أخبار الآن | ريف حلب – سوريا – (جلال زين الدين)

لم يعدم تنظيم داعش الحيلة للتخلص من العقوبات الاقتصادية، ومحاولة خنقه اقتصاديا عبر تجفيف موارده المالية سواء عبر قصف حقول النفط أو محطات التكرير أو السيارات الناقلة له أو مراقبة التبرعات والتحويلات المالية حيث لجأ التنظيم لتنويع اقتصاده، ودعمه من مصادر أخرى.

فعمد داعش قبل موسم الحصاد لنشر إعلانات يخاطب فيها أصحاب الحصادات بالامتناع عن العمل قبل مراجعته، يقول الأربعيني أبو صالح من ريف حلب: "الهدف ضبط المحصول لينال حصته كاملة بدعوى الزكاة حتى لا يتهرب الفلاحون" وقام بالوقت عينه بتوزيع منشورات على الفلاحين لتحديد مساحات أراضيهم ونوع المحاصيل. علما أن التنظيم لم يقدم شيئا للفلاح بل سببت معاركه مع الثوار ضررا كبيرا للفلاحين في مناطقه نتيجة انقطاع الطريق مرارا ".

على الفلاحين عند داعش.. التقيد بهذه القوانين، وإلا!

ويجني داعش أرباحا طائلة عبر الزكاة إذ تشكل المورد الثاني للتنظيم بعد النفط، يقول المدرس محمد نور من مدينة منبج: "تفنن التنظيم في أساليب فرضها كتفننه في تحريف نصوص الشريعة عن مرادها وغاياتها، فزاد من مقدارها بدعوى انتشار الفقر مرة، واستبعد مرور الحول مرة، والأغرب أخذه الزكاة مما دون النصاب حيث أخذ من فلاحين نصاب زكاة لأغنامهم رغم أن عددها أقل من أربعين بدعوى وجود كباش غالية "، ووكل أمر الزكاة لمن خلت قلوبهم من الرحمة كأبي محمد السفراني في مدينة الباب.

ويبدو لافتا أن أموال الزكاة لا تعطى للفقراء باعتراف التنظيم الذي يدعي عبر إعلامه أنه وزع 419 مليون على فقراء منبج، في حين يغطى هذا المبلغ من بضعة تجار، فقد قدر التنظيم زكاة عائلة الجابر في منبج وحدها أكثر من مئة مليون.

وتعد المصادرات موردا مهما للتنظيم، وتزداد يوما بعد آخر، وتعدد الأسباب ويأتي في مقدمتها الانتماء وموالاة الثوار أو النظام أو السفر إلى مناطق خارجة عن سيطرة التنظيم، وللتنظيم عيونه الذين يزودونه بالمعلومات، ففي قرية عين النخيل شرق منبج صادر التنظيم أرضا وبيتا لأحد المتعاونين مع جيش الإسلام، وصادر في منبج وحدها مئات البيوت والمحلات.

على الفلاحين عند داعش.. التقيد بهذه القوانين، وإلا!

وقام مؤخرا بعقوبة المصادرة لعدد من المخالفات فأي سيارة يكتشف أن صاحبها يهرب دخانا ومستوردات ممنوعة كالفروج المجمد تصادر الآلية وتفرض عقوبات أخرى، يقول أبو سالم من الباب: "صادر التنظيم سيارتي بدعوى قيامي باستخدام السيارة لتهريب المسلمين من أرض الخلافة لبلاد الكفر، وأحمد الله أن العقوبة اقتصرت على المصادرة والدورة الشرعية ".

وبرز في عهد داعش ظاهرة الاعتداء على الأملاك العامة، فصادر كافة الدوائر والمقرات والأملاك العائدة للدولة بل قام بتشويه وتخريب كثير منها، يقول الناشط أبو عمر من مدينة منبج. "وصل التعدي للأرصفة، فقد بنى غرفا صغيرة على رصيف المدارس كمدرستي البايرام والبعث في منبج" والأغرب من ذلك تفكيك داعش سكة حديد مسكنة وبيعها كحديد. واستغل التنظيم الحدائق الساحات العامة فبنى حول حديقة المنصور وحدها أكثر من سبعين كشكا قام بتأجيرها للمواطنين، وفعل الأمر ذاته في مدينة معدان، يقول أبو يوسف من معدان: "استغل التنظيم باحات المدارس التي تشرف على شوارع مهمة حيث بنى محلات داخلها وفتح أبوابها جهة الشارع" .

وتدر جباية المياه والكهرباء والنظافة وغيرها موارد ضخمة لخزينة التنظيم ولا سيما إذا عرفنا أنها تفرض على مئات الآلاف من البيوت والمحلات، يقول أبو عمر "الأموال التي يحصلها التنظيم من ضريبتي الماء والكهرباء فقط كافية لتغطية كل رواتب عناصر التنظيم وزيادة، ولا سيما أنها مورد دائم متجدد ، وقد وصلت الفاتورة لألف وخمسمئة ليرة ".

ولوحظ في العام الماضي توجها للعقوبات المالية عوضا عن السجن والجلد، يقول الحقوقي أبو محمود من مدينة منبج "إذ رأى التنظيم أن سجن المواطن يكلفه طعامه وشرابه، ونقمة كبيرة فاستعاض عنها بالغرامات كأخذه غرام ذهب عن كل كروز دخان يصادر" ولجوء التنظيم للذهب سببه حقيقة انهيار سعر صرف الليرة.

وما يزال التنظيم يبتكر كل يوم وسيلة وقانونا لدعم خزينته، ​​وتدعيم موقفه المالي، وربما آخرها منعه التلفاز والصحون بدعوى ما تبثه من أكاذيب وعهر ورذيلة على حد زعمه، وأعطى مهلة زمنية تنتهي أول رمضان، وطبعا جعل للمخالف عقوبة مالية تصل 40 دولارا.

يعد الظلم المادي أحد وجوه الظلم الكثيرة التي يمارسها التنظيم على الخاضعين لسيطرته، ويستنزف بها جيوبهم المهترئة أصلا.