أخبار الآن | ريف إدلب- سوريا (هاديا المنصور)

بعد انطلاق الثورة السورية على سواعد أطفال درعا عام 2011، استنشق أحرار سجون النظام لأول مرة عبق الحرية، وبات هناك بوادر من هؤلاء الناجين والذين أطلق سراحهم ما بين التسعينات من القرن الماضي وبين عام 2012 حيث بدأوا يجتمعون ليشكلوا رابطة أحرار سجن تدمر والتي رخصت فيما بعد في تركيا تحت اسم "جمعية أنصار المظلومين".

"جمعية أنصار المظلومين"، جمعية حقوقية إنسانية مهتمة بشؤون المظلومين أينما وجدوا في العالم عموما وفي سوريا خصوصا، بالإضافة إلى أنها تعمل في العديد من المجالات الإغاثية والتعليمية والإيواء.

جمعية حقوقية لأسرى النظام

وعن هذه الجمعية يتحدث المهندس "نبيه عثمان" 48 عاما، رئيس المكتب التنفيذي في الجمعية: "تأسست الجمعية في 28/12/2012، عدد أعضائها حتى الآن هو 850 عضوا وجميعهم ممن كانوا أسرى في سجون النظام منذ الثمانينيات. تقوم الجمعية على مساعدة هؤلاء الأسرى المحررين وإيجاد طرق قانونية لاسترداد حقوقهم والأذى الذي لحق بهم في سجون النظام وذلك بملاحقة المجرمين الذين كانوا سببا في التعذيب والمعاناة التي عانوها عن طريق المحاكم الدولية والمحلية في حال سقوط النظام".

"أحمد السرميني" 52 عاما، من أهالي معرة النعمان وهو أحد المحررين من سجن تدمر بعد سيطرة داعش عليها في الشهر الخامس من العام الماضي، يقول: "أمضيت في سجون الأسد أكثر من ثلاثين عاما دون ذنب ارتكبته سوى تفوهي ببضع كلمات انتقدت فيها ممارسات النظام، تعرضت لتعذيب وحشي من جلادين النظام". وينوّه السرميني إلى أنه كان شاهدا على الإعدامات والمجازر التي حدثت في سجون النظام وهو سوف يساعد الجمعية على توثيقها لرفعها إلى المحاكم الدولية.

جميع المنتسبين إلى الجمعية هم من مناطق خارج سيطرة النظام، والانتساب هو طوعي وليس إلزامي ذلك أن بعض الأسرى المحررين لم ينتسبوا للجمعية ومع ذلك فهي ترعاهم وتدعمهم قدر المستطاع.

نشاطات الجمعة ومجالات عملها

أما عن أهم الجوانب التي تعمل عليها الجمعية فهي عديدة، فيقول "العثمان": "أولا الجانب الحقوقي وهو التواصل مع الهيئات الدولية لاسترداد حقوقنا، ثانيا الجانب التعليمي والذي يقوم على تثقيف أبناء الأسرى من أجل رفع سويتهم وتعليمهم وتعويضهم عن اليتم والجهل الذي عانوه وذلك بتشجيعهم على العلم وإخضاعهم لدورات ثقافية، والثالث إغاثي خدمي".

لكن انطلاق الجمعية كان حقوقيا لأعضائها، بينما هي إغاثية خدمية لجميع الشعب السوري في الداخل المحرر دون استثناء، ومن المناطق التي تغطيها الجمعية حلب وريفها "اعزاز، عندان، تل رفعت وكفرناها"، أما في إدلب وجبل الزاوية فهناك أكثر من 25 مركزا لهذه الجمعية، وكذلك كان لها تواجد في "دوما وداريا ومضايا" عن طريق التنسيق مع الجمعيات المتواجدة فيها، و لم تكن بمعزل "درعا" عن نشاطات الجمعية وخدماتها، هذا بالإضافة إلى مكاتب الجمعية المنتشرة في دول الجوار في كل من تركيا والأردن والسعودية.

كان توجه الجمعية إلى جميع فئات الشعب السوري لأن معظم الجمعيات والمنظمات الإغاثية تختص بدعمها الأرامل والأيتام في حين ترى الجمعية أن كافة الفئات بحاجة للدعم كونها صامدة تحت القصف مع شبه انعدام لفرص العمل وقلة الدخل.

"أبو خالد" 40 عاما، أحد أهالي ريف إدلب، هو أب لسبعة أبناء وأحد المستفيدين من خدمات جمعية أنصار المظلومين، يقول: "رغم أن وضعي المادي كان ممتازا في السابق كوني مالك لمحال تجارية إلا أنني بت في وضع صعب بعد تعرض محلاتي للدمار والقصف وكانت خسارتي كبيرة"، يحصل على مساعدات إغاثية شهرية من الجمعية كونه أصبح عاطلا عن العمل، وهو ما لم تقم به بقية الجمعيات ذلك.

"جمعية أنصار المظلومين" لم تغب عن مناطق نزوح أهالي حلب في الآونة الأخيرة في اعزاز وريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي حيث قامت بتوزيع أغطية وألبسة على النازحين هناك.

حملات الجمعية

"دفئكم يهمنا"، أولى حملات الجمعية نفذتها بالتعاون مع مؤسسة "عثمان بن عفان" واستهدفت أسر السجناء في حي السكري والمهجرين في العراء مثل مخيمات "جبل الزاوية، أطمة، مخيم الجزيرة" وقد تم استهداف هؤلاء لأن المخيمات الكبرى غالبا تتلقى الدعم من منظمات دولية بينما يكون دعم هذه المناطق أقل من غيرها لأنها صغيرة ومتفرقة.

تميزت الجمعية بتقديم مبالغ نقدية للنازحين والمتضررين حيث وزعت أكثر من 25000 دولارا في هذه المناطق بالإضافة لتوزيع ألبسة شتوية وأغطية وغيرها.

"سارة أم علي" 48 عاما، إحدى نازحات مخيم "أطمة" في ريف إدلب الشمالي، تقول: "تلقينا مبالغ نقدية من الجمعية لأننا بحاجة لمصاريف ونفقات عديدة، نضطر أحيانا لبيع بعض المواد الغذائية والإغاثية لتأمينها".

أما بالنسبة للمناطق المحاصرة "مضايا، المعضمية، داريا والغوطة الشرقية" فكانت هناك حملات للجمعية كحملة "لبيك مضايا" وهي عبارة عن إدخال أموال لمضايا بشكل سري.

ومشاريع تنموية

تعمل الجمعية على إنشاء مشاريع تنموية يستطيع السوري من خلالها تأمين مردود لعائلته، ومنها توزيع بقرة لكل متضرر أو محتاج بشكل مجاني ليعتني بها ويستفيد من منتجاتها.

أيضا إنشاء "معهد تدريب مهني" لطلاب المرحلة الإعدادية ممن تركوا دراستهم بسبب الأوضاع الراهنة، هذا المعهد يدرس مبادئ القراءة والكتابة واللغة العربية والتركية فهذا المشروع لأبناء السوريين في الداخل وفي دول اللجوء، أما عن الحرف المطروحة في هذا المعهد فهي "الكهرباء، الإلكترون، الحدادة، النجارة، الحلاقة والخياطة"، مدة التعليم سنة واحدة والغاية من هذا المعهد هو كفاية العائلة من عمل ابنها، بالإضافة لإنشاء كوادر مستقبلية تستطيع العمل في حال عادت سوريا حرة مستقلة.

شراكة وصعوبات

هناك شراكات عديدة بين جمعية أنصار المظلومين وجمعيات ومنظمات أخرى، منها شركاتها مع "حملة أنصر" الثالثة والرابعة ومع ACU ومع الهلال الأحمر القطري في مشروعين أحدهما "إرواء القرى البعيدة" من جبل الزاوية و"توزيع المياه" مجانا. أيضا في رمضان الماضي تم توزيع الخبز المجاني على الأسر الفقيرة في حلب وسرمدا وجسر الشغور.

أما عن أهم الصعوبات التي واجهت الجمعية فيتحدث عنها العثمان: "صعوبة التنسيق مع المجالس المحلية، ذلك أن بعض المجالس تريد احتواء كل شيء في حين أن هذا الأمر يجب أن يكون تشاركيا"، ويوضح أن هذا الأمر نتج عنه حصول بعض الأسر على ثلاث سلل غذائية بينما لم يكن لعوائل أخرى أي نصيب.

أما عن دعم الجمعية فهو من رجال أعمال سوريين مغتربين في الدول العربية والغربية. ويختتم العثمان حديثه بالقول: "سوف يكون لجمعية أنصار المظلومين دورا كبيرا في بناء سوريا المستقبل، سوريا الحرية والكرامة من خلال إعداد الكوادر السليمة بالتفكير السليم، فالسوري في النهاية ليس له إلا السوري”.