بتبادل عبارات التهنئة بلغتهم الأمازيغية “اسقاس امقاس”، انطلقت الاحتفالات الرسمية والشعبية الخاصة بالسنة الأمازيغية الجديدة 2971 من مدينة باتنة شرقي الجزائر، وشملت مدينتي بوزينة ومنعة.  
 
وهاتان المدينتان تعتبران من أهم المدن التي لا تزال تحافظ على الموروث الثقافي الأمازيغي بالولاية بالرغم مرور السنين.

يتم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في الجزائر في عديد المناطق الأمازيغية بكل أطيافهم، من قبائل، وشاوية، وبني مزاب، وطوارق.
 
وكل منها يحتفل بطرق مختلفة إحياءً للإرث العريق المشترك بدءا من 6 كانون الثاني/ يناير من كل سنة، وحتى الرابع عشر منه بعادات وتقاليد راسخة تختلف من منطقة لأخرى.
في تصريح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي، أوضح الشاعر ناصر مازيغ قالة،المهتم بالتراث الأمازيغي، أن هذه الاحتفالات تصادف بداية العام الفلاحي الذي يبدأ يوم 14 من شهر كانون الثاني/ يناير.
اسقاس امقاس.. انطلاق احتفالات رأس السنة الأمازيغية 2971 بالجزائر

اسقاس امقاس.. كل عام والأمازيغ في كل العالم بخير

كذلك بيّن أن “الاحتفالات تبدأ من يوم انتصار الملك الأمازيغي شيشناق على فرعون في 6 من شهر كانون الثاني/ يناير واعتلائه العرش يوم الثاني عشر منه كما تقول الأسطورة، ومن هنا بدأ التقويم الأمازيغي الذي يصل هذه السنة إلى العام 2971”.
يتم الاحتفال شعبياً بطقوس عديدة، من بينها طبخ 7 أكلات ليلة 13 من كانون الثاني/ يناير إلى الرابع عشر منه، منها الكسكسي باللحم.
 
يكون الفلاحون قد اختزنوا كميات لا بأس بها من الفواكه الخريفية كالجوز واللوز والعنب والتفاح، لتكون ذخيرة ل”ينار”، وهو اسم الشهر الأول من أشهر السنة الأمازيغية.
اسقاس امقاس.. انطلاق احتفالات رأس السنة الأمازيغية 2971 بالجزائر

انطلاق احتفالات برأس السنة الأمازيغية 2971 بالجزائر

تتمحور هذه الاحتفالات والتظاهرات الشعبية أساسا بدخول العام الفلاحي الأمازيغي الجديد، تبركاً به، وبانتصار الملك الأمازيغي شيشناق على رمسيس الثاني. ولا تزال الكثير من العائلات الأمازيغية تحتفل بكافة التقاليد والنشاطات القديمة حتى يومنا هذا.
 
مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر زار عائلة السيدة نجمة لينقل لنا بعض أجواء الاحتفال لديها. وبينما تنصب السيدة نجمة أوانيَها الخزفية التي ترمز للتاريخ لطبخ الكسكسي و 6 أنواع أخرى من الطعام، كانت تستقبل صديقاتها وجاراتها للاحتفال معاً بهذه المناسبة وهن يلبسن ثياباً أمازيغية تقليدية.
 
قالت السيدة نجمة لمراسل “تطبيق خبّر”، إنها لا يمكن أن تتخلى عن هذه التقاليد التي ورثتها عن والدتها والأجداد. وتتم عملية طبخ الشرشم، وهو قمح ينقع في الماء ثم يغلي ويصفى لتضاف له كمية من التمر، طيلة الليل، ثم يأخذه الرجال لذرّه في الحقول الزراعية، طلباً للبركة.
تتخلل الاحتفالات بالمناسبة طقوساً تتعلق بالمرأة والأرض، وأملا بأن تحمل السنة الفلاحية الجديدة محاصيل وفيرة، بحكم أن الأمازيغ القدامى كانت مهنتهم الأساسية هي الزراعة. كما يتم الاحتفال بهذه المناسبة شعبياً منذ سنوات طويلة.
 
اسقاس امقاس.. انطلاق احتفالات رأس السنة الأمازيغية 2971 بالجزائر

الاحتفالات تضمنت معارض تراثية وندوات وأنشطة

أما من الناحية الرسمية، فقد تم اعتماد يوم 12 من كانون الثاني/ يناير عيداً وطنياً وعطلة رسمية في الجزائر يوم 27 كانون الأول/ ديسمبر 2017 ابتداء من بداية سنة 2018، بعد التصويت عليه في البرلمان.
هذا العام، تم تنظيم الاحتفالات مع احترام الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا المستجد، إذ تم حظر التجمعات الكبرى واقتصرت الاحتفالات فقط على العائلات والمعارض التقليدية.
انطلقت الاحتفالات الرسمية هذه السنة من مدينة باتنة شرقي الجزائر يوم الجمعة الماضي على أن تستمر حتى ال 12 من هذا الشهر.
 
وشملت مدن بوزينة ومنعة، ببرنامج ثري ومتنوع شمل حزمة من الأنشطة الثقافية من معارض ولقاءات ثقافية وندوات موضوعاتية تتمحور حول الثقافة واللغة الأمازيغية.
ضم البرنامج تنظيم صالون للكتاب والوسائط المتعددة في بوزينة، فضلاً عن ورشة مخصصة للسينما وعرض للمنتوجات الحرفية والطبخ التقليدي.
كما شملت أيضاً مجالاً للموسيقى الأمازيغية، فقد أحيت إحدى فرق الطوارق تراث الأهليل الشعبي المنتشر أساساً في صحراء الجزائر.
وكانت المحافظة السامية للغة الأمازيغية، وهي هيئة تابعة للرئاسة تتكفل بترقية اللغة الأمازيغية وكل ما يرتبط بها، قد أحيت عدة فعاليات فكرية، منها ملتقى حول “الأمازيغية والإبداع الفني” في مجالات السينما والمسرح والموسيقى.