شهدت السياحة الصحراوية في الجزائر مؤخراً انتعاشاً بالرغم من تبعات جائحة فيروس كوفيد 19. 
 
وكما قال المثل، رب ضارة نافعة، انتشرت في الآونة الأخيرة عروض السياحة الصحراوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الوكالات السياحة لإغراء المواطنين بقضاء أيام نهاية السنة في أحضان الصحراء الجزائرية.
 
وكانت خسائر الوكالات السياحية الجزائرية قد تفاقمت بعد إغلاق الحدود البرية والجوية بالجزائر منذ شهر آذار/ مارس الماضي، بعد أن كانت هذه الوكالات تعمل على مدار السنة.

 

 


إذ كانت الوكالات السياحية الجزائرية تسيّر رحلات للعديد من الوجهات السياحية العالمية، أهمها شرم الشيخ في مصر، وتركيا، وتونس، والمغرب، وغيرها من الوجهات السياحية المختلفة.
 
لكن الوضع اختلف جذرياً مع توقف حركة المطارات والموانئ، ماتسبب في إفلاس الكثير من الوكالات السياحية في الجزائر، فيما طالبت بعضها من الحكومة تعويضات مالية لتتمكن من الاستمرار في ممارسة نشاطها.
 
وبعد أكثر من 9 أشهر من الإغلاق، ومع بدء الرحلات الجوية الداخلية، توصلت الوكالات السياحية خاصة بالمناطق الشمالية إلى طريقة للتخفيف من حدة الأزمة.
السياحة الصحراوية في الجزائر تنتعش بسبب كوفيد 19

السياحة الصحراوية في الجزائر تنتعش بسبب كوفيد 19

 

ومن خلال في حملات مكثقة لم يسبق لها مثيل خلال السنوات القليلة الماضية، باشرت الوكالات التسويق لنفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنظيم رحلات جوية إلى المناطق الصحراوية، الأثرية منها والسياحية.
 
أبرز هذه المناطق هي تاغيت، وجانت، والأهقار، والطاسيلي، وتمنراست، والوادي، وغرداية، وورقلة، وتيميمون، وغيرها من المناطق التي دأب السواح زيارتها في هذا الوقت من كل سنة لتمتعها بدفء الجو وجمال المناظر الطبيعية.
لكن تنظيم هذه الرحلات جاء مختلفا هذه المرة بفعل الأزمة الاقتصادية التي مست الفئات المتضررة من أزمة كوفيد 19، إذ أن تكاليف قضاء أربعة أيام في الصحراء يكلف أكثر من 350 دولاراً، وهو سعر مرتفع لا يتماشى مع الوضع الاقتصادي للكثيرين.
 
ويعزى سبب ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع تكلفة تذكرة الطائرة، وأسعار الفنادق التي لم تُكيّف أسعارها مع الأزمة، حسب ما صرح به صالح، وهو صاحب وكالة سياحية، لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي.
 
أوضح صالح أن ارتفاع الأسعار دفع الكثير من الوكالات لتنظيم عملية الدفع بالتقسيط، فيما عرض أحد المتعهدين السياحيين رحلة لقضاء رأس السنة في منطقة جانت الجنوبية، بسعر 190 دولاراً فقط، ويمكن أن يكون الدفع بعد شهرين من الآن، في طريقة لاستقطاب الزبائن.
القرية السياحية أجداغ تور بولاية ورقلة بالجنوب واحدة من أهم المنتجعات التي يقصدها السواح، إذ تجمع بين التقليدي والعصري وتحوي الكثير من المطاعم التقليدية.
 
قال عمر، وهو أحد السياح الذين زارو هذا المنتجع إنه “زار العديد من الدول، ولكن رب ضارة نافعة، فمحنة كوفيد 19 جعلتنا نكتشف جمال الصحراء الجزائرية”.
 
من جانبها، أكدت صليحة أنها لم تكن تنتظر نصف هذا الجمال إذ أنها لم تزر الصحراء طيلة حياتها، لكن ما ترك تأثيراً قوياً في نفسها هو “الاستقبال الحار والكرم الذي حظيت به من قبل سكان الصحراء”.
 
غلاء أسعار الرحلات السياحية والسفاري في الجنوب الجزائري يعود لعدة أسباب كما ذكرت أمينة حاج جيلاني، وهي واحدة من أصغر رائدات الأعمال في مجال السياحة، لمراسل “تطبيق خبّر”.
 
أوضحت جيلاني أن أهم الأسباب هو نقص المرافق الفندقية التي لا تتماشى مع الطلب الكبير عليها في موسم السياحة الصحراوية الذي يبدأ من منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وحتى نهاية شهر آذار/ مارس.
السياحة الصحراوية في الجزائر تنتعش بسبب كوفيد 19

جمال الصحراء جذب الجزائريين إليها

 

وأضافت لذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي يتطلب وصولها إلى عمق المدن الصحراوية وقتاً طويلاً وتكلفة أكبر، مقارنة بأسعارها في المناطق الشمالية، حيث تتركز معظم مصانع المواد الغذائية والألبان والأجبان.
وقالت جيلاني لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني عبد المؤمن لعرابي، إن الوكالات أصبحت مجبرة على إعادة النظر في استراتيجية التسيير الخاصة بها في زمن الجائحة، فاتجهت نحو السياحة الداخلية، التي تتطلب مجهودات جبارة.
 
وأوضحت أن هامش الربح في رحلات السياحة الداخلية ضئيل، إذ تحتاج إلى مرشد سياحي في الصحراء، وسفر طويل، بالإضافة إلى التعامل مع بعض المشاكل اللوجيستية.
 
أما أبرز المشاكل اللوجستية فلخصتها بالحجز الفندقي بالهاتف نظراً لغياب الرقمنة، وضرورة الالتزام ببروتوكول الوقاية من الفيروس، باستغلال 50 % فقط من سعة الطائرة أو الحافلة.
وتعتمد الوكالات السياحية عادة على السياح الأجانب بشكل أكبر، لكنها في هذه السنة خسرت هذه الفئة بسبب الإغلاق، ما جعلها تكتفي بالرحلات الخاصة بالسياح الجزائريين فقط.
 
لكن الوكالات تواجه تحديات كبيرة في التجهيزات الفندقية في الصحراء، والمرافق والحجز عبر الإنترنت وغلاء الأسعار.
تغيير السياسات السياحية للكثير من الوكالات في الجزائر أمر محتوم مع جائحة كوفيد 19، لكنها لا تزال بعيدة كل البعد عما كانت عليه من قبل، إذ أن هذه الرحلات الصحراوية لا تعوض سوى نسبة ضئيلة من الخسائر المترتبة عن الجائحة ،مما حدا بالكثير إلى تغيير النشاط بفعل الإغلاق.