أخبار الآن | السويداء – سوريا (عبيدة النبواني)

بعد بداية الثورة السورية في آذار عام 2011، ومنذ بدأ نظام الأسد بقصف الأحياء السكنية في المناطق التي ثارت ضده، أخذ أهالي تلك المناطق بالنزوح تدريجيا إلى المناطق الأكثر أمنا، والتي كانت غالبا مناطق تخضع بكاملها لسيطرة النظام، حيث توجه معظم النازحين حينها إلى مدينة دمشق أو إلى مدن اللاذقية والقامشلي والسويداء وغيرها.

استقبلت محافظة السويداء آلاف النازحين من أبناء المحافظات السورية التي تتعرض للقصف اليومي من قبل قوات النظام وطائراته، ومن قبل طائرات سلاح الجو الروسي، حيث قدم النازحون من عدة مناطق كدرعا وحلب وحمص، إضافة لدير الزور والرقة وغيرها.

النازحون في السويداء منهم من أقام فيها واستقر بعد أن وجد عملا يعينه هناك، ومنهم من يعتبر السويداء محطة مؤقتة ريثما تُهيأ له ظروف للانتقال إلى دول الجوار أو إلى محافظة أخرى، بينما يعتبرها آخرون طريق عبور لا أكثر إلى الأردن أو درعا أو سواها.

منع النازحين من التنقل

في الأيام الأخيرة ومع التصعيد العسكري في كل من تدمر ودير الزور والقامشلي وحلب، نزح عشرات المدنيين مجددا عبر البادية السورية وصولا إلى ريف السويداء الشرقي والجنوبي الشرقي هربا من المعارك هناك، وبعد وصولهم إلى السويداء قامت ميليشيا اللجان الشعبية التابعة للنظام اليوم الإثنين، بإيقاف خمس سيارات تقلّ نازحين ونقلتهم إلى معسكر الطلائع في قرية "رساس"، حيث تقدر أعدادهم بأكثر من خمسين نازحاً، إلا أن قوات النظام تفرض عليهم البقاء في السويداء وتمنعهم من التوجه إلى دمشق بحجة أنهم عائلات إرهابيين في داعش، وفق اتهام أجهزة أمن النظام.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها قوات النظام بمنع عائلات النازحين من التوجه إلى دمشق وتفرض عليهم البقاء في السويداء، فقد كانت حواجز النظام في كل من قصر المؤتمرات وقرية المسمية في الخامس والعشرين من الشهر الفائت، منعت النازحين من دير الزور والرقة والقامشلي من دخول دمشق، وأجبرتهم على العودة الى السويداء، كما منعت أي شخص من التواصل مع عائلات النازحين.

 

النظام يلعب على وتر داعش

بالمقابل بدأ بعض الأهالي داخل السويداء بالتخوف مما يثيره النظام حول النازحين، واعتبر البعض أن هؤلاء النازحون قد يكونون خلايا نائمة لداعش، حيث بدأ بعض الأهالي بالنشر على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، محذرين من دخول عناصر من "داعش" بين النازحين إلى المحافظة والانتشار فيها كخلايا نائمة، حيث يقول البعض إن التجمعات على أطراف قرية "الهويّا" في الريف الشرقي وصلت إلى نحو خمسين ألف شخص معظمهم رجال، دون ان يتسنى لأخبار الآن التأكدُ من صحة هذا الرقم.

ويفيد ناشطون من السويداء أن ذلك جاء بعد اتصال "يوسف جربوع" أحد شيوخ العقل في السويداء والمقرب من نظام الأسد، مع مسؤولين من النظام، أبدى خلاله انزعاجه من انتشار النازحين في السويداء، مشيرا خلال لقاء مع وزير المصالحة الوطنية في حكومة النظام "علي حيدر" في مقام "عين الزمان" بالسويداء، أنه قد لا يضمن ردود الفعل على تواجد النازحين، فيما أجابه مسؤولو النظام بأن النازحين في السويداء جاؤوا من مناطق "آمنة"، وأنه لا توجد حاجة لاستقبالهم في المحافظة، ضمن ما اعتبره البعض تحريضا من قبل النظام.

وفي سياق ذلك بدأ البعض بالتحذير من مخطط للنظام يقوم على تسهيل دخول عناصر داعش إلى السويداء وإبقائهم فيها، ويقول "عمار" أحد أبناء المحافظة لأخبار الآن، أن أعداد الوافدين من الرجال تزايدت في الأيام الأخيرة، مشيرا أن حواجز ميليشيا ما يسمى بالـ "دفاع الوطني" التابعة للنظام، تسهل دخول الوافدين دون تفتيش أو تدقيق على هوياتهم، مقابل مبالغ تصل إلى عشرة آلاف ليرة سورية لإخال كل شخص، وفق قوله. 

من جهته يقول "مالك" من قرية "ملح" الواقعة شرقي السويداء لأخبار الآن، إنه لا يستبعد أن يحاول النظام تسهيل إدخال عناصر من داعش بين النازحين، متخوفا من افتعاله تفجيرات أو أعمالا تخريبية داخل السويداء، ليشد الحبل إلى طرفه مرة أخرى، بعد أن خرجت عدة مظاهرات خلال الشهر الفائت طالبت بإسقاطه في أكثر من منطقة من المحافظة أبرزها مدينتا السويداء وشهبا وبلدة المزرعة، ويضيف "مالك" أن للأبناء السويداء تجارب كثيرة مع النظام، حاول خلالها استغلال وجود داعش في الريف الشرقي، للحفاظ على حدٍ معين من الخوف لدى أبناء المحافظة، وضمان بقائهم في صفه.