أخبار الآن | البقاع – لبنان (مصطفى برهان)

تمتد الحدود السورية اللبنانية على طول 357 كم، يحد لبنان من الشمال محافظة حمص ومن الوسط جرود القلمون وريف دمشق الغربي ومن الجنوب درعا.

هذه المدن السورية كان لها الأثر الاكبر في الثورة السورية، أطفال درعا أول من كتب على الجدران ينادون بالحرية وحمص عاصمة الثورة السورية وأبناء القلمون وريف الشام ضحوا أيضا بدمائهم في سبيل العيش الكريم. هذه المناطق نالت القسم الأكبر من الدمار، فقد صب النظام جم غضبه عليها ودمّر 90 % من أبنيتها، ما أجبر أبناءها للرحيل عنها بكافة الطرق والوسائل وإلى اقرب المناطق إليهم ألا وهي لبنان.

توجه قسم كبير من أبناء هذه المناطق إلى لبنان بطرق سليمة عبر الحدود واضطر بعضهم للدخول خلسة بسبب الحواجز التي تتمركز على الحدود وتلقي القبض على كل مطلوب لها، هذه الطرق غير الشرعية تعد من أصعب السبل التي يواجها الإنسان فكم من شخص قتل وهو يعبر وكم من شخص ألقي القبض عليه وهو يحاول الدخول إلى لبنان، هذه المصاعب والمتاعب قال عنها "ع. ب" أحد الداخلين بطريقة غير شرعية إلى لبنان: "بقينا ثلاثة أيام في العراء، لا نملك حتى كوب ماء، برد شديد نخر عظامنا، لم نعرف ماذا نفعل؟ أحدهم لم يعد يحتمل سلّم نفسه لأقرب نقطة عسكرية ليأتي لنا بالماء فطلب 1000 دولار ثمن العبوة، أجبرنا على الدفع حتى لا نموت عطشا، ثم أتى شخص لكي ينقلنا نحو لبنان وطلب 2000 دولار على الشخص الواحد، أعطيناه المال وأسرعنا المسير لأننا علمنا أن الشاب الذي سلم نفسه سيخبر الجيش عن مكاننا، سرنا لمدة 8 ساعات حتى وصلنا أخيرا للبنان".

هذه الأسعار الجنونية يدفعها الناس للهرب من الموت، ولكن هل الطريق فعلا يحتاج هذا المبلغ؟.

هذا السؤال الذي طرحناه على أحد المهربين "أ. ك" الذين يقومون بإدخال الناس إلى لبنان، فأجاب: "من ناحيتي الشخصية لا آخذ هذا المبلغ لكن أطلب حقي فأنا أول من يسير على الطريق، أخاطر بحياتي حتى يصل الناس سالمين، وأقوم بجولات في المكان كي أرى إن كان يوجد كمين للجيش السوري أم لا، هذا حقي فأنا من يعرف الطريق، وللعلم فأنا لا آخذ من الشخص الجريح بل أوصله وأسأله إن كان يحتاج للمال أو أي شيء آحر".

وفي سؤالنا له هل واجتهه مشكلة في أحد الأيام، قال: "كنت أوصل جريحين إلى لبنان وكان معي أحد الشباب كي يساعدني بتسيير الأحصنة التي وضعت عليها الجريحين، خرجت يومها مسرعا لم أكشف الطريق أردت فقط إيصالهما، مشينا في الطريق وأنا أحاول ألا أصدر ضوضاء وأمشي بسرعة وخفة، ولكن ما لبثت أن سمعت إطلاق نار نحونا وبدأ بعدها وابل الرصاص ينهال علينا من كل الاتجاهات، لم أعلم ماذا أفعل، عدت للخلف بسرعة وجررت معي الأحصنة والشاب يمشي معي، توجهنا نحو تلة صغيرة علها تقينا من الرصاص، بقينا ساعتين ثم عدنا أدراجنا".

حال هؤلاء كحال أربعين ألف سوري عانوا في طريقهم إلى بر الامان ليجدوا ملاحقة من الدولة اللبنانية لهم وهي تعتقل من ليس لديه أوراق دخول، هربوا من الحرب إلى لبنان ليجدوا أنفسهم في قفص الاتهام؟!.