أخبار الآن | ريف اللاذقية – سوريا (جمال الدين العبد الله)

شهر رمضان الكريم، الذي ينتظره المسلمون في شتى أصقاع العالم لأداء فريضة الصيام، والذي ترافقه أجواء دينية يعرفها الكبير والصغير، قد تكون متماثلة لما كانت عليه في السنين الخوالي لمعظم الناس، إلا أن العديد منهم وخصوصاً في سوريا اختلف عليهم الأمر بشكل كبير.

داعش يستخدم المدنيين في مدينة منبج كدروع بشرية

ففي ريف اللاذقية؛ وتحديداً في المناطق التي تعرضت للحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات النظام المدعومة بالطيران الروسي والميليشيات الشيعية الموالية له، هاجرت معظم الأهالي المنطقة نحو جهات متعددة، فمنهم من اتجه نحو ريف إدلب، والبعض الآخر توجه نحو تركيا، بينما بعض الشباب رفضوا مغادرة المنطقة وأقاموا الخيم على الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا.

مجلس منبج العسكري يقترب من المدينة ويحرر 8 قرى جديدة

التقت أخبار الآن مع "أبو شريف" أحد أرباب العائلات التي كانت تقطن في ريف اللاذقية، وانتقل مع عائلته نحو المخيمات التركية، يقول "أبو شريف": "في مثل هذه الأيام عندما كنا في منازلنا، كنا نحضر مختلف أنواع الحبوب والمؤن لاستقبال شهر رمضان الكريم، ولتحضير استضافة شباب القرية من المقاتلين ضد نظام الأسد، وبالرغم من القصف اليومي والطيران وغلاء المعيشة، إلا أننا كنا نعيش مما نزرع ونحصد، ونعيش في بيوتنا".

ويكمل "أبو شريف": "فقدنا العديد من الشباب الذين كنا نستقبلهم في شهر رمضان الكريم ولا تزال ذكراهم في بالنا، اليوم نحن لسنا في أرضنا ولا بيوتنا، ولم نعد نستطيع أن نفعل شيئاً سوى الدعاء أن نعود إلى جبلنا، إلى منزلنا الذي احتلته قوات النظام وحلفائه".

قتلى وجرحى بقصف جوي لقوات النظام وروسيا على مناطق متفرقة في حلب

ذكريات تبقى في أذهان الجميع

انتقل عدد آخر من اللاجئين نحو المخيمات الحدودية القريبة من الشريط الحدودي التركي في المناطق التابعة لريف إدلب، بدلاً من الخروج إلى تركيا لأسباب متعددة، مثل "أم عمر" التي انتقلت مع أولادها بعد استشهاد زوجها منذ خمسة أشهر.

تقول "أم عمر": "لم أستطع اللجوء إلى تركيا بعد استشهاد زوجي في إحدى معارك ريف اللاذقية أثناء صد محاولات الجيش للتقدم على أحد المحاور، لجأت إلى قرى إدلب الحدودية حيث يمكث معظم أهل قريتي، لم أستطع أن آخذ من منزلي قبل أن يحتله النظام سوى بعض الصور والحاجيات، سأقضي شهر رمضان وحيدة مع ولديّ اللَّذين لم يتبقى لي سواهما في هذه الحياة".

داعش مهدد بخسارة أهم معاقله في ريف حلب

أما ابنها "عمر" فيقول: "أفتقد تحضيرات رمضان في العام الماضي عندما كنت في قريتي وألعب مع اقراني وأشاهد الطائرات والمدفعية تقصف ريف اللاذقية لحظة آذان المغرب والإفطار، ووقت السحور وآذان الفجر ونحن لا نهتم لما يفعله النظام وصواريخه ونكمل أحاديثنا وسهراتنا".

باقون على أرضهم

بينما بقي عدد كبير من الشباب على الشريط الحدودي السوري – التركي في بعض الخيام، والذين يقومون بنوبات الحراسة على الخطوط الساخنة بشكل يومي، رافضين مغادرة ريف اللاذقية ومناطقهم، وينوون قضاء مدة رمضان في خيامهم رغم أن معظم أهاليهم في مناطق آمنة أو في تركيا.

التقت أخبار الآن مع "محمد" أحد الشباب المرابطين على أحد المحاور في ريف اللاذقية: "في العام الماضي من شهر رمضان، كنت أمضي وقتي في إحدى نوبات الحرس إلى وقت الإفطار أو وقت السحور حسب ترتيب الحرس، لألتقي بعائلتي على مائدة الإفطار، أما اليوم فعائلتي في تركيا وأقيم مع بعض الشباب من أصدقائي وأقربائي، وسنقسم المهام سوية، قسم يعد الإفطار، والقسم الآخر يعد السحور، ونتبادل أدوارنا في أوقات الحرس".

قوات الأسد لاحقته بتهمة علاج "الإرهابيين" فأسس مشفى ميداني

في ريف اللاذقية معظم الأهالي هاجروا منازلهم بعد تعرّض المنطقة لمعظم أنواع القصف الحربي الجوي والمدفعي، وتفرقوا بين مناطق عدة، سيقضون شهر رمضان الكريم بعيداً عن بيوتهم ومنطقتهم لأول مرة في حياتهم.