أخبار الآن | الرقة – سوريا (عزام الحاج)
في خطوة جديدة من أجل تحقيق حماية أكبر لمقاتليه وقادته، شرع داعش بتغطية شوارع مدينة الرقة بالشوادر، وهو قماش سميك وقوي تُصنع منه الخيم عادة. ويبدو أن داعش وجد في تغطية شوارع الرقة طريقة للحد من استهداف عناصره عبر الطائرات المُسيرة عن بعد، وهي الطريقة التي تستخدمها قوات التحالف الدولي في تصيد مقاتلي داعش وخصوصا القادة والأمنيين منهم.
يأتي البدء في تطبيق هذا الحل بعد آخر غارة من هذا النوع قام بها التحالف الدولي بعد ظهر الثلاثاء 26 نيسان، واستهدفت سيارة تابعة لداعش الذي يتكتم في مثل هذه الأحوال عن ذكر خسائره.
ونشر ناشطون محليون صوراً لشوارع وأزقة في محيط شارع المنصور في وسط مدينة الرقة وقد غُطيت بالشوادر التي حجبت الرؤية عمَّن ينظر من الأعلى، بحيث لا يرى حتى سكان الأبنية المطلة على الشارع أو الزقاق المُغطى، من الطابق الأول وما فوق، ما يجري فيه.
وفسّر هؤلاء الناشطون خطوة داعش هذه بأنها محاولة لحماية قادته وأمنييه الأجانب وأُسرهم بعد أن أصبحوا يشكلون نسبة كبيرة من سكان أحياء عديدة في مدينة الرقة؛ التي حولها داعش المتشدد إلى مركز لتجميع مقاتليه وتدريبهم، ومستقراً لعدد من أهم قادته الأمنيين والعسكريين والإداريين وأُسرهم المستجلبين من شتى بقاع الأرض ومن مختلف الجنسيات والدول.
لكن لا يبدو أن مشروع تحجيب شوارع مدينة الرقة وافياً بالغرض منه حال الخروج من المدينة. إذ يستحيل عملياً أن يُغطي داعش كل مناطق تواجد مقاتليه بقماش الخيم هذا. ما يشير إلى حاجة داعش إلى تركيز الحماية على شوارع الرقة وتحويلها تالياً إلى معقل لمقاتليه وقادته بحيث يصعب اقتلاعهم منها دون تدمير المدينة على رؤوس ساكنيها.
وتأتي خطوة داعش في تغطية شوارع الرقة في وقت تنحسر فيه سيطرته عن مساحات واسعة من سورية كان قد احتلها منذ مطلع العام 2014 وتلحق فيه هزائم عسكرية كبيرة أمام خصومه، الجيش السوري الحر وبقايا قوات نظام بشار الأسد وما يعرف بـ "قوات سورية الديمقراطية".
إلّا أن هذا الحل الذي تفتقت عنه عقول أمنيي داعش يضع سكان المدينة جميعاً "وبشكل موضوعي" هدفاً أمام خصومه، فحيثما يمكن أن تعجز طائراتهم في تصيد عناصر داعش، فقد يكون الحل في تقبل وقوع المزيد من "الخسائر الجانبية" في صفوف المدنيين من أجل القضاء على هذا الأمني أو ذاك القائد الداعشي.
لا تبدو مسألة حجب شوارع الرقة عن الطيران بهذه الطريقة البدائية سوى تعقيد إضافي لمهام الطيران المُسيَّر عن بعد في تحديد مواقع عناصر داعش عبر الكاميرات، لكنه لن يكون بأي حال حلاً لقدرة هذه الطائرات على تعقبهم بوسائل إلكترونية أكثر تطوراً ودقة، إلَّا أن المدنيين وفي الأحوال كافة سيبقون المادة الأكثر تعرضاً للتعسف والعنف والقتل، سواء جاء في صورة خسائر جانبية بفعل ضربات أعداء التنظيم المتشدد أم في صورة تعسف يومي وارتجال من قبل مهووسيه على الأرض.