الأزمة السياسية في تونس تلقي بظلالها على الإقتصاد الهش

الممرضة أميرة السويسي كانت من بين ألاف التونسيين الذين خرجوا ليحتفلوا باستحواذ الرئيس التونسي قيس سعيد على السلطة في 25 يوليو تموز ووعوده بمحاربة الفساد واحتواء الأسعار ومعالجة المشكلات المالية.

ولكن هذه المرأة وهي أم لأربعة أطفال مثل بعض التونسيين الآخرين بدأ صبرهم ينفد الآن مع ما يقولون إنه إفتقاده لخطة إقتصادية لإنعاش الإقتصاد العليل من انهيار وشيك. وتقول السويسي إن راتبها البالغ حوالي 350 دولارا شهريا لم يعد يواكب ارتفاع تكاليف المعيشة مع تضخم يبلغ 6.2 بالمئة ومن الصعب الحصول على قرض مصرفي بسبب شح السيولة.

وحاول الرئيس التونسي قيس سعيد شن حملة لخفض أسعار عدة سلع ولكن خصومه وصفوا خطواته بأنها شعوبية تهدف لحصد مزيد من التأييد الشعبي خصوصا لدى الفئات الفقيرة والمتوسطة. وهاجم سعيد في عدة مناسبات جماعات المحتكرة للإقتصاد والسوق المالية المحلية والتي تنهش الإقتصاد وهدفها تكديس الأرباح ولو بشكل غير قانوني.وأوقف تدخل سعيد في يوليو تموز المحادثات التي تأخرت كثيرا مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قروض كان من المتوقع أن يمهد الطريق أمام الحصول على المزيد من المساعدة الاقتصادية وتفادي حدوث أزمة كبرى في المالية العامة.

ويقول المحلل الاقتصادي معز جودي “الوضع حرج للغاية في الاقتصاد والمالية العامة على وجه الخصوص .. تونس على وشك الانهيار منذ شهور”. لكنه يرى أن الأزمة السياسية الآن وغياب أي برنامج ورؤية اقتصادية واضحة يسرّعان الانهيار الكامل.

وتوقع أن خطط سعيد التركيز على السياسة يمكن أن تحوّل تونس إلى لبنان آخر والذي يعيش في خضم أزمة مالية وصفها البنك الدولي بأنها من أعمق الانكماشات في التاريخ الحديث، ودفعت هذه الأزمة ثلاثة أرباع سكان لبنان إلى براثن الفقر وفقدت عملته المحلية 90 في المئة من قيمتها في العامين الماضيين.

وسعيد، الذي أقال رئيس الوزراء وجمّد البرلمان ومنح نفسه سلطة الحكم بمراسيم، لم يعين بعد حكومة جديدة ولم يعلن أي خطة سياسة اقتصادية شاملة ولم يصرح كيف ينوي تمويل العجز العام وتسديد الديون.

وسددت تونس أكثر من مليار دولار من الديون هذا الصيف من احتياطيات العملات الأجنبية، لكن يتعين عليها أيضا أن تجد حوالي 5 مليارات دولار أخرى لتمويل العجز المتوقع في ميزانيتها وسداد مزيد من القروض الداخلية والخارجية.