أخبار الآن | درعا – سوريا (سارة الحوراني)

 

أسبوع واحد فقط لا غير يكفي راتب "أبو علي" والذي يبلغ 35 ألف ليرة سورية لتأمين احتياجات أسرته، وذلك بعد ارتفاع اسعار المواد المعيشية الأساسية لأرقام خيالية في محافظة درعا جنوب سوريا.

"أبو علي" مدرس منذ ما يقارب الثلاثين عاما قضاها في مدارس، لكنه اليوم بات تحت خط الفقر بمائة درجة "حسب قوله" لمراسلة أخبار الآن في محافظة درعا، وأضاف: "أعمل طوال شهر كامل وفي نهاية الشهر أقبض راتبي الذي بات لا يتجاوز 55 دولاراً أمريكياً، في حين كان قبل خمس سنوات يساوي 600 دولاراً، لقد انهار كل شيء وبات علينا العيش على الخبز والماء فقط، وفيما لو رغبنا بترفيه أنفسنا نشتري بعضاً من الخضروات التي ارتفع سعرها بشكل كبير على الرغم من أننا نعيش في منطقة زراعية منتجة ومصدرة لها".

شبح الكساد

منذ أسبوع لم تدخل أية زبونة إلى محل "أم منصور" للملابس الكائن في طريق السد بمدينة درعا، حيث تعاني من شبه انعدام لحركة البيع شأنها شأن باقي المحال التجارية، والتي بات شبح الكساد يخيم عليها فيما لو استمر انخفاض الليرة السورية مقابل سعر الدولار، تقول لأخبار الآن: "لقد أرهقت الناس واستنزفت مالياً ونفسياً أيضاً، فقد بات تأمين مستلزمات الحياة الأساسية في حدها الأدنى يشكل هاجساً ويشغل وقتا كبيراً من تفكيرنا، وخاصة بأننا في الأصل من ذوي الدخل المحدود قبل الثورة السورية فما بالكم باليوم".

وتضيف أم منصور: لقد ارتفعت أسعار المنتجات بشكل خيالي، فسعر جرة الغاز وصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية، فيما وصل سعر كغ من مادة السكر إلى 600 ليرة سورية وسعر لتر زيت القلي إلى 850 ليرة سورية، فلو أردنا طهي طبخة بسيطة لكلفتنا ثروة نعجز عن تأمينها بشكل يومي.

دروس في الموسيقى لمساعدة اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري

وبينت أم منصور بأنه لم يعد باستطاعتها شراء احتياجات محلها لارتفاع أسعار البضائع بشكل كبير، حيث وصل الارتفاع إلى أكثر من ثلث ثمن القطعة، الأمر الذي لا يناسب رأس المال الصغير الذي يتواجد معها، مشيرة إلى أنها توقفت عن التعامل بالأقساط نتيجة لذلك مما خفف من حركة الشراء لديها.

الفلاح الخاسر الأكبر واختفاء الطبقة الوسطة لصالح الفقيرة

من جانبه بين المختص الاقتصادي، الدكتور "عبد الحكيم المصري" لأخبار الآن، بأن الأزمة الاقتصادية وانخفاض الليرة مقابل العملات الأخرى؛ سيؤدي إلى اختفاء الطبقة المتوسطة لصالح الفقيرة، والتي سيتضخم عددها بشكل كبير قد يتجاوز 80 بالمائة، فيما ستزداد ثروة الطبقة الغنية قليلة العدد، مشيراً إلى أن الفلاح سيستمر في خسارته في حال لم يتم تأمين سوقا لتصريف المنتجات الزراعية، وإيجاد صناعات غذائية تعتمد على المنتجات الزراعية كون محافظة درعا تعتمد على الزراعة بالدرجة الأولى من حيث عدد العاملين فيها ورؤوس الأموال المستثمرة فيها والمساحات المخصصة لها.

يشار إلى أن قوات الأسد تسيطر على القسم التجاري والصناعي في مدينة درعا "درعا المحطة"، والتي تعتبر عصب الحياة الاقتصادية والتجارية في المحافظة، حيث قامت بنهب وسلب كافة المحال التجارية والصناعية فيها، وخاصة المنطقة الصناعية والتي تضم ما يقارب 2500 ورشة صناعية ومحل تجاري، أجبر أصحابها على هجرها بما تحتويه ورشهم من بضائع ومعدات وآلات تقدر بمليارات الليرات بعد تحويلها لمنطقة عسكرية، الأمر الذي فاقم من انتشار البطالة وتضخم طبقة الفقراء في المحافظة.