أخبار الآن | الشدادي – الحسكة – (جلال زين الدين)

تبدت داعش سريعا لصالح قوات الحماية الكردية في مدينة الشدادي الواقعة في الشرق السوري بالرغم من الأهمية الاستراتيجية للمدينة بالنسبة للدواعش، يقول الناشط عبد الله الأحمد من الحسكة: "تعد الشدادي أهم معاقل داعش في سورية بعد الرقة" ويؤكد هذا الكلام أنها كانت مقرا لكثير من قادة التنظيم، ومنهم أبو سياف الذي قتل في عملية نوعية للجيش الأمريكي فيما بعد في ريف دير الزور، وشهادات للأهالي عن زيارات قام بها البغدادي للمدينة، ويتابع الأحمد موضحا الأهمية الاستراتيجية: "الشدادي خط إمداد للتنظيم بين مدينة الرقة ومدينة الموصل، وأحد الدعامات الاقتصادية للتنظيم حيث آبار النفط ومعمل الغاز ".

 وجعلت هذه الأهمية لمعركة الشدادي طابعا خاصا. وللشدادي الأهمية ذاتها بالنسبة لقوات الحماية، كما تشكل الشدادي خط الدفاع الأول عن الحسكة.

وخرج تنظيم داعش من المدينة مهزوما أمام قوات الحماية الكردية، ورغم ذلك فقد شهدت المعارك لاحقا تصعيدا من المقاتلين السوريين في داعش والذين شعروا أن أمراء التنظيم باعوهم بثمن بخس، يقول الناشط عمر الحسكاوي: "عقب الانسحاب من الشدادي وجهت اتهامات للقيادة بالخيانة، وأنها تساهم في تسليم القرى العربية السنية للكرد "ويؤكد هذه الاتهامات عدم جدية التنظيم -حتى الآن- باستعادة المدينة فقد اقتصرت ردة الفعل على إرسال عدد من المفخخات لم تفعل شيئا سوى زيادة الدمار في المدينة.

ويرجع مراقبون فشل التنظيم باستعادة المدينة لأسباب أخرى بعيدة عن نظرية المؤامرة والتواطؤ، إذ يعتقد هؤلاء أن السبب يعود أساسا لضعف التنظيم وتآكله، يقول الناشط عمر الحسكاوي: "فقد تنظيم داعش خلال العامين الماضيين قوات النخبة، ومعظم المؤمنين بفكره المتطرف، ومعظم المنخرطين بصفوفه الآن من المنتفعين الساعين نحو المال والزعامة ".

 وهذا الرأي يؤكده الواقع ويثبت رفض الشارع ولا سيما العربي السني للتنظيم وفكره، وما يعزز ضعف التنظيم عسكريا تناقص أعداد المهاجرين بشكل كبير جدا بسبب مقتلهم من جهة، والتشديد الأمني ​​التركي على الحدود من جهة ثانية، فقد شكل هؤلاء المهاجرون العمود الفقري، والقوة الضاربة للتنظيم بداية تمدده في سورية، يقول حسن الجرابلسي مهرب على الحدود: "لم يعد يقتصر التشديد التركي على الأجانب فقط، إنما يشمل السوريين حتى الحدود من جهة الثوار في الريف الشمالي لحلب مغلقة" وحرم هذا التنظيم من المقاتلين  الأجانب المؤمنين بفكره عقائديا، ومستعدين للتضحية.

ولا يقل تناقص العناصر السورين أثرا عن تناقص الأجانب، ففقد التنظيم ذلك البريق الذي دفع كثيرا من الشباب المتحمس للانخراط في صفوفه، يقول محمد الرقاوي من الرقة: "انتسب الشباب للتنظيم بداية على أنه فصيل ثوري يهدف للإطاحة بالأسد، ولم يعد بالإمكان الانسحاب الآن بعد أن جرفهم التنظيم وورطهم "ولا يعني ذلك غياب المنتسبين الجدد، لكن النوعية تراجعت بعد أن أصبح العامل المادي والجاه والمغامرة الدوافع الرئيسة للانتساب، يتابع الرقاوي:" ويلاحظ أن جل المنتسبين الجدد من المراهقين الذين سدت بوجههم الحياة، ولم يعد أمامهم سوى التنظيم لتأمين مورد مالي، فلا عمل ولا دراسة، ولا هجرة "ويثبت صحة كلام الأستاذ محمود أسرى وقتلى التنظيم في المعارك الأخيرة، يقول أبو صافي مقاتل بصفوف الجيش الحر في ريف حلب الشمالي:" في معركة تحرير إكدة (الزيزفون) في الريف الشمالي لحلب تفاجأنا بأطفال قتلى ضمن صفوف التنظيم، وما يؤلم وقوع أحدهم أسيرا، وقد بال هذا الطفل من خوفه، فكيف يرضى الخليفة الدجال إرسال أطفال لخطوط القتال ".

ويبرز في معركة الشدادي عامل السلاح وهو مهم جدا ويؤكد شل قدرة التنظيم، وفشله باستعادة ما يخسر، يقول النقيب المنشق أبو محمد: "عقب تدخل قوات التحالف أصبح عسيرا على داعش استخدام الآليات ولاسيما الثقيلة، فحيد سلاح الدبابات، وبات إرسال الأرتال مقامرة، وقد أباد التحالف عددا منها "وهذا ما دفع التنظيم للقتال من خلال مجموعات، وهذه لا تستطيع السيطرة على مدن، ويؤكد مقربون من التنظيم معاناة التنظيم من شح الذخيرة، فالتنظيم لا يملك مصانع للسلاح، وما يملكه عبارة عن ورش لحشوات الهاون والمفخخات وما شابه، كما لعب قصف مخازن السلاح لداعش دورا في ضعف التسليح.

أيا تكن الأسباب المانعة لاستعادة الشدادي فإن النتيجة الواضحة تؤكد انحسار تنظيم داعش، وعجزه عن استعادة ما يخسره من مناطق أمام الأكراد ولو كانت عربية الطابع كالشدادي وتل أبيض وصرين.