أخبار الآن | حماة – سوريا (مكسيم الحاج)

 

لم تعد الأعياد والمناسبات بذات رونق السعادة التي عاشها السوريون فيما سبق، فبينما يحل عيد الأم ليحتفل العالم بمناسبة عيد الأم تنقسم الأمهات السوريات بين والدة لمعتقل وأم لشهيد ولاجئ أو مقاتل في صفوف الثوار، وليأتي هذا اليوم ليذكر الأمهات بأبنائهم الذين سقطوا بالآلاف جراء قصف النظام والمعارك في سوريا، ويذكر الأبناء بأمهاتهم اللاتي سقطن بالسبب ذاته.

في ريف حمص، تحدثّت "أم هاني" عن مشاعرها في هذا اليوم عقب فقدان ثلاثة شبّان من أبنائها بقصف النظام على منزلهم منذ عامين، فأم هاني لم تنس أبنائها طيلة هذه الأعوام ولكن لذكرى هذا اليوم طابعه الخاص، حيث كان هاني وأخواه في عيد الأم يعملون طيلة شهرين كاملين لجمع ثمن هدية بسيطة تسعد أمهم الستينية في العمر، وكيف كان أبناؤها يصنعون لها الحلويات ويخلقون لها أجواء من البهجة والاحتفال في هذا اليوم لإسعادها وتكريماً وإجلالاً لها.

تقل: "أشعر الآن بأني وحيدة رغم أن زوجي وأحد أبنائي ما زالوا على قيد الحياة، ولكن فقدان أبنائي الثلاث لم يدع للسعادة مكاناً في قلبي، وخلق لي في عيد الأم ذكرى أبكي دماً بدل الدموع، على خلاف أمهّات العالم اللاتي يشعرن بأجمل المشاعر في هذا اليوم".

وعبرّت "أم سهيل" التي اعتقل النظام أحد أبنائها منذ ثلاثة أعوام ولا تعلم إلى اللحظة هل قتل أم أنه ما يزال على قيد الحياة؛ عن ألمها في هذا اليوم وهي تفتقد لابنها ولفرحته في هذا اليوم، وتحدثت عن خوفها وحزنها الشديدين تجاه ابنها الذي يعد في عداد المفقودين، وتساءلت عن حاله في هذا اليوم وهي تعلم بأنه الآن يحترق من داخله من أجل أن يكون معها في هذه المناسبة.

وقالت أم سهيل: "لو خرج ابني من سجنه لكانت هي أعظم هديّة قد أحصل عليها في عمري كلّه أو حتى أن يصلها أي خبر منها يقول لها بأنه ما زال حيّاً"، وتمنّت فيما لو كان معها ويعايد عليها ويقبل يديها كما كان يفعل في عيد الأم في السنوات السابقة.

ووصفت إحدى أخوات أحد المقاتلين في صفوف الجيش الحر بريف حماة بأن أمها لم تكف عن البكاء منذ مشاركته مع الجيش الحر وحتى اللحظة خوفاً عليه من النظام ومن الموت، وبأنها رفضت بأن يعايدها أي أحد في هذا العيد حتى يعود لها ولدها سالماً من قتاله ضد النظام، فحسب قول أمها "عيد الأم بهذا الحزن لا يليق بنا".

وفي هذا اليوم، أفاد "زين" أحد المعتقلين السابقين في سجون النظام، لأخبار الآن بأنه عندما كان معتقلا في سجون النظام في دمشق كان السجانون يعمدون على رفع صوت أغاني عيد الأم، وذلك بهدف تذكير المعتقلين بأن اليوم هو عيد الأم ولحرق قلوب من داخل السجن على أهاليهم، ومن ثم يأتي ويفتح أبواب الزنازين ويقول لهم "اليوم يوم عيد الأم إن لم يكن لديكم خبر وأمهاتكم الآن تبكي عليكم ولن تروها بعد اليوم".

ويضيف زين: ومن ثم يقوم السجانون بإخراج عدد من المعتقلين إلى ممرات السجن وضربهم ضرباً مبرحاً وسط شتائم بأمهاتهم.

واعتبر زين، بأن هذا اليوم يعتبر من أشد الأيام عذاباً قد يشهده المعتقل من أساليب التعذيب النفسي التي تعد في بعض الأحيان أشد عذاباً من التعذيب الجسدي.