أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)

أعلنت مجموعة من القوى الكردية يوم أمس في مدينة "رميلان" شمال سوريا كمقاطعة فيدرالية باسم "روج آفا"، وبذلك تكون القوى الكردية قد قررت رغما عن السوريين شكل دولتهم القادمة، ضاربين بعرض الحائط كل تضحيات السوريين من أجل سوريا موحدة حرة تجمع مكوّناتها تحت حكم ديمقراطي.

التوتر الكردي العربي

في الآونة الأخيرة خلقت ما يُسمى بـ "قوات سوريا الديمقراطية" حالة من العداء الكردي العربي في شمال سوريا وشرقها، فالذي يعيش في سوريا يعرف أن مثل هذه التسميات هي مجرد ألفاظ رنانة لتجمّع من الميليشيات تباع وتشترى وترغب بالتمويل أكثر مما ترغب بالقتال، لكن ما صعّد الخلاف بين هذه القوات التي تشكل الميليشيات الكردية الجزء الأكبر من تكوينها وبين فصال الجيش الحر، هو أن هذه القوات باتت تهجر العرب من أراضيهم بشكل ممنهج. وبحجة تحرير المناطق ارتكبت انتهاكات صارخة اضطرت سكان ريف حلب الشمالي على الأخص للهروب نحو الحدود التركية وافتراش الأرض في ظل إغلاق الحدود، أما بالنسبة لآليات تقدمها العسكرية على الأرض، فقد كانت هذه القوات تزحف تحت غطاء جوي روسي كما هو حال قوات النظام تماما، وبنفس أفعالهم عند دخول القرى التي يسيطرون عليها تقريبا، مما خلق حالة من العداء بين السوري العربي والسوري الكردي، مع أن الطرفين جيران لعقود يتقاسمان الفقر والقمع، إنما كانت بعض الميليشيات الكردية هي رأس الفتنة الأولى في المنطقة، وسبب النزاع وحصاد الأرواح والتسبب بعداء عنصري دون أي مبررات بين أبناء الشعب الواحد.

الحديث عن الفيدرالية

أكثر ما تدّعيه الميليشيات الكردية في اختلافها عن تنظيم pkk الإرهابي، هو أن الأولى تسعى للحكم الذاتي، والثاني يسعى للانفصال، وهنالك خلط دائم في الحديث عن الحكم الذاتي بين النماذج المتعددة في العالم ذات الحكم الفيدرالي كالولايات المتحدة الأمريكية مثلأ، لكن خطورة الموضوع اليوم تكمن في أن المجتمعين في "الرميلان" يقررون عن عموم السوريين شكل دولتهم القادمة، فهم يقررون أن تكون سوريا ذات نظام حكم فيدرالي دون الرجوع لرأي بقية السوريين، والذين كان جواب اللاجئين إلى تركيا ممن التقيناهم كالتالي بعد السؤال عن رأيه عما يدور في الرميلان:

"غالي العياشي" 25 عاما، من حلب: "ما دار في الرميلان محاولة انفصال، وانسلاخ عن سوريا، لا يمكن أن يقنعني أحد بان ما يجري هو محاولة لتغيير شكل الدولة السورية، إنما هي محاولة لتمزيقها".

"هالة سعدون" 29 عاما، معلمة، تقول: "أنا لا أعرف ما الذي تعنيه الفيدرالية، لكني أشتم رائحة تقسيم".

"رؤية تاج الدين" ناشطة حقوقية من دمشق، تقول: "من هم الموجودين في الرميلان لكي يقرروا ما هو شكل سوريا القادم، ونحن ألسنا سوريون وبوسعنا المشاركة في القرار؟ أم يقتصر دورنا على نموت وتقرر المرتزقة شكل البلاد القادم؟".

"هاني عبد الفتاح" محامي: "لا زلنا في سوريا الأسد، والأكراد يقررون شكل الدولة المستقبلية، أليس هذا مضحكا؟ ليتهم يعاونونا على الأسد ومن ثم يستطيعون أن يقرروا معنا، لا أن يقرروا عنا!".

"رشاد نعناع" باحث اجتماعي من ريف حلب الشمالي، يقول: "أنا شخصيا لا أجد مانعا من أن تكون سوريا المستقبل فيدرالية، لكن من هم المجتمعين في رميلان كي يقرروا عن الجميع؟".

من الواضح غضب السوريين تجاه ما جاء في اجتماع الرميلان والذي يتلخص بسببين أولهما، هو تقرير شكل سوريا المستقبل من قبل فئة واحدة من السوريين، والثاني هو قرب هذا الشكل من التقسيم الذي يخشاه الجميع، ولا يريدون له أن يكون.