ناشد الجزائري “محمد عماري” الحكومة بحماية مهنة “القصابة” التي يعمل بها من تبعات التطور فضلاً عن الخسارة التي لحقت بالحرفيين الذين يعملون بها بسبب تبعات جائحة كوفيد 19.
 
عماري البالغ من العمر ثمانية عشرة عاماً اتخذ من حرفة صناعة مهنة له منذ ثلاث سنوات. وهي مهنة تنتشر عند محور الطريق الوطني رقم 35، الممتد بين مدينتي عين تموشنت وتلمسان.
 


فعلى ضفاف وادي سنان ببلدية سيدي بن عدة، التي تبعد حوالى 450 كلم غرب الجزائر العاصمة، تنتشر محترفات صناعة القصب. حرفة يزاولها عشرات من شباب المنطقة، يضمنون بها لقمة العيش، ويصارعون للحفاظ على عدم اندثارها.

لطالما ارتبطت حرفة صناعة القصب، بنمط حياة تقليدي لسكان الغرب الجزائري، كان القصب فيها يعلو أسقف المنازل ليحميها من حر المصيف وبرودة الشتاء.
 
لكن هده الحرفة باتت الآن جزءًا من الصناعات التقليدية، تكابد الزمن وتتعدى مجالات استعمالها، الى تزيين الحدائق وشرفات المنازل، وأضحى محترفوها في تناقص يوما بعد يوم.
أوضح محمد عماري لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر “محمد الأمين بلحية” مدى الصعوبة التي أضحى “القصابة”، كما يعرفون في تلك المنطقة من الجزائر، يواجهونها، سواءً من ناحية المواد الأولية أو التصنيع والتسويق.
صانع القصب الجزائري محمد عماري يناشد الحكومة حماية مهنته بأفكار سياحية

محمد عماري يناشد الحكومة حماية مهنته بأفكار سياحية

قال محمد إن “أصل الحرفة يعود الى البلد المجاور المغرب، و تحديدًا شرق المملكة حيث تنتشر ورشات صناعة القصب بشكل كبير، وقد تم نقلها إلى المناطق الغربية للجزائر، ومنها تلمسان ووهران وسيدي بلعباس وعين تموشنت قبل سنين مضت”.
 
أضاف محمد أن المهنة انتشرت بعد ذلك وصار السكان يتداولونها أبًا عن جد، مشيراً إلى أنها حرفته ومصدر رزقه التي يضمن بها لقمة عيشه ولو بشيء قليل. 
وعن مصاعب مهنة صناعة القصب، أكّد عماري لمراسل “تطبيق خبّر” أنها “عمل مضنٍ جداً، ويتطلب الكثير من الجهد، لتطويع أعواد القصب القاسية”.
 
وأبرز “أن العملية تتم على مراحل عدة، أولها تتم عن طريق تقطيع القصب من الوديان ، ثم جلبها الى مكان الورشة ونشرها، ثم تقطيعها وقرصها وتشبيكها لتشكيلها تحفًا فنية تسر الناظرين”.
كما كشف عماري أن “مداخيل حرفة صناعة القصب لا بأس بها، غير أن مبيعاته ترفع في أيام فصل الصيف أكثر من باقي أيام فصول السنة الأخرى”.
 
من بين المصاعب التي تحدث عنها محمد عماري لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني هي مكان العمل. إذ قال “إننا نعمل في ورشات مكشوفة في الطبيعة ، وهو ما يجعلك عرضة لحرارة الصيف وبرودة الشتاء”.
 
كما أضاف أنه يواجه تحديات قلة المواد الأولية الزمر الذي يتطلب منه أحياناً قطع مسافات كبيرة بحثًا عن أعواد القصب، مشيرًا إلى أنه غالباً ما يضطر لشرائها بأثمان باهظة.
 
صانع القصب الجزائري محمد عماري يناشد الحكومة حماية مهنته بأفكار سياحية

مراحل عمل مضنية تسبق تشكيل القصب بأشكال الاستخدام المختلفة

كل هذه العوامل، أوضح محمد، “حالت دون مواصلة العديد من شباب المنطقة في هده الحرفة وعزوفهم عنها”.
 
كما لفت إلى واقع أن غالبية المهتمين ببضائعه هم من السياح، مبيّنًا أن “بضائع القصب بمختلف أشكالها أصبحت لا تكاد تباع إلا للسياح الوافدين على عين تموشنت، سواء من خارج الجزائر أو من الداخل”.
 
وأشار إلى أن “الناس لم يعودوا يقبلون على المنتجات التقليدية بنفس الكثافة التي كانت عليه من قبل”، بسبب ما أسماه ‘”التطور”، في إشارة إلى غزو السوق بالمنتجات الحديثة، وهو ما يستدعي برأيه “تدخلًا عاجلًا للدولة لإعادة تثمين مثل هكذا حرف، ورد الاعتبار لها ، وكذلك ضمان عدم زوالها باعتبارها موروثًا ثقافيًا يجب حمايته”.
 
وبسؤاله عن كيفية حماية حرفة “القصابة” لئلا تندثر، أجاب هذا الشاب بحكمة ابن السوق إن ذلك لا يتأتى إلا بتنظيم المعارض، وتوفير فضاءات لتسويق منتجاتهم.
 
أكد عماري أن “المعارض تعتبر متنفسًا للحرفيّ، وتشجيعًا له على البقاء في ممارسة هده الحرفة التي تعبّر عن مدى أصالة وعراقة سكان المنطقة ومدى تشبثهم بالأرض”.