ملايين السوريين يستذكرون مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية

  • يستذكر ملايين السوريين، يوم 21 أغسطس/آب من كل عام
  • ذكرى واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد، وهي مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية
  • راح ضحيتها حوالي 1400 مدنيّ سنة 2013

 

يستذكر ملايين السوريين، يوم 21 أغسطس/آب من كل عام، ذكرى واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد، وهي مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية، والتي راح ضحيتها حوالي 1400 مدنيّ سنة 2013.

وقبيل ثلاثة أيام من الهجوم، كانت بعثة مفتشين دوليين قد وصلت سورية، للتحقيق بثلاثة هجمات كيميائية اتُهم فيها النظام في كل من خان العسل (حلب)، والعتيبة (ريف دمشق) وحمص، إلا أن ذلك لم يشفع للغوطة من تلقي الهجوم الرابع والأعنف إلى الآن في تاريخ الهجمات الكيميائية التي شنّها النظام ضد السوريين منذ بدء الثورة عام 2011، وبدا النظام وكأنه يحاول إظهار غطرسته وتعنته في وجه الجهود الأممية والدولية، فوجّه ضربته الكبرى بوجود البعثة الدولية في البلاد.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

وفي حديث خاص للان يقول احمد المحمود نازح من ريف ادلب الجنوبي يقول اننا هنا اليوم نحيي الذكرى السنوية التاسعة لمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية كوننا شاهدنا هذه المجزرة المروعة وايضا شاهدنا مجزرة خان شيخون التي راح ضحيتها الكثير من الشهداء والأطفال الأبرياء نحن اتينا إلى هنا كي للتأكيد أننا لن نتراجع عن ثورتنا ومطالبتنا بإسقاط النظام السوري لأننا  فقدنا الكثير من الأصدقاء والأقارب خلال الثورة ولدينا الكثير من المعتقلين هذه الأسباب تدفعنا دائماً كي لا ننسى ولا نتراجع عن ثورتنا حتى يسقط النظام السوري ويتم محاكمته على جميع الجرائم.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

من جهتها، قالت فرق “الدفاع المدني السوري” أو ما تعرف بـ(الخوذ البيضاء): “قبل تسع سنوات، ناموا ليلتهم الأخيرة للأبد، كانوا على موعد مع أكبر مجزرة بالسلاح الكمياوي ارتكبها نظام الأسد، ليلة ليست كغيرها من الليالي، الأنفاس فيها سمٍ قاتل، تزاحمت الأرواح على أبواب السماء، وبكى الموت قهراً، عبثاً يحاول المجرمون نزعها من الذاكرة”.

يتحدث فادي الاحمد مهجر من ريف دمشق إلى إدلب يقول لأخبار الآن اننا قبل تسع سنوات من الآن عشنا أبشع المجازر التي شهدها التاريخ كان يوم مخيف فقدنا الكثير من الأصدقاء والأقارب ولم نعرف أين تم دفنهم بسبب كثرة عدد الضحايا في هذه المجزرة ومنذ تسع سنوات إلى الآن لايزال المجرم الذي نفذ هذه المجزرة طليقا والعالم يشاهده كيف قتلنا وما زال يقلتنا إلى الآن.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

يضيف أننا نحن هنا كسوريين لن نتراجع عن الثورة السورية حتى يسقط النظام ويتم محاسبة بشار الأسد ونرى سوريا حرة ونطالب المجتمع الدولي بمحاسبة هذا المجرم.

وبحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” (غير حكومية)، فإن النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي 217 مرة ضد مناطق سيطرة المعارضة منذ بدء الأزمة في سوريا منتصف مارس/ آذار 2011.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

وكما يروي قصته حافي العيسى وهو أحد المدنيين الذين شاركوا في عمليات الإنقاذ وإخراج الجثث.. كان يوم القيامة! حيث سمعنا في البداية يومها أن النظام يقوم قام بقصف جوبر وزملكا وعين ترما والأحياء المجاورة لها ولكن كنا قد ظننا أنه خبر قصف اعتدنا عليه ولكن سرعان ما أصبحنا نسمع عبر أجهز اللاسلكي بوصل تعميم آخر يفيد أن القصف كان بالسلاح الكيماوي، وبصفتي مسعف أولي قد اكتسبت هذه الخبرة في بداية الثورة خلال إنقاذ المتظاهرين من القنابل الغاز المسيل للدموع في بداية الثورة شعرت يومها أنه يجب على الذهاب لإنقاذ الناس حيث أعتبر ما أتذكره هو أهوال يوم قيامة هرعت نحو المناطق القريبة منيزملكاوعين ترما وأصبحت مع مجموعة من المدنيين نكسر أقفال أبواب المنازل ونجد عائلة بكاملها قد قتلت ما أتذكره حتى اليوم كان هناك امرأة تحمل طفلها الرضيع وهي تقوم بإرضاعه وقد اختنقت وهي ما زالت تحمله وكاشفة عن صدرها أمام رضيعها المخنوق بجانبها

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

ويتابع حديثه أنه بعد ساعات طويلة من إنقاذ العوائل وتركهم امام النقاط الطبية القريبة, كان يجب على العودة إلى عين ترما حيث يعيش معظم أقاربي وعندما ذهبت إلى هناك وجدت قد قتل عمومي جميعهم مع عوائلهم كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي خاصة أنني عشت بيوم كله صدمات أثرت على نفسيتي حتى اليوم ودائما أحاول التهرب من تذكر ما حصل لأن ما حصل ما هو إلا تشبيه ليوم قيامة أو نهاية العالم حسب ما يصف

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

وقال مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية”، في بيان: “يصادف الواحد والعشرين من آب الجاري الذكرى السنوية التاسعة لمجزرة الغوطة الشرقية التي صنّفت كواحدة من أفظع الجرائم رعباً والتي ارتكبت بحق المدنيين في سورية، ورغم مرور تسع سنوات على هذه المجزرة إلا أن مشاهدة الموت خنقاً ما زالت راسخة في أذهان السوريين وذوي الضحايا”.

وتابع البيان: “لقد تهاون المجتمع الدولي في التعاطي مع هذه المجزرة وتجاهل محاسبة مرتكبيها واكتفى بسحب جزء من مخزون الأسلحة الكيميائية مما أدى إلى تعميق مأساة السوريين المستمرة”. وأضاف: “في هذا اليوم يتوجّه مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية بعزائه لأهالي الضحايا، ويجدد مطالبه للمجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته تجاه هذه المأساة، والسعي بشكل جدي للعمل على تحقيق العدالة، ويطالب الدول الفاعلة في مجلس الأمن للممارسة ضغوط مباشرة سعياً لوقف الإجرام ومحاسبة المتورطين، ودعم الانتقال السياسي وفقاً لبيان جنيف، وقرارات مجلس الأمن الدولي رقم (1212) و(2254)”.

وطالب البيان في ختامه، “الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية بالتمعّن تجاه التزاماتهم بالاتفاقية والنظر حول إمكانية إحالة الملف السوري إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة أو تشكيل كيان قضائي يضمن محاكمة الأشخاص المتورطين بنقل وحيازة وتصنيع واستخدام أسلحة الدمار الشامل”.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

ويتحدث أسامة اللحام وهو ممرض في احد النقاط الطبية في حمورية في ريف دمشق الغوطة عما حدث يومها يقول مع إمكانيتي وخبرتي المتواضعة في العمل الطبي حيث كنت قبل أشهر فقط تخرجت من دورة إسعاف أولي وبدأت ممارسة المهنة ويومها كنت أظن أنه سوف تأتي أشخاص قد غمرتها الدماء ولكن ما أتى كان مختلف حيث كانت حالات مختلفة جدا ولم أكن على علم على التعامل معها وأصبح يتم إنزال المئات إلى نقطة طبية لا تتسع لعشرات المصابين وهذا ما جعلني عاجز عن فعل أي شيء كان المسؤول عني في النقطة الطبية يصرخ بوجهي كي أخرج من الجمود الجسدي الذي كنت أعيشه، كان الجميع من حولي مدنيين ونساء وممرضين وهم يقومون بعمل أي شيء من أجل أحياء الأشخاص التي كانت بالفعل قد فارقت الحياة شعرت أنني مذنب حين كنت أحاول إنقاذ رضيع وهو يخرج الزبد من فمه شعرت بعد لحظات وقد ألقى أنفاسه الأخيرة أنني المذنب “كنت مستعدًا لأقدم أي شيء مقابل أن أعيد هؤلاء الأطفال إلى عائلاتهم أو أمنحهم فرصة العيش ليوم آخر، كانت صور الأطفال بحالتهم وهم يخنقون سبب لضعف الجميع وعجزهم بالمقابل كانت مصدر للقوة من اجل محاولاتنا بإحيائهم من اجل عوائلهم.

يضيف: “ما كنا نقوم به بعد دخول المئات من الحالات إلى النقطة الطبية خلع الملابس وتوجيه أنابيب المياه القوية تجاههم كنا نرتدي كمامات فقط ولكن لم تكن قادرة على حمايتنا حيث اختنق الكثير من زملائي الممرضين في النقطة الطبية كون رائحة السارين لم تكن تفرق بين مسعف ولا مدني كانت قوية جدا كانت اللحظة الأصعب أنه اختنق مدربي في النقطة الطبية الذي كان يعطيني الأوامر والإرشادات للإنقاذ وأصبحت عاجز تماما بعد أن شاهدت مدربي وهو يختنق ولم أعد أعلم علي أن أنقذه أم أنقذ الأطفال والرضع من حولي كان الجميع من حولي يختنق , زبد يخرج من فمهم , حدقة دبوسية، أصوات الصراخ والبكاء من قبل الأهالي التي تحاول إنقاذ ما تبقى من عوائلها وبعد لحظات تكون هي الضحية كنا نسمع من حولنا أرقام مخيفة للضحايا حيث ما لا زلت أنني سمعت برقم 900 ضحية بعد ثلاث ساعات من عمليات الإنقاذ.

ويتابع حديثه في صباح اليوم ذهبت لمساعدة المدنيين في عمليات الدفن الجماعية كان المئات قد توفوا ودفنوا في قبور جماعية حاولنا توثيق ما استطعنا من أسماء للضحايا ومنهم لم يتم التعرف عليهم حيث كانت عوائل قد قتلت بكاملها

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

انشغل النظام السوري يومها بإنكار الهجمات، وصولاً إلى لوم الضحايا برواية خطف المعارضة للرجال والأطفال من قرى اللاذقية وإحضارهم للغوطة واستخدام السلاح الكيماوي ضدهم، وهي رواية فاجأت فيها مستشارة القصر الجمهوري، بثينة شعبان، العالم، بعد أيام قليلة من الهجوم.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

بعد أسبوع من وقوع الهجوم، وبجهود الناشطين والحقوقيين والأطباء، دخلت لجنة تحقيق دولية إلى الغوطة، وتسلمت إحصائية الضحايا، التي بلغت عشرة آلاف إصابة ومقتل أكثر من 1530 شخصًا، حسبما قال الدكتور سليم نمور، الذي رافق المحققين وقدم لهم الأدلة، لكن للأسف لم تجلب التحركات الدولية تلك الطمأنينة للضحايا والشهود، ووصف الطبيب سليم نمور مشاعر الناجين بـ”الخذلان” بعد صفقة التسليم التي كانت “عارًا” على العالم، مشيرًا إلى أن حق الضحايا “لن يموت” ولن يسكت الشهود عن الجريمة.

الغوطة الشرقية.. عندما ارتُكبت مجزرة الكيماوي

وبعد تسع سنوات كاملة على ارتكاب المجزرة، لا يزال من ارتكبها دون عقاب، وهو ما أدّى إلى تكرار سيناريو مشابه في مدينة خان شيخون بريف إدلب، في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، حيث شن النظام هجوما بغاز السارين، وأدى الهجوم إلى وقوع نحو 100 قتيل، جلهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب.