أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

بعد أن وافق مجلس الأمن على الاقتراح الروسي الأمريكي والداعيّ إلى وقف إطلاق النار من كافة الأطراف المتنازعة، وبعد أن تبنت فصائل المعارضة قرار الهدنة هذا، بدأ اليوم حيز التنفيذ. ولكن بعد إقرار القرار من سيلتزم؟ وكيف سيتم تنفيذه، وما هي نتائجه؟
أسئلة منطقية ومشروعية عند جميع السوريين لم يجدوا أجوبة عليها إلاّ بالتهكم والسخرية.
هدنة مشبوهة

بعد أن دخلت الهدنة حيز التنفيذ سارع البعض للبوح بأمانيه وأحلامه، منهم المهلل والمتفائل ومنهم الساخر والمتهكم، وآخرين لم يبالوا بكل ذلك.

يقول الحاج "أبو محمد" متهكماً "الله يجيرنا من ساعة الهدنة" ويكمل طريقه غير عابئ بما سيجري. ولم يصدق الأمر الشاب "إياد" 24 عاما، مبرراً ذلك بأنه يسكن في شارع بغداد في وسط العاصمة دمشق، ومعتبراً أن كل شيء يمر من هنا، وهو لا يُكذب عيناه التي رأت أرتالاً من السيارات العسكرية تمر من أمام البيت عندما أقروا بهذا القرار.

وتقول "بتول" 19 عاما: "عن أيّ هدنة نتحدث؟ فقد خرج عدة شبان من الدفاع الوطني وأطلقوا الكثير من العيارات النارية في الهواء فرحاً بالهدنة".

خبر مربك وغير مفرح

مشيت على خط مهاجرين- صناعة في طريق العودة إلى البيت وتقصدت المشي بدل أن أركب باصاً أو سيارة، كانت الهدنة حديث الناس "الله يجيرنا هي الكلمة الوحيدة الصادقة" بين المتهكم والمهلل تتزاحم الآراء والعبارات الساخرة، وأخرى تتحايل على الخوف من النطق بالحق فتقول: عباراتها المعتادة "إن شاء لله خير" هذه هي الحال في بعض الأحياء، تستطيع أن ترصدها بعينيك وتقرأها على الوجوه، لا أمل يُرجى، ولا شيء سيغير  كابوس الحرب.

يقول "أحمد" 32 عاما: "لماذا نفرح بمثل هذا الخبر وكأنه خبر سقوط النظام، كل القرارات لا أهمية لها، فلن يوقف إطلاق النار أيّ شيء، ومثل هذه الأمور من شأنها أن تطيل من عمر الحرب أكثر". 

حلّت ساعة الهدنة

كتب "نور" على صفحته في فيسبوك: "القاضي الشرعي الأول بمدينة دمشق يدعو الأخوة المواطنين إلى التماس هلال وقف إطلاق النار بعد غروب شمس يوم الجمعة، أعاده الله على السوريين بالخير والبركة".

يمكن أن تعرف أهمية هذه الهدنة لدىّ الكثير من السوريين من خلال ما أطلقوا عليها من نكات وعبارات تهكمية، حيث بدأ البعض يهنون كل من يلتقون به بجملة  "كل هدنة وأنتم بخير"، "إذا خابت هي الهدنة إن شاء الله راحت للهدنة الجاي".
كل ذلك يجعل من السوريين غير معنيين وغير مصدقين لما يجري، فمثل هذه الأخبار لن تغير شيء بوضع البلد الذي أوصله النظام لوضع أقل ما يُقال عنه بأنه سيء.
يقول "فريد": "الهدنة لن تصلح الكهرباء ولن توقف ارتفاع الأسعار، في الحقيقة هذا ما يهمنا". وتتابع "عبير": متى سنرجع إلى بيوتنا؟ هذا أكثر ما أفكر به.

ماذا عن مصائبنا؟

لم يفرح أهالي دمشق كثيراً بالهدنة المنتظرة، فهي ليست قطرات الغيث المرجو بعد طول جفاف، وليست سنوات الخير بعد السنوات العجاف، كما وصفتها الحاجة "أم سمير" التي لا تعنيها هدن العالم كله إذا لم تكن باستطاعتها أن تُخرج ابنها الوحيد من المعتقل الذي غيبه لأكثر من ثلاث سنوات، كما هي حال "أبو عمر" الذي بات ينتظر قراراً بالعفو العام عن المعتقلين يمكنّه من رؤية أولاده الثلاثة المُغيبين.

تقول "أمل" 34 عاما: لا نريد هدناً كاذبة، هذه ليست إلاّ أوهاماً، نعرف أنها لن تغير شيئا، نريد تحركات جديّة وفعليّة لإنهاء مآسينا.

يقول "أ. ك" ناشط ميداني: كيف يمكن أن نتفاءل بهكذا هدنة مختلقة، فالمشاكل لا تنتهي بهدنة، ويتابع: صباح اليوم قصف قوات النظام عدة أحياء من الغوطة  كدوما وعربين وداريا، هذه الأحياء أكثر من بحاجة للمساعدة وفك الحصار عنها وإيقاف إطلاق النار، خلف هذا القصف العديد من الشهداء والجرحى، وبعد كل هذا كيف يمكننا أن نتأمل منها خيراً فالأمر ليس إلاّ غطاءً لاستمرار الجرائم.