أخبار الآن |  درعا – سوريا (اسماعيل الكركي)

أدى دخول داعش إلى عدة مدن وبلدات شرق سوريا إلى كارثة انسانية وقع ضحيتها أكثر من 100 ألف سوري اتجهوا جنوبا واستقروا في منطقة "الرقبان" على الحدود السورية الأردنية، بينما اضطر أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدن والبلدات القريبة من منطقة "السيدة زينب" إلى الهروب باتجاه محافظتي درعا والقنيطرة خوفا من انتقام المليشيات الطائفية التي توافدت إلى منطقتهم وبدأت بعملية تطهير ممنهج بالتواطؤ مع قوات النظام أواخر عام 2012.

مخيم "الرقبان" سجن كبير بقلب الصحراء

لم تنفع تحذيرات المنظمات الدولية من تفاقم أوضاع اللاجئين السوريين القاطنين في منطقة "الرقبان" الصحراوية نتيجة افتقارهم لأبسط وسائل العيش في ظل رفض الحكومة الأردنية إدخالهم إلى أراضيها.

السيد "أبو يزن الحمصي" ترك المخيم ووصل إلى درعا مؤخرا وشرح لأخبار الآن حجم المأساة التي يعيشها قاطنوه، فالمخيم: "الذي جمع عائلات قدمت من 25 مدينة وبلدة سورية هو أشبه بسجن وسط الصحراء، فبعد أن أصبحت مناطقهم مسرحا للحرب بين قوات النظام وداعش، لجأ عشرات الآلاف إلى ذلك المكان أملا بالدخول إلى الأردن أو العبور غربا باتجاه المناطق المحررة بأي ثمن، فالاستقرار هناك يعني تحمل برد الشتاء القادم وسيوله الجارفة وحرارة الصيف وعواصفه الرملية، ناهيك عن ندرة المياه والغذاء وانتشار الأمراض المعدية ووفاة عدد من الأطفال بسبب غياب العناية الطبية، واقتصار وسائل النقل على الحمير والبغال".

ويكمل "أبو يزن" أن لعنة الحرب لاحقت العالقين في تلك المنطقة بسبب قيام داعش بتفجير مفخخة بإحدى النقاط العسكرية التابعة للقوات الأردنية ومقتل سبعة وإصابة 14عنصرا، فاعتبرتها السلطات الأردنية منطقة عسكرية مغلقة وتوقفت عن إيصال الماء والغذاء إلى المخيم لمدة أسبوعين، وبدأت طائرات التحالف الدولي طلعاتها فوقه وقصفت معبر "التنف" القريب منه عدة مرات كونه منطلق عمليات داعش هناك.

يذكر أن مقاتلات روسية قصفت المخيم منتصف يوليو الماضي مخلفة عددا من القتلى والجرحى، لتبدأ بعدها موجة جديدة من النزوح باتجاه درعا مرورا بمحافظة السويداء عن طريق مهربين يتقاضون مبالغ قد تصل إلى نصف مليون ليرة مقابل نقل العائلات الراغبة بالخلاص من جحيم المخيم.

المليشيات الطائفية والتهجير القسري

دفع آلاف السوريين من ثمن وقوع مدنهم وبلداتهم بالقرب من منطقة "السيدة زينب" التي اتخذتها المليشيات الطائفية المساندة للنظام مقرا لها، فمنذ قدومها إلى سوريا اعتمدت تلك المليشيات على سياسة التهجير الممنهج لسكان مناطق "سبينة" و"الذيابية" وبلدات "النشابية، البحدلية، دير العصافير" و"المنصورة" تمهيدا للاستيطان فيها أو تدميرها لطمس هوية سكانها الأصليّن. 

السيد" هشام عبيد" أحد أبناء "الذيابية" أكد لأخبار الآن أن سكان تلك المناطق تركوا بيوتهم واضطروا إلى الهروب جنوبا بعد سلسلة من المجازر وحوادث التهجير القسري والمضايقات المستمرة من قبل المليشيات اللبنانية والإيرانية التي توافدت برفقة عائلاتها إلى تلك المنطقة، وقال أن معظم سكان منطقته لم يجرؤوا على العودة إلى بيوتهم بعد مجزرة الذيابية التي راح ضحيتها 107 شهداء قتل معظمهم ذبحا بالسكاكين أواخر شهر أيلول عام 2012. 

وأضاف "عبيد" أن تدفق سكان تلك المناطق باتجاه الجنوب لم يتوقف خلال سنوات الحرب، ليصل عدد النازحين الوافدين إلى محافظتي درعا والقنيطرة إلى ما يقارب 300 ألف نسمة يسكن غالبيتهم في مخيمات عشوائية في السهول وعلى أطراف الوديان بعد أن فقدوا الأمل بالعودة إلى بيوتهم.

عجزت المنظمات الدولية عن إيجاد حل جذري لأزمة العالقين على الحدود جنوب سوريا واكتفت بالتحذير من انتشار الأمراض وازدياد عدد الوفيات في صفوف الأطفال واقتراب فصل الشتاء في ظل تخوف الحكومة الأردنية من تحول تلك المنطقة إلى بؤرة لنشاطات داعش الإرهابية.