أكتوبر 2019… إنطلاق الشرارة الأولى للإحتجاجات

منذ بدء الانتفاضة الشعبية في لبنان في اكتوبر/تشرين الأول عام 2019 احتجاجا على التدهور الاقتصادي الذي أغرق البلاد في بحر من الديون إضافة الى فساد الطبقة السياسية …توالت, وإن بشكل متقطع, التحركات الشعبية الرافضة لما آلت اليه الأوضاع, وفشل الطبقة السياسية الحاكمة في الأمساك بزمام الأمور

أزمة لبنان..شعب يئن تحت وطأة الغلاء وتخوّف من تدهور أكبر

تظاهرات واحتجاجات وإقفال طرقات في جميع المناطق, تحركات وصلت الى ذروتها بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس عام 2020 الذي خلّف أكثر من 200 قتيل و 6000 آلاف جريح, والذي عجزت الدولة حتى الآن عن كشف ملابسات تلك الكارثة التي اسفرت ايضا عن تدمير أحياء بكاملها, وتشريد آلاف العائلات.

أزمة لبنان..شعب يئن تحت وطأة الغلاء وتخوّف من تدهور أكبر

عودة الى الشارع والسبب….انهيار جديد لليرة اللبنانية أمام الدولار

 

قبل نحو 10 أيام عادت التحركات الإحتجاجية في عدد من المناطق اللبنانية على وقع تدهور دراماتيكي لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي , تدهور لم تشهده البلاد حتى في أحلك أيام الحرب الأهلية.

أزمة لبنان..شعب يئن تحت وطأة الغلاء وتخوّف من تدهور أكبر

وحتى كتابة هذه السطور, تخطى سعر صرف الدولار عتبة ال 15 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد. هذا الأمر أثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطن اللبناني نظرا لتفلّت أسعار المواد الإستهلاكية والسلع الأساسية في غياب أي حسيب أو رقيب, وحتى أن هناك فقدانا للسلع الأساسية نتيجة الاحتكار من قبل كبار التجار المدعومين من بعض السياسيين.

وفي غياب أي خطة إصلاحية أو محاولة للسلطة أو الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان لإيجاد مخارج للوضع المتازم, فإن الإنهيار مستمر كما قال المحلل السياسي اللبناني ” طوني بولس” في اتصال هاتفي أجرته معه  ” اخبار الان”. أضاف ان البلاد ما زالت في المراحل الأولى من الانهيار الكبير الذي يمكن أن يصل إليه لبنان , والتحلل التام للإدارات الرسمية .

وفي هذا السياق قال بولس إن من بين المفارقات الغريبة التي لم نسمع بها من قبل في اي دولة من دول العالم, هو أن يقرر رئيس حكومة مستقيل أن يعتكف, وأن يعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال الإضراب, ووزير الطاقة يقول للمواطنين إن الكهرباء ستقطع عنهم نهائيا , كما ان وزير الداخلية يتحدث عن انهيار أمني تام في البلاد. وهنا تساءل بولس :” إذا من هم في السلطة يقولون ذلك فلماذا لا يستقيلون ويرحلون, وفي حال أرادوا البقاء في السلطة, فلماذا لا يقومون باي خطوات؟ ”

 

لماذا وصلت الأوضاع في لبنان الى هذا المستوى؟

 

هناك تسليم كامل من السلطة الموجودة في الحكم الى حزب الله الذي أصبح هو السلطة الفعلية في لبنان, والباقون هم فقط أدوات  بحسب ما قال المحلل السياسي ” طوني بولس” مضيفا أنه طالما أن هذا الوضع سيبقى قائما فإن البلد سينهار. أضاف أن رئيس الجهمورية ميشال عون الذي يفترض ان يكون حكما بين المؤسسات , لا يلعب هذا الدور, وليس هناك إمكانية للإصلاح على ما يبدو طالما ان الرئيس عون باق في السلطة , وطالما ان الأكثرية النيابية في يد حزب الله على حد تعبيره.

 

هل من حل للأزمة اللبنانية؟

 

يقول بولس إن الذهاب الى بداية مرحلة إصلاح , تتطلب استقالة رئيس الجهورية لكبح  وجود حزب الله في الحكم , وإنه على مجلس النواب تقصير فترة ولايته , والدعوة الى انتخابات نيابية جديدة, مؤكدا ان السلطة الحالية انتهت وأثبتت فشلها , ولا يمكنها تقديم أي شيىء للبنانيين.

أضاف بولس: ” الشارع اللبناني ضد هذه السلطة ولا يريدها, والمجتمع الدولي يعتبرها سلطة مارقة وليس مستعدا للتعامل معها , وبالتالي ليس هناك حل, إلا بإعادة بناء سلطة جديدة , وذلك عبر انتخابات نيابية .

 

وتحدث بولس كذلك عن ملاحظات عدّة على آداء الثورة التي عوّل عليها اللبنانيون كثيرا , قائلا إنها اخترقت من احزاب السلطة وبشكل أساسي من حزب الله . وفي هذا السياق أوضح أن البعض داخل الثورة هو متواطىء مع حزب الله على حد تعبيره, ويحاول ربط الثورة فقط بالاقتصاد , لافتا الى أن الانهيار الإقتصادي هو نتيجة للإنهيار السياسي والمؤسساتي في الدولة.

وبالتالي, أضاف بولس, انه لا يمكن الاستمرار في ثورة تحمل المطالب المعيشية فقط, مشددا على أن الثورة يجب ان تحمل مشروعا سياسيا يبدأ بإسقاط سلاح حزب الله , وتحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية عبر حزب الله,  والانطلاق ببناء مشروع للبنان يبدأ بخطاب البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي دعا الى الحياد , لافتا الى ان هذا الأمر لا يتم إلا بمؤتمر دولي يضع شروطا معينة للإصلاح.

 

وختم المحلل السياسي طوني بولس بالقول إنه مع المنظومة الحالية التي يقودها حزب الله, لا يمكننا أن نشهد إصلاحا اقتصاديا أو ماليا أو حلا سياسيا, وسنبقى دولة مارقة يقاطعها المجتمع الدولي,  وسنشهد المزيد من الإنهيارات في المرحلة المقبلة على حد قوله.