أخبار الآن | غازي عنتاب – تركيا (هيام النشار)

تخرج "ديمة" من بلدة "عندان" في ريف حلب الشمالي، والقاطنة في مدينة "غازي عنتاب" التركية صباح يوم الأحد إلى مقبرة غازي عنتاب في منطقة "ياشال كينت" لزيارة أمها التي توفيت منذ شهرين، تسقي "القبر" بالماء كي ينبت الزرع عليه "حتى تشعر بوجودي" كما تقول.

"ديمة" واحدة من أبناء كثر فقدوا أمهاتهم بسبب الحرب التي يشنّها النظام على شعبه. فقد أصيب والدة ديمة بسرطان الرئة، حيث جرى كشفه في وقت متأخر بعد أن كان الأطباء قد شخّصوا المرض في مراحل سابقة على أنه "التهابات صدرية". توفيت الوالدة في تركيا تاركة مصير ابنين لها مجهولا دون أن تعرف عنهما أية أخبار.

أمهات في اللجوء .. وعيد منقوص

معاناة لا تنتهي للأمهات السوريات اللاجئات، إذ تحمل المرأة عبء إعالة الأسرة في بلدان اللجوء، بسبب فقدان الزوج أو الابن، أو بقائه داخل سوريا، وهذا ينطبق على قرابة 25% من النساء اللاجئات تقريبًا.

ففي كل سنة من تاريخ الحادي والعشرين من آذار/ مارس ستذكر الأم السورية اللاجئة في تركيا، ذكرى اجتماع العائلة في سوريا في يوم يحمل الكثير من القداسة بالنسبة للسوريين. اليوم وفي ظل الألم السوري الطاغي، لم تعد الأم تحتفي بـ "يومها" فقد باتت كل الايام هي احتفاء الأم بالأمل الذي بات من مترفات الحياة وصعب المنال، على الأقل في رؤية أولادها والعائلة مجمعة على رمز الحب الأمومي.

تقول "أم عبدو" 49 عاما: لم يعد للاحتفال مساحة في حياتنا، زادت همومنا كثيرا واختلفت الطقوس بسبب الحرب وتبعاتها، أطلب من الله أن يحمي شباب سوريا من أجل أمهاتهن".

وترى "غالية" 24 عاما، أن يوم الأم يبقى رمزا كبيرا من الضرورة الحفاظ عليه: "لم يبق لنا نحن السوريات سوى الألم والمآسي المتلاحقة، لعل الاحتفال بهذا اليوم يعيد شيئا من الأمل لنا جميعا".

العيد للأم .. والخوف على الأبناء

وبينما يستعد السوريون للاحتفال بعيد الأم، تبدو مخاوف الأمهات على أبنائهن أكثر ما يشغل هواجسهن اليومية، لاسيما في ظل تشتت العائلة السورية في بقاع مختلفة من الأرض.

"أم طاهر" 39 عاما، من ريف إدلب، تقول: "استشهد ابني الأوسط في معارك بين الجيش الحر والنظام، أما ابني الأكبر فلا يزال هناك في ريف إدلب. أعيش هنا مع زوجته وأولاده الصغار، وبعد هجرة ثلاثة من أبنائي إلى أوربا، لا أجد معنى من الاحتفال فكل ما أريده هو الاطمئنان على الأولاد وأن لا يصابوا بسوء".

"عبد الرحمن" 17 عاما، يعمل في مهنة الخياطة في "عنتاب" يقول: "عندما طلبت من أمي اختيار هدية لها، طلبت مني عدم الدخول في أية مشاكل وألا أفكر بالهجرة فتلك هي هديتها "كما تقول"، ويضيف: كلما أنظر إلى أمي أستذكر حزنها على فقدان أخي في معتقلات النظام.

جدير بالذكر أن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قد قدّرت حصيلة الأمهات من ضحايا الحرب في سوريا بما لا يقل عن 5280 امرأة، فضلًا عن أكثر من 68 ألف أم تحولت إلى أرملة، بسبب مقتل أو فقدان زوجها، إضافة إلى قرابة 180 أمًا لا تزال داخل مراكز الاحتجاز، يتعرضن للتعذيب والاعتداء.