رحلات بحث شاقة لإيجاد الدواء

تتواصل شكاوى المواطنين السودانيين من ارتفاع جنوني في أسعار الدواء في السودان، كما من عدم توفر عدد من أدوية الأمراض المزمنة، ما يشكل خطرًا على حياة آلاف من المرضى. فقد شهد السودان ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الدواء بعد زيادة فرضتها السلطات وصلت إلى 1000% في بعض الأصناف.
ويعاني السودان من أزمة متأصلة في موضوع عدم توفر الأدوية بشكل مستمر وغلاء أسعارها، إذ أن نسبة توافر الأدوية في السودان تبلغ 40%، الأمر الذي يعكس فجوة كبيرة بين العرض والطلب قدرها 60%.

مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في السودان وليد محمد مختار التقى المواطن أسامة الطيب، وهو واحد من السودانيين الذين يعانون في الحصول على الدواء الذي يحتاجه أخوه المريض.

قال أسامة إن، “الطبيب المختص بعلاج أخي طلب إحضار عدد من الأدوية والفيتامينات التي يحتاجها في رحلة علاجه، ومنذ الصباح الباكر وأنا في في رحلة بحث شاقة إلى صيدلية الصندوق القومي الإمدادات الطبية فلم أجد الدواء المطلوب، وبعدها ذهبت إلى شارع الحوادث ولم أستطع الحصول على كل الأصناف التي أريدها في الصيدليات هناك. وجدت بعضها ولم أجد الأخر، وسط أسعار غالية جدًا بين الأصناف التي وجدتها”.
سودانيون في صيدلية وسط أزمة الدواء في السودان

يتنقل السودانيون من صيدلية لأخرى لإيجاد الأدوية التي يريدونها إن وجدت، وهذا يكبدهم مشقة كبيرة

وأضاف أسامة أن “صنفًا واحدًا من الأدوية بلغ سعره أكثر من 6 آلاف جنيه سوداني، وهو ما يعادل 20 دولارًا، ما يجعل الوضع صعبًا ومتعبًا للغاية وأتمنى من الحكومة توفير الأدوية بقدر المستطاع مراعاة للمعاناة التي نعيشها في البحث عن الدواء”.
يذكر أن الصندوق القومي للإمدادات الطبية توقع حدوث انفراج لأزمة الدواء خلال شهر أيلول/ سبتمبر المقبل (2021)، بعد أن وفرت وزارة المالية وبنك السودان المركزي جزءًا من النقد الأجنبي لاستيراد عدد كبير من أصناف الأدوية. وقد ذكر المدير التنفيذي للصندوق القومي للإمدادات الطبية الدكتور أيمن علي أن مشكلة انعدام الأدوية سببها عدم توفر النقد الأجنبي من قبل وزارة المالية.
السودانيون يشتكون من أسعار الدواء وسط وفرة دوائية تقل عن 45% من حجم السوق

السودان بحاجة إلى 200 مليون يورو سنويًا لتغطية كلفة استيراد الأدوية

وأشار د. علي إلى أن الإمدادات الطبية تحتاج إلى 200 مليون يورو سنويًا لتغطية كلفة استيراد الأدوية. وقال إن الصندوق القومي للإمدادات الطبية تسلم أول مبلغ هذا العام وبلغ 20 مليون يورو، ما سيغطي تكلفة استيراد الأدوية الأساسية وأدوية الطوارىء.

نقص حاد في أدوية الأمراض المزمنة

كما التقى مراسل “تطبيق خبّر” الميداني الدكتورة الصيدلانية هناء عثمان التي أخبرته أنه، “يوجد انعدام شديد في الأدوية، وبقدر ما تصرح وزارة الصحة بتوفير الأدوية، فإن هنالك أدوية كثيرة ومهمة للغاية منعدمة تمامًا”.
وأضافت د. هناء، “نحن هنا كصيدلية تخدم المجتمع نعاني منذ فترة من انقطاع عدد من الأدوية وخصوصًا أدوية الأمراض المزمنة التي تعتبر أدوية مهمة وأساسية، وكذلك أدوية مرض السرطان التي ينعدم جزء كبير منها من السوق، لكنها توجد في السوق السوداء فقط، التي تبيع الأدوية بأسعار مرتفعة جدًا تصل لأضعاف السعر الأصلي للدواء”.
السودانيون يشتكون من أسعار الدواء وسط وفرة دوائية تقل عن 45% من حجم السوق

الصيدلانية د. هناء عثمان: نقص حاد في أدوية الأمراض المزمنة

ولفتت د. هناء إلى أن الأمراض أمر يحدث باستمرار وبالتالي الحاجة للدواء مستمرة، في وقت تندر فيه الأدوية فتصبح عملية البحث عنها شاقة وتتطلب صبرًا وتحملًا”.
يذكر أن السلطات المختصة اتخذت جملة من التدابير لحل أزمة الدواء في إطار تحركات عاجلة تقودها القطاعات المعنية في مجلس الوزراء السوداني لتغطية العجز بالإمداد الدوائي.
فقد طالب وزير الصحة السوداني د. عمر النجيب، وفقًا لما نقلته عنه صفحة وزارة الصحه السودانية على منصة فيسبوك بضرورة تضافر الجهود لمواجهة التحديات والعمل على تطوير مهنة الصيدلة وإزالة التشوهات التي ضربت العمل الصحي بالبلاد.
وعلى وسيلة التواصل الاجتماعي فيسبوك، نشط شباب سوداني عبر عدد من المجموعات بهدف توفير الدواء والحصول عليه بطريقة بسيطة وسهلة للمحتاجين للدواء، خصوصًا من هم في حاجة ماسة له.
من بين هذه المجموعات، مجموعة وصف لي دواء، ووفرة دواء، ودواءك عندنا، وغيرها من المجموعات التي تعمل على مساعدة المحتاجين والمتعففين في توفير قيمة العلاج. كما يبذل القائمون عليها مجهودات كبيرة لإنقاذ المحتاجين عبر إطلاق مناشدات، غالبًا ما تجد تجاوبًا واسعًا من الأعضاء.
عن صعوبة إيجاد أدوية الأمراض المزمنة، قال المواطن عثمان أحمد لمراسل “تطبيق خبّر”، “لي أكثر من يومين أبحث عن خمسة أدوية يستخدمها والدي بشكل يومي لأنه يعاني من مرضي السكر وارتفاع ضغط الدم، وقد أرهقت من البحث بلا جدوى، فأقوم بأخذ استراحة لفترة ثم أعاود مواصلة البحث عنها”.
وأوضح عثمان، “وجدت جزءًا من الأدوية فيما لم أتمكن من إيجاد بقية الأصناف الأخرى، وسوف أخرج غدًا صباحًا لمتابعة زياراتي للصيدليات علني أجد أدوية والدي”، مناشدًا الحكومة بالقول، “أطلب من الحكومة توفير الدواء ودعمه بقدر الممكن”.
السودانيون يشتكون من أسعار الدواء وسط وفرة دوائية تقل عن 45% من حجم السوق

مستشفى الولادة أم درمان يضطر لشراء عدد من الأدوية من السوق السوداء

في السياق ذاته، وجه مستشفي الولادة أم درمان خطابًا إلى وزير الصحة الاتحادية يفيد فيه بأن عددًا من الأدوية غير موجودة في الصندوق القومي للإمدادات الطبية والمخازن والعلاج المجاني، فيما الكمية الموجودة بالمستشفى قليلة جدًا، تضطر المستشفى لشراء الأدوية من السوق السوداء”.
فجدير بالذكر أن النقص الحاد في الدواء يؤثر على المواطنين وأصحاب الصيدليات والمستشفيات والمراكز الطبية. وتختلف أسعار الدواء بين صيدلية وأخرى، فيما يجد أصحاب الصيدليات أنفسهم عاجزين عن توفير الدواء للمواطن والوفاء بالتزاماتهم تجاه الشركات العاملة في هذا المجال، فضلًا عن تراجع قدراتهم على توفير رواتب العاملين لديهم.