جزائري يطور طائرة بدون طيار لرصد الحرائق وغرس الأشجار بما يحد من التغير المناخي

تقوم هذه النسخة من المشروع بإطلاق قذائف من البذور والشتلات من الجو، وهو المشروع الذي قد يساعد في زرع مساحات كبيرة من الأشجار ومقاومة التصحر والآثار الناجمة عن التلوث في الطقس والحد من تبعات ظاهرة التغير المناخي.

 

صاحب هذا المشروع هو عادل محمد بلعربي، خريج معهد الطيران بمدينة البليدة، وأصيل بلدية حمام بوحجر بولاية عين تموشنت (حوالي 450 كلم غرب الجزائر العاصمة)، و وكذلك مؤسس شركة TAER R&D للدراسات التقنية.

مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر محمد الأمين بلحية أجرى مقابلة مع عادل محمد بلعربي الذي أوضح أن فكرة المشروع جاءت قبل حوالى عام ونصف العام في خضم موجة الحرائق التي عصفت بغابات الجزائر وغابة الضاية بولاية سيدي بلعباس خصيصًا.

أضاف بلعربي أن هذه الحرائق، وخصوصًا حريق الضاية، أثرت بشكل كبير على الغطاء الغابي، وهو ما كان له تبعات عديدة تساهم في حدة أزمة التغير المناخي في الجزائر، فقرر العمل على تطوير حل ملائم لتطويق هذه الحرائق من جهة، والعمل على إعادة تشجير المناطق التي أتلفتها تلك الحرائق الكبيرة من جهة أخرى.

ولخص عادل فكرة المشروع لمراسل “تطبيق خبّر” قائلًا أنه باختصار هو تطوير طائرة غير مأهولة (درون)، مهمتها البحث والتعامل مع بؤر الحرائق عبر المراقبة المتواصلة للغابة ليلًا ونهارًا عبر نظام الدوريات، بحيث تكون مدة كل دورية 3 ساعات في النسخة الأحدث من المشروع، ثم ما أن تكتشف بؤرة حرائق، تقوم بإرسال إحداثياتها وتطلب الإذن بالتدخل لإخمادها.

كذلك تقوم الطائرة بإخماد بؤرة الحريق آنيًا ما يجنب التعامل معه بعد انتشاره، خصوصًا في المناطق الوعرة التي لا تصلها السيارات والآليات، بحسب شرح بلعربي.

كشف عادل لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني بالجزائر محمد الأمين بلحية، أن لطائرة الدرون في مشروعه الذي يعمل على تطويره مهام أخرى، كالتشجير الكثيف جوًا، مبيّنًا أن بإمكانها غرس نصف مليون بذرة يوميًا.

وتابع شارحًا أنه “نظريًا بإمكان طائرة الضاية إلقاء 5000 مجموعة من البذور المغلفة في قواقع من عجينة خليط طين وزبال عضوي كل ساعة، بحيث أن القوقعة الطينية تحفظها من عوامل الطقس ومن الحيوانات والحشرات إلى غاية هطول أول الأمطار. بالتالي يمكن أن يصل العدد الملقى يوميًا في حال تناوب طائرتين على مدار 10 ساعات إلى نصف مليون بذرة باحتساب أن كل مجموعة بها حوالى 10 بذور”.

وأوضح عادل أنه “إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن  0.5% فقط من هذه البذور سوف يثمر، فسنحصل على قرابة 21 هكتارًا يوميًا لكل طائرة، ما يعني قرابة 6000 هكتار سنويًا، وهو رقم مهم”.

من جهة أخرى، كشف الباحث بلعربي أن “الطائرة تقوم كذلك بمهام التشجير الكثيف عبر الشتلات، بحيث أنه بإمكان كل طائرة غرس 120 شتلة كل ساعة، وتأتي الشتلات هذه مغلفة في عبوة ذات شكل قذيفة، وبإمكان سرب من 12 طائرة غرس 14 ألف شتلة يوميًا، كما يستطيع السرب خلال فترة الأمطار غرس ما يتراوح بين 1.7 و 2.6 مليون شتلة سنويًا، أي ما يعادل 1000 هكتار باحتساب الضياع”.

وأضاف عادل أن مشروع الطائرة سيساهم بشكل كبير في تشجير مساحات واسعة من الأراضي وبالتالي امتصاص كمية هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر عن الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وطرح كميات كبيرة من الأوكسجين، وبالتالي المساهمة في الحد من ظاهرة التغير المناخي التي أضحت تهدد أمن الجزائر.

كذلك بيّن الباحث بلعربي أنه يمكن استغلال الطائرة هذه في إعادة تجديد ما تضرر من السد الأخضر الذي أطلقته الجزائر سابقًا، بضمان السرعة في التجديد ومنع زحف الرمال.

وحول ذلك، أعطى عادل مثالًا أنه “إذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار أن شجرة واحدة فقط يمكنها امتصاص حوالى طن واحد من الكربون سنويًا، وأيضًا الأخذ بعين الاعتبار أن مشروع طائرة “الضاية” سيُمكّن من غرس نحو 1.7 مليون شجرة سنويًا فقط على أقل تقدير، فإننا نكون قد أنشأنا غابات جديدة ستتمكن من امتصاص نحو 1.7 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما سيقلل لا محالة من التلوث الهوائي”.

بادر عادل عبر شركته TAER R&D بإجراء التجارب على المواد اللازمة لصناعة قذائف الشتلات، ويتم  حاليًا تصميم القطع اللازمة لأول نموذج الذي يخطط لإطلاقه السنة المقبلة (2022)، وهو يرى أن التمويل ليس المعيق الوحيد للمشروع. إذ أن أهم العقبات تتمثل في الوقت الحالي في التسهيلات الخاصة بالتجارب التقنية المعقدة التي تتطلب مرافقة خاصة من جهات مختصة، فضلًآ عن اقتناء المعدات من خارج الوطن.

ودعا عادل بلعربي السلطات العليا بالجزائر لمنحه تسهيلات للاستفادة من أماكن لإقامة ورشات للعمل في ظروف لائقة تمكنه من العمل وتطوير مشاريعه، مضيفًآ أن الرهان الأساسي مستقبلًا بعد التصنيع، يكمن في إيجاد سوق فعلي وجدي للمشروع.

كما أكد أن المشروع حاليًا دون عملاء ما عدا الجهات الرسمية، مشيرًآ إلى أن كلفته مرتفعة بحكم أشغال البحث والتطوير التي قد لا تستطيع شركته اليافعة نسبيًا تحملها بالكامل، لكن في المقابل ستؤدي استعمالات هذه الطائرة في المجال الفلاحي ومكافحة الحرائق إلى يخفض التكلفة المصروفة بشكل كبير جدًا، ويساهم في تنمية الاقتصاد الوطني.

جدير بالذكر أن الباحث عادل بلعربي له ما لا يقل عن 63 مشروعًا في مجالات عديدة على غرار مجال الطيران، إذ عمل على تطوير عدد  من الطائرات غير المأهولة لصالح جهات خاصة وعمومية وطنية بالجزائر، كما طوّر في المجال البيولوجي مولدات بيولوجية لإنتاج الطحالب وأنظمة الإنتاج الكثيف لها، المستخدمة في القطاع الصيدلاني والفلاحي وكوقود حيوي مع مؤسسة خاصة وطنية وشركات دولية.

كما قام بلعربي بتطوير معدات تعقيم حديثة، وهو يدير حاليًا مؤسسته  TAER R&D  التي تهتم بالدراسات التقنية وإيجاد حلول ناجعة لمشاكل الحياة اليومية ويقدم استشارات تقنية لمشاريع تطوير خطوط إنتاج خارج الجزائر.