أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (غرفة الأخبار)

تسويف تارة، وتهرب من استحقاقات تارة أخرى.. سياسة دأبت إثيوبيا على المماطلة والمراوغة فيها بما يخص قضية سد النهضة، وفى تناقض سافر في مواقفها.

استبقت أديس أبابا استئناف المفاوضات “المتأخرة” حول القضايا العالقة في ملف السد اليوم بين الدول الثلاث بتصريحات من مسئولين كبار فى الدولة – يتقدمهم رئيس الوزراء آبي أحمد – يؤكدون فيها أن قرار البدء فى ملء سد النهضة لا رجعة فيه، في استفزاز غير مقبول، يمثل استهانة بالمفاوضات، ولا يشير من قريب أو بعيد إلى أن هناك جدية ولا نية حسنة من المشاركة فى هذه المفاوضات، فكيف تتفاوض أديس أبابا، بينما تحركاتها على الأرض تناقض.

“الغاية تبرر الوسيلة”.. أسلوب الصين في الاستثمار بأزمة سد النهضة

وانطلقت، مساء اليوم الثلاثاء، مفاوضات بين وزراء ري مصر والسودان وإثيوبيا، عبر الفيديو كونفرانس بشأن سد النهضة، استجابة لمبادرة أعلنها رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك.

ومع اقتراب موعد ملء سد النهضة والذي حددته إثيوبيا بالشهر المقبل، حيث يتوقع أن يكون له آثار كارثية على مصر، ومع تصريح سابق لوزير الخارجية الإثيوبي غودو أندارجاشيو، مفاده، “الأرض أرضنا والمياه مياهنا والمال الذي يبنى به سد النهضة مالنا ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه”، ما هي أوراق مصر والسودان.

قاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، اجتماعاً لمجلس الأمن القومي المصري لبحث تطورات ملف سد النهضة.

وخلُص المجلس، إلى أن الدعوة لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة جاءت متأخرة ويجب وضع إطار زمني محْكَم، للانتهاء من المفاوضات لتجنب التنصل من الالتزامات والمماطلة.

وأضاف مجلس الأمن القومي المصري، أن الدعوة تأتي في وقت تؤكد إثيوبيا عزمها ملء السد دون توافق وهو أمر يتنافى الالتزامات القانونية.

وأكد المجلس، أن مصر تشارك في اجتماعات سد النهضة من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق وتأكيداً لحسن النوايا المصرية.

وقال عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، إن إثيوبيا تتعمد أسلوب المماطلة وإضاعة الوقت وعلى المجتمع الدولي أن يضطلع بدوره.

هذا وتنوي إثيوبيا الشروع في الملء الأول للسد الشهر القادم بالتزامن مع بداية فيضان النيل الأزرق، على أن تستمر العملية حتى نهاية فصل الشتاء بإجمالي 4.9 مليار متر مكعب ليبدأ السد التشغيل التجريبي لإنتاج الكهرباء في مارس المقبل، فيما تعترض مصر على خطط إثيوبيا وتصفها بالأحادية حيث سيسبب السد ضررا كبيرا لمصر.

حيث يشكل مشروع سد النهضة الضخم على النيل الأزرق الذي أطلقته إثيوبيا عام 2011، مصدرا لتوتر إقليمي خصوصا مع مصر التي يمدها النيل بنسبة 90 في المئة من احتياجاتها المائية.

وتخشى مصر أن يحد السد البالغ طوله 145 مترا من نصيبها من مياه النهر، فيما يخشى السودان من أن يؤثر الأمر على قدرة التخزين لديه، كما أن الخرطوم قلقة بشأن قوة السد وأمانه.

سدالنهضة .. سلاح إثيوبي يهدد الأمن المائي والغذائي لمصر

وقالت وزارة الري السودانية في بيان إن الاجتماع سيعقد “بحضور 3 مراقبين من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجنوب أفريقيا”، لمناقشة “القضايا العالقة” في المفاوضات بين الدول الثلاث حول سد النهضة.

ووقعت مصر، في 29 فبراير الماضي بالأحرف الأولى على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، الذي أعدته واشنطن والبنك الدولي، بينما امتنعت إثيوبيا عن التوقيع.

وكانت المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي توقفت منذ فبراير الماضي، نتيجة طلب أديس أبابا إجراء التشاور مع بعض الأطراف الداخلية في إثيوبيا.

وعُلقت المفاوضات إثر رفض إثيوبيا توقيع مسودة اتفاق أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولي حول ملء أديس أبابا لسد النهضة.

وجاء التوقيع بعد سلسلة اجتماعات عقدتها مصر وإثيوبيا والسودان في واشنطن منذ السادس من نوفمبر الماضي، على مستوى وزراء الخارجية والموارد المائية، بحضور ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي.

وبعد توقف المفاوضات والوصول إلى حائط مسدود عادت الحرب الكلامية في مارس الماضي بين الجانبين المصري والإثيوبي، حيث قال وزير الخارجية المصرية سامح شكري قال إنه “لا يمكن لإثيوبيا بأي حال من الأحوال أن تقدم على ملء السد بدون اتفاق، وأن مصر تؤكد استمرارها في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق”.

فيما اقترح سياسيون في مصر شن ضربة عسكرية لسد النهضة الإثيوبي الذي يعتبره المصريون “مسألة حياة أو موت” خاصة أن البلاد تعاني أساسا من نقص في الموارد المائية، كما اقترح البعض ممارسة ضغوط عسكرية على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق بشأن السد.

أبرز المحطات التي مرت بها أزمة سد النهضة؟

  • عام 2001 ، إثيوبيا تعلن عن نيتها إنشاء عدد من المشروعات على أنهارها الدولية، وذلك في استراتيجية وطنية للمياه كشفت عنها حكومتها حينذاك.
  • مايو/أيار 2010 ، توقيع اتفاقية بين ست دول لحوض النيل، هى إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي، عرفت باسم اتفاقية عنتيبي، وقوبلت برفض شديد من مصر والسودان. وبموجب الاتفاقية، تنتهي الحصص التاريخية للأخيرتين وفقا لاتفاقيات عامي 1929 و1959.
  • أبريل/نيسان 2011، الحكومة الإثيوبية تعلن تدشين مشروع إنشاء سد النهضة، لتوليد الطاقة الكهرومائية.
  • سبتمبر/أيلول 2011، اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تشكيل لجنة دولية، تدرس آثار بناء سد النهضة.
  • يونيو/حزيران 2014، اتفقت السلطات في مصر وإثيوبيا على استئناف المفاوضات مرة أخرى.
  • مارس/آذار 2015، تووقع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني، عمر البشير، ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين في العاصمة السودانية الخرطوم وثيقة “إعلان مبادئ سد النهضة”.
  • مايو/أيار2016، إثيوبيا تعلن أنها على وشك إكمال 70 في المئة من بناء السد.
  • نوفمبر/تشرين الأول 2017، وزير الري المصري يعلن عدم التوصل لاتفاق
  • يونيو/حزيران 2018 رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، يتعهد شفهيا في مؤتمر صحفي بالقاهرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن بلاده لن تلحق ضررا بالشعب المصري، بسبب سد النهضة.
  • فبراير/شباط 2019، قادة الدول الثلاث يلتقون على هامش القمة الإفريقية.
  • فبراير/شباط 2019، واشنطن تستضيف الأطراف الثلاثة بحضور ممثلين عن الخزانة الأمريكية والبنك الدولي.
  • يونيو/حزيران 2020، إعلان آبي أحمد أن قرار تعبئة سد النهضة “لا رجعة فيه”.
  • 9يونيو\حزيران 2020، انطلاق مفاوضات بين وزراء ري مصر والسودان وإثيوبيا، عبر الفيديو.

وبذكر السودان كطرف في ملف سد النهضة وكمتضرر من بناءه، دعت وزير خارجية السودان إلى موقف قوي يمنع هذه الخطوة قبل الوصول إلى اتفاق.

وقالت الوزيرة أسماء عبدالله “إذا تمت مواجهة إثيوبيا بموقف قوي من السودان ومصر بأن لا يتم الملء قبل الوصول إلى اتفاق ستفكر في الأمر مرتين”. وأضافت الوزيرة، يجب الالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية والالتزام بإعلان المبادئ الذي وقعت عليه الدول الثلاث”.

وبعد تسع سنوات من المفاوضات، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بين الدول المتنازعة.

وأفادت أسماء عبدالله ، “بأن مشروع كبير بحجم سد النهضة على بعد 20 كيلو مترا من الحدود السودانية من شأنه أن يؤثرعلى السودان، وبالتالي لابد للسودان أن يكون له موقف”، مضيفة، أن السد له فوائده وله مصادر قلق على السودان.

ويشير وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، إلى أن “الوصول لاتفاق قبل الملء بالنسبة للسودان هو أمر ضروري بل شرط أساسي، وهي النقطة رقم واحد في خطاب السودان لمجلس الأمن “.

يضيف عباس أن “السودان طرف أصيل في هذا الملف ويتأثر أكثر من مصر لأن سعته التخزينية عشرة أضعاف من سد الروصيرص السوداني الذي يبعد 100 كيلو متر فقط عن سد النهضة، لذلك لابد من الوصول إلى اتفاق بشأن مبادء الملئ وطريقة التشغيل”.

ويضيف، “من حق إثيوبيا أن تقوم بعمل التنمية لكن في نفس الوقت بدون إحداث ضرر للآخرين”.

مجلس الأمن

وخاطب السودان مجلس الأمن الثلاثاء الماضي مؤكدا تشجيع أطراف “سد النهضة” الإثيوبي على تجنب القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر سلبا على السلم والأمن الإقليمي والدولي.

وأوضحت وزيرة الخارجية  أن “السودان أرسل الخطاب لمجلس الأمن لأن مصر كانت أرسلت رسالة لمجلس الأمن قبل شهر توضح فيها موقفها وتريد من مجلس الأمن التدخل حتى تلين إثيوبيا من موقفها وتعود للمفاوضات، وردت حينها إثيوبيا على الرسالة لتقول إنها منفتحة على المفاوضات”.

“لسنا وسيطا”

وتابعت أسماء عبدالله قائلةً، “أرسلنا رسالة لمجلس الأمن لنؤكد أن السودان شريك أصيل في السد والمفاوضات لأن هناك كلام أن السودان وسيط بين مصر وإثيوبيا، نحن لسنا وسيطا، بل نحن شريك ولدينا موقف من قضية سد النهضة، وشرحنا موقفنا أثناء المفاوضات”.

وأضافت أن “السودان يهمه أن تصل الدول الثلاث إلى توافق، خاصة أنه حسب ميثاق الأمم المتحدة وإعلان المبادئ يجب أن يتم الاستخدام السليم والمتساوي للمياه وألا يحدث أي ضرر لأي من الدول الثلاث وأن يتم الإخطار وتبادل المعلومات والحل السلمي للخلافات”.

“الاتفاق شرط”

وترى وزيرة الخارجية ووزير الري والموارد المائية في السودان أنه حتى انقطاع المفاوضات في 13 فبراير وامتناع إثيوبيا عن توقيع اتفاق واشنطن في 29 فبراير الماضي، كان هناك اتفاق بشأن 90 في المئة من المسائل الفنية والسياسية العالقة، وأنه يمكن التوصل لاتفاق بشأن النقاط القليلة المتبقية.

وأوضح وزير الموارد المائية ياسر عباس “كان هناك اتفاق أن يتم البناء على مراحل وعندما تنتهي كل مرحلة يتم ملء ما تم بناءه”، وهي يعني أن يتم تقليص نقص المياه والضرر الذي يحدث على مصر.

كان الحديث، أن السد يمكن أن يكون بادرة لتعاون إقليمي “إثيوبيا ستولد كهرباء تورد لها 900 مليون دولار في السنة، سيكون للسودان ومصر الأفضلية أن يشتروا كهرباء رخيصة، وفي نفس الوقت ستتحسن التربة في السودان وننتج غذاء نصدره لكل من إثيوبيا ومصر بأسعار تفضيلية”.

يبقى السؤال إذا لم تستجب إثيوبيا وبدأت في ملء خزان سد النهضة الشهر المقبل، فماذا تملك الدول الأخرى من خيارات؟ حيث  تقول عبد الله: “نحن لا نأمل أن نصل إلى هذه المرحلة”.

مصدر الصورة: GETTY IMAGES

إقرأ أيضاً:

السودان يجري مباحثات مع مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة