وذلك من خلال مؤتمر صحفي في بيروت، بعنوان “الطفولة المحرومة: معاناة الأطفال في لبنان المنهك من ثقل الأزمات”.

ووفقا لـ “اليونيسف” فقد أدّى مرور ثلاثة أعوام من الأزمات المدمرة المتتالية في لبنان إلى سقوط الأطفال في دوامة من الفقر، ما أثّر سلباً على صحتهم ورفاههم وتعليمهم، وأدى إلى تدمير أحلامهم وزعزعة العلاقات الأسرية.

التقرير أظهر أن نتائج التقدّم الكبير الذي أحرزه لبنان نحو توفير الحقوق الأساسيّة للأطفال، بما في ذلك حقّهم في الصحّة والتعليم والحماية واللعب والترفيه، تراجعت بشكل كبير بسبب الأزمة الاقتصادية وتزامنها مع جائحة كوفيد-19.

وتسبب الغلاء الفاحش في الأسعار وانتشار البطالة في البلاد بسقوط آلاف العائلات فيما وصفته اليونيسف بـ “فقر متعدد الأبعاد”، وهذا المصطلح هو تعبير عن مفهوم جديد للفقر، قائم على أبعاد عديدة من أوجه الحرمان، ما أثّر بشدة على قدرتها على توفير الاحتياجات الأساسيّة لأطفالها.

كما واستند التقرير إلى دراسة أجرتها المنظمة الأممية حول فقر الأطفال، معتمدا على تقييم سريع يُركّز على الطفل، أظهر أن الأطفال في لبنان يدركون تماما تأثير الأزمة على حياتهم وتطلعاتهم وعلى مسار الدولة، ما أدى إلى تلاشي أحلامهم بمستقبل أفضل في لبنان، حيث باتوا يعتقدون أن الهجرة هي الأمل الوحيد.

غياب الثقة بالوالدين

أثرت هذه العوامل وفقاً للتقرير بقوّة على صحّة الأطفال النفسية الذين أصبحوا يعجزون، في معظم الحالات، عن الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها، وفي موازاة ذلك، يشعرون بالإحباط، بعدما فقدوا الثقة في الوالدين لعدم قدرتهما على تلبية احتياجاتهم الأساسيّة، ما يؤدي بدوره الى زيادة التوترات داخل العائلات.

وأصبحت العلاقات التقليدية بين الطفل ووالديه، مع تزايد إرسال الأطفال إلى العمل وبطالة الأهل المتمادية، في خطر، بحسب الدراسة، فيما العلاقات التقليدية بين الجهتين باتت هشّة ومعرضة للدمار.

كما أدّت التوترات المتصاعدة، التي عززها الانقسام الحاد في الآراء والتوجهات داخل المجتمع نفسه وبينه وبين المجتمعات الأخرى، وفق التقرير، إلى ارتفاع نسبة العنف في المنازل والمدارس، وهذا ما جعل الأحياء والشوارع غير آمنة، ومنع الطفل من ممارسة حقّه في اللعب.

"الطفولة المحرومة".. أطفال لبنان فقدوا حتى الثقة بوالديهم

الاشتباكات التي تشهدها لبنان خلال فترات متقطعة أثرت على الأطفال هناك. (غيتي)

ممثل اليونيسف في لبنان، إدوارد بيجبيدر، قال إن “الأزمة المتعددة الأبعاد تؤثر على حياة الأطفال من مختلف جوانبها، فيكبر هؤلاء من دون طعام كاف ولا رعاية صحيّة مناسبة ويضطرون، في حالات عديدة، إلى العمل لإعالة أسرهم”.

وأضاف خلال المؤتمر الصحفي أنّ الإصلاحات الجديّة والحاسمة ضرورية لحماية مستقبل الأطفال، حيث “يجب على الحكومة اللبنانية تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية العاجلة، وضمان وصول كل طفل إلى التعليم الجيّد وتعزيز الرعاية الصحيّة الأوليّة وتوفير خدمات حماية الطفل”.

نتائج مؤسفة

التقييم الذي أجرته المنظمة من خلال استطلاع عبر الهاتف، في الفترة الممتدة من 13 إلى 27 يونيو 2022، وشمل 1500 أسرة لديها طفل واحد على الأقل، تتوزّع بين 700 لبناني و300 لاجئ سوري و400 لاجئ فلسطيني، كشف عن نتائج مؤسفة لناحية مصاريف الأسر وتكاليف المعيشة.

وتبين أن 84 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من المال لتغطية ضرورات الحياة في لبنان، فيما خفّضت 38 في المئة من العائلات نفقات التعليم مقارنة بنسبة 26 في المئة في أبريل 2021.

بالإضافة إلى ذلك خفّضت 60 في المئة من العائلات الإنفاق على العلاج الصحي، مقارنة بـ 42 في المئة في أبريل 2022. بينما تسدد 70 في المئة من العائلات حاليا كلفة شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض المباشر. ويشعر 36 في المئة من مقدمي الرعاية بأنهم قد أصبحوا أقل تسامحاً مع أطفالهم وعاملوهم بقسوة أكبر.