أخبار الآن | ريف حلب – سوريا (إيهاب بريمو)

يعاني "فاروق" 28 عاما، من مدينة "جرابلس" شمال شرق مدينة حلب، منذ سنتين ونصف من مرض "السرطان". فاروق قبيل اكتشافه للمرض كان يعمل في لبنان كبقية السوريين الذين لم يتمكنوا من إكمال تعليمهم، حيث كانت ظروف الحياة تجبرهم على السفر من أجل الحصول على لقمة العيش.

مدرس فارٍ من داعش لأخبار الآن: السوريون يرفضون تعليم أطفالهم بمدارس داعش

المعاناة في ظل سيطرة داعش

بعد اجراء الفحوصات الطبية تبين وجود كتلة في الرأس وبعد التشخيص من قبل الأطباء تبين بأن الكتلة "خبيثة". أصبح لفاروق موعدا شهريا في تركيا لأخذ الجرعات اللازمة من أجل المرض، لم يكن هناك معاناة سوى مشقة الطريق والتنقلات من وإلى سوريا وتركيا في بداية كل شهر آنذاك في ظل سيطرة الجيش الحر على المنطقة، ولكن منذ احتل داعش المنطقة تم منع "فاروق" من الذهاب إلى تركيا لأخذ العلاج اللازم منذ سنة تقريبا.

"ت.ج" هو أحد أقرباء "فاروق" قال لأخبار الآن: كان فاروق يأخذ الجرعات بشكل منتظم في بداية كل شهر وكان وضعه الصحي يتحسن بطريقة سريعة، أما منذ سيطرة داعش على مدينة "جرابلس" فقد تم منع "فاروق" من السفر إلى تركيا لإكمال العلاج الذي لا يتوافر في منطقتنا. حاولنا مرارا وتكرار الذهاب إلى "الحسبة" والمعنيين من أجل السماح لنا بإخراجه من المدينة من أجل استكمال الجرعات اللازمة ولكنهم لم يتجاوبوا معنا وكان ردهم لنا وكأننا نتعامل مع ضباط الأمن والمخابرات السورية بقولهم: "إن يموت في أراضي الدولة الإسلامية أفضل له. وإن مات فادعوا له"، ويضيف: ذهبنا به إلى المشفى الميداني في مدينة منبج القريبة من منطقتنا ولكن لا يتوافر هناك العلاج لأنه بحاجة إلى جرعات خاصة بمرضى السرطان، ويختم "ت.ج" حديثة لأخبار الآن بقوله: أصبح فاروق مثل قطعة القماش المرمية على الأرض لا يستطيع التحرك أو فعل أي شيء، غائب عن الوعي ويحيا على المسكنات إن توافرت ونحن كلنا أمل من خلال موقع أخبار الآن بأن تصل معاناتنا التي تجسد معاناة الآلاف من السوريين القابعين تحت سيطرة "داعش" وأن تتحرك المنظمات الدولية وحقوق الانسان لمساعدتنا.

"فاروق" أب لطفلين لا تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات وهو المعيل الوحيد لعائلته بسبب سفر أخوته خارج البلاد.

طلال.. ناج من داعش يروي انتهاكات التنظيم في العراق

داعش والوضع الطبي

"نزار حميدي" كاتب صحفي سوري قال لأخبار الآن: كان القطاع الطبي يعاني قبل الثورة السورية في "جرابلس" حيث لم يكن فيها مشافي حكومية أو أهلية، يوجد فقط مستوصف يقدم اللقاحات ويقدم بعض الأدوية وعيادات الأطباء الخاصة، فكان الأهالي يعتمدون في علاج مرضاهم على مشافي مدينة منبج "35 كم جنوباً" أو حلب ودمشق.

ويضيف "حميدي": خلال الثورة السورية جهز الهلال القطري مشفى ميدانيا عند الحدود التركية لإسعاف وعلاج المصابين والجرحى جراء قصف طيران النظام، بالإضافة لتقديم العلاج للأمراض الخفيفة واستفاد من خدماته الكثير من أبناء ريف حلب عموماً وجزء من أبناء المحافظات الشرقية، لكنه خرج عن الخدمة بعد احتلال داعش للمنطقة مطلع عام 2014، ثم فجر لاحقاً مباني المعبر الحدودي ومن ضمنه المشفى.

ويؤكد "حميدي" لأخبار الآن بأن بعد سيطرة داعش على المنطقة مطلع عام 2014 تم غلاق المعبر الحدودي من قبل الحكومة التركية، وبهذا فقد القطاع الطبي مصدرا رئيسيا كان يؤمن من خلاله الأدوية والمعدات الطبية، كما نوه "حميدي" إلى أنه خلال الفترة التي سيطر داعش على "جرابلس" تدهورت حالة القطاع الطبي مؤخراً بريف حلب الشرقي عموماً ومن ضمنها منطقة جرابلس لعدة أسباب وهي قصف النظام والطيران الروسي للعديد من المشافي في منبج والباب وغيرها، ما أدى لفقدان الكثير من الأدوية بسبب الحصار المفروض على المنطقة عموماً وهجرة معظم أطباء المنطقة للخارج، ليبقى الكثير من مرضى الكلى والسرطان والقلب وباقي الأمراض الخطيرة عرضة للموت لعدم توافر العلاج المناسب وصعوبة الحصول على إذن من جهاز "الحسبة" للسفر خارج حدود المنطقة، وفي كثير من الأحيان تعيق الاشتباكات الدائرة سفر حتى من حصل على إذن للسفر.

جرابلس 120 كم شمال شرق حلب على الحدود التركية، تقع أقصى شمال سوريا على نهر الفرات حيث أنها أول مدينة يدخل عبرها النهر. بلغ عدد سكان المدينة وريفها حوالي 70 ألف نسمة حُررت من النظام على يد الجيش الحر في تموز 2012. يوجد للمدينة معبرا حدوديا مع الجانب التركي أصبح المصدر الرئيس لاستيراد البضائع والمواد الغذائية، وإدخال الجرحى والمصابين الى المشافي التركية، إضافة إلى أنها استقبلت العديد من موجات النزوح قبل احتلالها من داعش.

داعش والقطاع الطبي: غياب المشافي وهروب الأطباء والمرضى في مهب الريحداعش والقطاع الطبي: غياب المشافي وهروب الأطباء والمرضى في مهب الريح