أخبار الآن | إسطنبول – تركيا (جابر المر)
التصق الفلسطينيون السوريون منذ مجيئهم إلى سوريا بعد نكبة عام 1948 بكلمة "من في حكمهم"، المقصود فيها أنهم بحكم المواطن السوري بالنسبة لسورية ولدول العالم، لكن الـ "من في حكمهم" هذه تختفي دائما عندما يحتاجها الفلسطيني السوري، فيصبح بلا هوية ودون وضع قانوني معروف، يمكّنه من بناء حياته على أساسه.
الفلسطيني السوري في تركيا
وبالعلاقة مع تركيا، فإن الفلسطيني السوري لا يدخل الحدود التركية كما يدخلها السوري، إنما هو بحاجة "فيزا" لا تعطيه إياه السفارات التركية دائما مهما كانت الأسباب، لكن الحرب ومآسيها فرضت على الفلسطينيين كما السوريين، اللجوء إلى تركيا من خلال الدخول إليها بطريقة غير مشروعة عبر المخاطرة بقطع الحدود على مسؤولية اللاجئ، وأمام رصاص قد تطلقه بنادق "الجندرما" التركية حيث تظنهم في أغلب الأحيان عناصر من داعش أو عناصر من ميليشيا PKK الطرفان المصنفان كتنظيمات إرهابية بالنسبة للحكومة التركية.
اليوم وبعد خمس سنين من اللجوء، تكاد لا تجد مدينة في تركيا إلا وفيها لاجئين فلسطينيين دون أي إثبات شخصية، لا أختام على جوازات سفرهم، ولا تسمح الحكومة التركية لهم باستصدار الإقامة التي تحفظ حق بقائهم في هذه البلاد، إنما يبقى الفلسطينيون هنا دون وضع قانون معرّف من قبل الحكومة التركية، فهم ضيوف إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، لا أحد يعلم طبيعة هذا الأمر، لا اللاجئين ولا الحكومة التركية كما يبدو، مما يضطرهم في أغلب الأحيان إلى استخدام جوازات سفر سورية من أجل متابعة حياتهم كلاجئين، الأمر الذي قد يعرض حياتهم القانونية في البلد لمخاطرات عديدة.
إشكالية الفيزا وجواز السفر
وبعد المدة الطويلة يبدو أن ما يضع العقدة في المنشار اليوم هو إرباك الوضع القانوني للفلسطيني السوري، إذ يحتجز الأمن التركي عائلة فلسطينية سورية مكونة من 4 أفراد في مطار أتاتورك في إسطنبول منذ 13 يوماً، عائلة "خطاب" تناشد سفارة "السلطة الفلسطينية" في تركيا و"حركة حماس" والهيئة العامة للاجئين التابعة للحكومة السورية المؤقتة وجميع أحرار وشرفاء العالم، للتدخل والتوسط من أجل الإفراج عنها بعد احتجازها في المطار، والسماح لهم بحرية التحرك والتنقل أسوة بكل اللاجئين الهاربين من الصراع في الداخل السوري.
وقالت العائلة أنها وصلت مطار أتاتورك في مدينة إسطنبول التركية قادمين من البرازيل، التي كانت الوجهة السابقة في محاولة للبحث عن حياة كريمة واستقرار وأمان، وأضافت العائلة بأننا "فوجئنا داخل المطار التركي بتوقيفنا من قبل الشرطة واحتجازنا داخل إحدى الغرف تحت ظروف معاملة سيئة مع تهديدات متكررة بترحيلنا إلى الأراضي السورية".
هذا ويشار إلى أن اللاجئ الفلسطيني السوري "باسل عزام"، وقع ضحية الحجز والاعتقال في مطار أتاتورك بمدينة إسطنبول وذلك بحجة عدم حصوله على تأشيرة الدخول التي تفرضها الحكومة التركية على اللاجئين الفلسطينيين السوريين بما فيهم الفارين من الحرب.
وبعد حوالي الأربعة شهور من الاحتجاز في المطار، وسط مخاوف من إعادة ترحيله إلى سورية أو لبنان، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً على حياة اللاجئ "عزام"، أعلن "عزام" البدء بإضراب مفتوح عن الطعام، وذلك احتجاجاً على احتجازه، ومطالبةً بالسماح له بالدخول إلى تركيا، ومعاملته وفق القوانين والأعراف الدولية فيما يتعلق بلاجئي الحروب، علما أن تركيا لا تعامل لاجئي سوريا وفق الأعراف والقوانين الدولية وإنما تعاملهم كضيوف لا كلاجئين لأن إمكاناتها لا تسمح بمعاملة أكثر من مليوني لاجئ معاملة اللاجئ الدولية.
إشاعات وأنباء تدور بين الفلسطينيين السوريين في تركيا اليوم عن أن الحكومة ستسمح للفلسطينيين هنا باستصدار أوراق أسوة بالسوريين، وسيحصلون على أختام على جوازات سفرهم تمكنهم من استصدار إقامات ومتابعة حياتهم في تركيا بشكل قانوني يمكنهم من العيش القانوني والسفر النظامي في حال توفر فرصه.
من لجوء إلى لجوء ومن جيل إلى جيل تنتقل المأساة ويصبح هدف اللاجئ اليوم أن يحصل على وثائق تثبت وجوده في الدولة التي يحيا فيها قبل أي شيء آخر، الأمر الذي إن لم يحل ستبقى الناس تحتجز في المطارات دون وضع قانوني واضح أو أسباب معروفة.