أخبار الآن | اللاذقية – سوريا ( جمال الدين العبد الله)

خمسة أعوام من عمر الثورة السورية، شاهد فيها الشعب السوري مختلف أنواع أسلحة جيش نظام الأسد، سواء أثناء خدمتهم الإلزامية؛ أو عبر شاشات التلفاز في برنامج "حماة الديار"، الذي كان يستعرض أفخم وأحدث أنواع الأسلحة، والتي صُرف عليها حوالي الـ 90% من ميزانية الدولة.

خرج السوريون في ثورتهم عام 2011، وتذوقوا طعم السلاح "الجبار" الذي أفقرهم وهم يدفعون جزءا مما يفترض أنه حصتهم في الدخل القومي لشرائه من أجل حمايتهم والذي يُفترض أن يكون من أحدث أنواع السلاح وذلك لمجابهة العدو بحسب زعم النظام!
ولعل أكثر ما يثير السخرية هو "طيران النظام" الذي تم تخصيص جزء كبير من الميزانية العسكرية من أجله، ومن أهم أسطول الطيران الجوي هو مروحية "أم كامل" أو كما يدعوها الثوار "بأم القراضة".

أسطول طيران نظام الاسد.. من أسطورة الجو إلى سخرية الواقع

نسور الجو.. باصات "الهوب هوب"
لطالما سخر الأهالي والثوار من تلك الطائرات المروحية المهترئة بوصفها "الطنبر" كما يقول "جميل" أحد مقاتلي الجيش الحر في ريف اللاذقية: "في البداية كنا نخاف من التضخيم الإعلامي لقنوات النظام التي تصفها بنسور الجو الخارقة الحارقة المتفجرة".
ويتابع: لكن ما نوعية وحداثة تلك النسور التي يُسمع صوت "قرقعتها" قُبيل وصولها بنصف ساعة! كانت تخرج علينا إحدى الطائرات المروحية ونسمع صوتها الذي يشابه صوت قرقعة باص "الهوب هوب" المزود بوقود رديء.

ويضيف جميل: "عند خروج "أم كامل" في غارة جوية لتنقض علينا، نصعد إلى إحدى المرتفعات لمشاهدتها ورميها بالرشاشات الثقيلة، وهي تمطر علينا براميل متفجرة مهترئة لتسقطها على رؤوسنا، وهي عبارة عن ألغام بحرية معدلة خصصت لترمى على رؤوسنا، ونسبة انفجارها لا تتجاوز الستة براميل من أصل عشرة!".

المعارضة السورية تقترح هدنة على مستوى البلاد في رمضان

ذكريات الأهالي مع "أم كامل"
لا تخلو سهرة أو جلسة بين السوريين "أبناء ريف اللاذقية مثلا" إلا ويأتي ذكر سلاح الطيران التابع لسلاح جو النظام، وأمست مادة دسمة لإطلاق النكات والضحك بين أبناء المنطقة، والتي يملك معظمهم "قبضات لاسلكية" متصلة مع أحد المراصد المراقبة لحركة الطيران المغير على المنطقة، ليصل إلى مسامعنا صوت أحد شباب المراصد وهو يذيع عبر اللاسلكي "اطفئوا الاضواء يا شباب أم كامل آتية للزيارة"!.

ومع وصول نبأ اقترابها من المنطقة ليلاً يقوم الجميع بإطفاء الأنوار وإكمال أحاديثهم في الظلام، ريثما تنتهي "أم كامل" أو "الطنبر" من زيارتها غير المرغوب بها.

وللأطفال السوريين أيضاً ذكرياتهم مع "أم كامل"، فمثلا علي 14 عاما، كان قُبيل الثورة يلوّح لأي طائرة تطير في مرمى عينيه، اليوم يقول علي: "أثناء تواجدي في ريف اللاذقية المحرر لطالما استيقظت من نومي على ضوضاء أم كامل، وهي تحلق في السماء لمدة طويلة دون تحديد أي هدف، وفي النهاية ترمي براميلها المتفجرة في أي مكان فقط لإفزاعنا وإيقاظنا، ولعل فائدتها الوحيدة ضد ثورتنا هي إفزاعنا بصوتها، مع بعض الأهداف التي ربما حققتها".

أسطول طيران نظام الاسد.. من أسطورة الجو إلى سخرية الواقع

طيران النظام .. أخطاء وعثرات وفوائد!
شهدت الأعوام الماضية من طيران نظام الاسد عدة أخطاء مثيرة للسخرية، فقد وقعت حوادث عدة قام بها الطيران الحربي أو المروحي على حد سواء بقصف مناطقه، وإيقاع العديد من القتلى بين صفوف جنوده، وذلك بسبب أخطاء عديدة بالإحداثيات المرسلة له، كان نتيجتها إلقاء البراميل المتفجرة على تجمعات قوات النظام بدلاً من الثوار.

وفي أحيان أخرى كانت طائرة "أم كامل" تعود إلى قاعدتها بعيد اقلاعها نتيجة خلل فني!، وأحيانا تسقط منها قطعا معدنية يرجح الثوار أنها من هيكل وبدن الطائرة الهاربة من مصاهر الخردة.

داعش يرفع قيمة الضرائب ويفرض غرامات جديدة لتعويض خسارته

ويستغل الثوار براميلها المتفجرة التي قلما تنفجر، ليستخرجوا منها المواد المتفجرة وخاصة الـ TNT، وباقي الشظايا المملوءة بالبرميل والتي يكون معظمها من بقايا أسياخ الحديد والمسننات والقطع المعدنية غير النافعة.

الطيران السوري والروسي.. شتان بين الثرى والثريا
في بداية التدخل الروسي في سوريا، لم يلقِ الثوار بالاً لهذا التدخل كون معظم السلاح الروسي قد قام الثوار بتجريبه على أرض الواقع، لكن مع دخول الطيران الحربي الروسي اختلف الأمر عن المتوقع، فهو مزود بأحدث أجهزة الرصد والتسديد، بالإضافة إلى القذائف التي يطلقها وهي ذات قوة تدميرية ضخمة مقارنة مع "المفرقعات" التي كانت ترميها طائرات النظام.

التقت أخبار الآن مع "حازم" أحد القاطنين في ريف اللاذقية منذ أربع سنوات، وشهد العديد من غارات الطيران الحربي السوري، ثم الروسي، يقول "حازم": "مع بداية غارات النظام على ريف اللاذقية، فوجئنا بما لم نكن نتوقعه، فطيران النظام الحربي يعمل على مبدأ "يارب تجي في عينه". نسبة كبيرة من قذائف الطيران الحربي أتت في أماكن خاطئة، في الأحراش والغابات ولم يصب احد بأذى".

الكاستيلو.. أخطر طريق في العالم

ويضيف حازم حول الطيران الروسي: "بالطبع اختلفت الأمور جداً بين الطيران الروسي الحديث وطيران النظام، غارة واحدة للطيران الروسي تسبب مجازر عديدة وتزيل العديد من الأبنية، وأصبحت سوريا حقل تجارب لطيران بوتين، وعند انسحاب قسم كبير من الطيران الروسي صرنا نستقبل طيران النظام بالزغاريد، ونفرح فعلاً بعودته بدلاً من شقيقه الروسي، ونميزه عن الطيران الروسي بصوته المعهود "كالطرطيرة"!.

يذكر أن الطيران الحربي والمدفعي التابع لسلاح جو نظام الاسد يعود لفترة الستينيات والسبعينيات، وقد استورده النظام من الاتحاد السوفييتي سابقا، ويتميز بكلفة صيانته، وصوته الشجيّ، واهتراء معظمه فهو لا يصلح إلا للمتاحف الحربية.