أخبار الآن | درعا – سوريا (أسامة زين الدين)
شهدت الساحة الحورانية في الأسابيع الأخيرة تسارعا كبيرا للأحداث الجارية فيها، فقد اندلعت المواجهة المؤجلة التي كان المحللون يتوقعون حدوثها بأي لحظة بين أنصار داعش في الجنوب ممثلة بشهداء اليرموك، وبين قوى الجيش الحر التي حشدت صفوفها ضدهم في معركة أطلقت عليها اسم "نهروان حوران".
اللافت في الأمر وقوف حركة المثنى بشكل صارخ وواضح إلى جانب شهداء اليرموك ووقوفها ضد تقدم الجيش الحر ومحاولة عزل طرق إمداده، مما حوّل مسار المعركة تكتيكيا ليصبح هدفها المرحلي اجتثاث حركة المثنى كخطوة ضرورية لإنهاء وجود أنصار داعش في درعا.
تمكّن الجيش الحر من السيطرة الكاملة على أغلب مراكز انتشار حركة المثنى في المنطقة الغربية من درعا بعد معارك ضارية ودامية، حيث هرب عناصرها وقادتها إلى مناطق سيطرة لواء شهداء اليرموك. وأعلن قائد جيش اليرموك "أبو كنان الشريف" أن المثنى أصبحت اسما بلا أرض وأنهم قد أنجزوا وعدهم بالقضاء على الفكر التكفيري والإجرامي الذي حملته الحركة بعد أن عاثت فسادا في الأرض عبر الاغتيالات والسرقات، وبثت الرعب في نفوس الناشطين وقادة الفصائل.
حركة المثنى من النشوء إلى الانهيار
أسست حركة المثنى ككتيبة صغيرة في 2012 على يد أحد المفرج عنهم من سجن صيدنايا "عامر المسالمة" وما لبث أن أعلنت عن نفسها حركة في آذار 2013 بعد مقتل قائدها واستلام أخيه "ناجي" المكنى بـ"أبو أيوب" قيادتها، وركزت عملياتها وقتها في المنطقة الغربية، حيث الانتشار الضعيف لقوى النظام والغنائم السهلة، ما مكنها لاحقا من تمويل نفسها بشكل جيد بالسلاح والذخائر وتكون قوة ضخمة ورقما صعبا في الخارطة الفصائلية في الجنوب ولتشارك في معظم المعارك والانتصارات الضخمة على النظام في المناطق الغربية، وكان لها الفضل في تحرير مدينة بصرى الشام معقل حزب الله شرقي درعا. رافق ذلك تصاعد في الخطاب السلفي الجهادي التقليدي في صفوفها وعبر خطابها العام وانتشرت لاحقا سلوكيات داعشية في مقراتها وفي خطاب وتصرفات عناصرها وبعض شرعييها
محطات مع الجيش الحر
شهد تاريخ الحركة صراعا مع قوى الجيش الحر على مستوى ضيق نسبيا في البداية، وكانت خسائره بعض القتلى وتفجير بعض المقرات دون أن يمتد لصراع وجود. أغلب هذه الخلافات تمحورت حول الخلاف على الغنائم فشهدت الحركة صراعا مع "لواء المعتز بالله" تم حلّه بعد وساطات عشائرية وفصائلية، ولم تعدم الحركة خلافات متكررة بعد أغلب المعارك الكبرى وعند تقسيم الغنائم.
ولكن أبرز تلك الخلافات كانت مع أسود السنة بعد تحرير بصرى الشام، وكانت منعطفا جديد تمثل بإسباغ الإيديولوجيا على الخلاف، فبدأت عبارات التكفير والردة تظهر ضمن خلافات المثنى مع فصائل الجيش الحر، وانتهت المشكلة بتدخل دار العدل وحل المشكلة بينهما.
وعند بدء الصراع بين قوى الثورة وبين شهداء اليرموك، رفضت حركة المثنى المشاركة في جيش الفتح لان ميثاقه نص على إنهاء وجود داعش في المنطقة. وبعد انتشار شرعيين متطرفين في الحركة وتوليهم زمام الدورات الشرعية والضخ الإيديولوجي، انتقلت ظاهرة التكفير للجيش الحر واتهامه بالعمالة والردة إلى العلن، مما زاد الشرخ ووسع الخرق بينها وبين باقي الفصائل وانتقلت لمرحلة السطو على سلاحها، واختطاف بعض قادات الجيش الحر وطلب أموال طائلة كفدية له، لتعرف درعا بعدها ظاهرة المفخخات والاغتيالات التي انتشرت انتشار النار في الهشيم ولم يعرف بدقة من يقف وراءها.
محطات مع مؤسسات الثورة المدنية
لم تكن الحركة على وفاق كبير بينها وبين أكبر مؤسستين مدنيتين شهدتهما درعا، فلم تلبث حركة المثنى أن انسحبت من دار العدل التي صهرت كل المحاكم في محكمة واحدة بسبب موقفها من داعش، وانتقلت لاحقا لتكفير قضاتها واتهامهم بالردة، وقامت باغتيال رئيسها الشيخ "أسامة اليتيم" ونائبه، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في الانتقال بالحركة لمنعطف مفصلي في علاقتها بالجيش الحر وباقي القوى الثورية.
كما قامت الحركة باختطاف رئيس مجلس محافظة درعا الحرة "يعقوب العمار" بعد أيام من إعادة انتخابه ونكران وجوده لديها إلى أن تمكنت قوة من جيش اليرموك من تحريره بعملية نوعية، وظهر في تسجيل مصور يتهم الحركة صراحة باختطافه. وقامت دار العدل بالتنسيق مع باقي الفصائل على إثر ذلك بإنهاء وجود الحركة في القسم الشرقي من درعا والاستيلاء على مقراتها واستثماراتها هناك.