أخبار الآن | دير الزور- سوريا (محمود الصالح)

 

ازدادت معاناة أهالي مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة قوات النظام بعد أن أصبحت أغلب مشافي المدينة بوضع سيئ للغاية، كما توقفت معظم العمليات الجراحية في تلك المشافي، ومازاد الأمر سوءا هو هجرة معظم الأطباء الاختصاصيين خارج المدينة.

وأفاد الناشط الإعلامي "سومر ابراهيم لـ "أخبار الآن" أن خمس حالات وفاة على الأقل تم تسجيلها بسبب انعدام الدواء وارتفاع سعره في حال وجوده، وخاصة الأدوية المخدرة والمسكنة منها، علاوة على ذلك فإن مشفى "الأسد" لا يحتوي على أية مواد طبية ولا يتم إجراء أي نوع من العمليات الجراحية فيه، بل يقتصر عمله على الإسعاف وتضميد الجروح وتجبير الكسور وعمليات الولادة الطبيعية.

بالمقابل، فإن المشفى العسكري الذي يستقبل إصابات جنود النظام والميليشيات التابعة له، يتوفر على أطباء مختصين إما من الضباط المتطوعين أو من ضباط الاحتياط، بالإضافة إلى كافة الأدوية والخدمات التي تمكّنه من القيام بأغلب العمليات الجراحية للجنود الذين تتم إصابتهم في المعارك، في حين يمنع المدنيين من دخول هذا المشفى بأي حال من الأحول، ما أدى لوفاة العديد من الأهالي المصابين بالأمراض الحادة والمزمنة لغياب الرعاية الصحية من جهة ومنع قوات النظام لهؤلاء المرضى من مغادرة مناطق سيطرتها لتلقي العلاج في باقي المحافظات من جهة أخرى.

والوضع المشابه في مناطق داعش

إلى ذلك فإن أحياء دير الزور الخاضعة لسيطرة داعش لا تقل سوءا عن أحياء النظام، بل يزداد الأمر سوءا بسبب تعرض معظم المشافي والمستوصفات والمراكز الطبية لقصف الطيران السوري والروسي على حد سواء، علاوة على قيام عناصر داعش بإغلاق العديد من الصيدليات بحجة عدم الترخيص من ديوان الصحة التابع لها، أو بسبب بيع أدوية محظورة "على حد قولهم" كأدوية الإجهاض والحقن التي تعطى أثناء الولادة، إضافة لمنع عناصر داعش عددا كبيرا من المستوصفات والمراكز الطبية من العمل بحجة ارتباطها بمنظمات دولية، وما يزيد الأمر سوءا هو احتكار بعض تجار الدواء لبعض الأصناف كأدوية القلب ومستلزمات غسيل الكلى بسبب عدم توافره من جهة وارتفاع سعره بسبب سعر صرف الدولار من جهة أخرى.

الوضع الطبي والصحي في "الميادين"

وفي سياق مواز، تبين أن القطاع الصحي في مدينة الميادين لا يختلف كثيرا عن مدينة دير الزور، وإن كان أفضل بقليل، حيث عملت داعش على تغيير اختصاصات المشافي وأسمائها، في وقت أفاد الناشط الإعلامي "يحيى الحاج" لـ "أخبار الآن" أن داعش قام بتبديل اسم مشفى "الوطني" إلى مشفى "فاطمة الزهراء" وأصبح مشفى خاص بالنساء فقط وبأجور تقدر بـ 40 % من أجور المشافي الخاصة، كما قام بتغيير اسم المشفى الخيري "شريان الحياة" ليصبح اسمه مشفى "زينب" الخاص بعلاج الأطفال فقط والعلاج مأجور هو الآخر، بينما خرج مشفى "الطب الحديث" عن الخدمة تماما نتيجة القصف الذي تعرض له من طيران النظام والطيران الروسي على مدار اكثر من أربعة أشهر، ما أجبر عناصر داعش على إغلاقه ونقله إلى الثانوية الصناعية التي تعرضت هي الأخرى لقصف شديد مما جعل داعش يقوم بإغلاقها نهائيا.

يذكر أن مشفى "الطب الحديث" هو المشفى الرئيسي في المدينة حيث كان يقدم خدماته إلى سكان المدينة وريفها بالكامل.

بالمقابل قام داعش بتجهيز وحدة العناية المشددة والتي تحتوي على أجهزة تنفس اصطناعية بعد نقلها من مشفى "الطب الحديث" ولكن بأجور لا تختلف كثيرا عن أجور المشافي الخاصة، حيث تقدر أجرة السرير الواحد في هذه الوحدة بـ 6000 ليرة سورية بدون أجور التحاليل والأدوية وباقي الاستقصاءات، في حين استحدث وحدة "غسيل الكلى" التي نقلها هي الأخرى من مشفى "الطب الحديث" لكن دون توافر المواد اللازمة لجلسة الغسيل ما يجبر الأهالي على تأمين تلك المواد "المحاليل، الأنابيب، الفلاتر" من العاصمة دمشق وبصعوبة شديدة نتيجة انقطاع الطرق بين الحين والآخر، ومع ذلك يضطر المريض لدفع أجور الجلسة.   

أما في مدينة "البوكمال" فإن الوضع الصحي ازداد سوءا في الآونة الأخيرة نتيجة استهداف الطيران الحربي  للمستشفيات والمراكز الطبية الموجود في المدينة، حيث استهدف الطيران مشفى "عائشة" الخيري، وهو من أهم المشافي في المدينة لما كانت تقدم من خدمات مميزة لأبناء المدينة، والمشفى "الوطني" الذي سبب قصفه أضرارا مادية كبيرة، في حين كان لقرارات داعش دورا بارزا في تراجع القطاع الصحي بالمدينة بعد سلسلة الإجراءات التي قامت بها وخاصة تحويل مشفى "عائشة" الخيري إلى مشفى مأجور إضافة إلى مشافي "التوفيق" و"الهناء" و"البراء" و"الزبير" الخاصة وهي مشافي مأجورة هي الأخرى، بالإضافة الى هجرة معظم الكوادر الطبية خارج المدينة بسبب إلزامهم بالدوام المجاني ببعض المشافي وتحديد أجور المعاينات والعمليات، هذا وقد أكد الناشط الإعلامي "علاء سويدان " لـ أخبار الآن" أن تردي الوضع الصحي في المدينة أدى لانتشار الكثير من الامراض السارية والمعدية وتأزم الحالات لدى مرضى الربو والقصور الكلوي.

يذكر أن هناك العديد من القرى والبلدات التي لا يوجد فيها أطباء أو نقاطا طبية في ريفي دير الزور الغربي والشرقي ما يزيد الأمر سوءاً خاصة في الحالات الإسعافية، إذ يتوجب عليهم  الذهاب إما إلى مدينة البوكمال أو الميادين حيث تتوافر فيها مشافي وإن كانت مأجورة، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية ستشهدها المنطقة عاجلا أم آجلا.