أخبار الآن | الرقة – سوريا (عزام الحاج)

شهد المدنيون في مدينة الرقة ليلة رعب مأساوية جديدة أمس بسبب القصف الجوي العنيف من في ظل انقطاع تام للتيار الكهربائي عن كل أحياء المدينة. الطيران الذي لم يغادر سماء المدينة شَنَّ أكثر من 30 غارة، أطلق خلالها عشرات صواريخ جو- أرض على أهداف عديدة في المدينة وأطرافها القريبة. وتشير تقديرات أولية إلى وقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين، 20 شهيدا وعدد أكبر من الجرحى، إلا أن الأنباء تضاربت حول هوية الطيران المُغير. ففيما أشار ناشطون محليون أن الطيران المغير تابعا للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، قال آخرون أن طيران النظام السوري والطيران الروسي هو من نفذ غارات ليلة أمس.

لكن من المؤكد أن الغارات – التي استهدفت مدرسة "بلقيس" ومدرسة "جميلة بوحيرد" و"مقرات الفرقة 17"، شمال المدينة، وأحياء "الرميلة" و"الفردوس" و"النعيم" في وسط المدينة -ومعظمها نقاط وأهداف تم استهدافها في غارات سابقة وأصابت محطة تحويل الجهد الكهربائي- تواصلت حتى ساعات صباح اليوم الباكر، وتخللها تحليق طيران الاستطلاع بين كل غارتين. الغارات التي حولت حياة المدنيين إلى "جحيم"، حسب وصف أحد مواطنيها، جعلت من المواقع المستهدفة كرات لهب إثر الحرائق الهائلة التي اشتعلت فيها لساعات.

وفيما ضربت إحدى غارات ليلة أمس مقر "ديوان الزكاة" التابع لداعش، فإن أنباء وردت عن مقتل عنصر واحد على الأقل من منتسبي داعش المحليين، بينما واصل داعش تكتمه عن حجم خسائره البشرية كعادته في مثل هذه الأحوال.

وتأتي هذه الغارات بعد انهيار تام للهدنة المُعلنة منذ 27 شباط الماضي؛ هذه الهدنة التي اُستثني منها داعش وجبهة النصرة ومناطق سيطرتهما وتواجدهما، كما تأتي بعد أنباء يتم تداولها عن نية النظام السوري وبتخطيط وقيادة روسيين ينوي شن هجوم بري واسع على المحافظات الشمالية الشرقية الخاضعة لسيطرة داعش، الرقة ودير الزور، بعد ارتفاع احتمالات التوصل إلى تثبيت للهدنة المعلنة سلفاً في مناطق حلب.

فإذا صح أن حملة الغارات المكثفة ليلة أمس هذه تأتي تمهيداً لحملة برية أوسع، فإن صورة الوضع في مدينة الرقة تزداد قتامة بالنسبة للمدنيين فيها، كما يبدو مصيرهم مدعاة للتشاؤم نظراً للوحشية التي يبديها النظام السوري وحلفاءه في معاملة السوريين في المناطق التي ينجح في إعادة بسط سيطرته عليها. فإضافة إلى استهداف النظام عادة للمؤسسات الحيوية في مناطق الخارجة عن سيطرته، مثل منشآت جر وتنقية المياه ومحطات تحويل الكهرباء والأفران وغيرها مما يمش بحياة المدنيين اليومية بوصفها وسائل للضغط على الناس من أجل دفعهم إلى الإذعان، فإن معظم أبنية مدينة الرقة تفتقر إلى الملاجئ مما يحتم بقاء غالبية سكانها عُرضة للإصابة بفعل الأعمال العسكرية.