أخبار الآن | دير الزور – سوريا ( ماهر عبد الكريم )

إذا كنت تجلس على ضفة نهر فلا تشتكي العطش، عبارة لطالما سمعناها وأيقنا بها، لكن في مدينة دير الزور التي تتمدد طولا وعرضا على نهر الفرات، فلن تنفعك شكواك من شدة العطش، المدينة تعاني من جفاف شبه تام أضيف إلى الهموم التي وقعت على عاتق أهالي دير الزور.

بداية أزمة المياه وتطورها وفساد الإدارة
يتحدث صفوان أحد العاملين في مؤسسة مياه دير الزور لموقع أخبار الآن قائلا : " في مطلع عام 2015 وبعد بداية الحصار المفروض من تنظيم داعش، قمنا نحن في مؤسسة المياه بتخفيض عدد ساعات ضخ المياه إلى الأحياء بسبب قلة الوقود الذي يغذي المولدات، نقوم بضخ المياه يوم نعم ، ويوم لا، ومع تفاقم المعاناة، وانقطاع شبه تام لحركة الطيران بسبب الاشتباكات الجارية في محيط مطار دير الزور العسكري، أصبحت عملية الضخ تحصل كل أربعة أيام، ومع حلول عام 2016 فقد النظام قرية البغيلية الواقعة على طرف النهر، بعد أن قام تنظيم داعش بالسيطرة عليها، وبذالك فقدت إحدى محطات الضخ الأساسية".
مصدر مقرب من إدارة مؤسسة المياه يتحدث لموقع أخبار الآن عن بعض الحقائق فيقول : "هناك تلاعب كبير وتواطؤ من قبل الإدارة في ضخ وتوزيع المياه على الأحياء".
وأضاف: "من المفروض توزيع المياه بالتساوي، لكن إدارة المياه وبتوجيهات من القيادة العسكرية بدير الزور، تبدأ بضخ المياه إلى المطار العسكري، من ثم الثكنات العسكرية، وبعدها إلى حوالي 30 في المئة من الأحياء.
وعند سؤال الإدارة عن فقدان المياه يكون الجواب: "قلة الوقود"، مع العلم أن منظمة الصليب الأحمر كانت قد تكفلت بدفع فواتير المازوت جميعها.

حمل أثقل كاهل الأهالي

حياة صعبة يعيشها المدنيون في هذه الاحياء فهم يذوقون أقسى أنواع العذاب حصار نقص كل شيء … 
"أم محمد" وهي أحد سكان حي المعلمين تتحدث عن حياتهم اليومية قائلة : " أي حياة، ما هو مفهوم الحياة والإنسانية بالنسبة للعالم أجمع، حياتنا أصبحت تتمثل بانتظار الدور لا أكثر، لا فرق بين الأدوار".
وتابعت: "هناك دور للحصول على ربطة خبز، ودور للمحروقات، ودور للمعونات، ودور للموت، أصبحنا نرضى بالقليل، ولكن هل يعقل أن نستغني عن الماء الذي هو شريان الحياة، أصبح الشخص يحلم بالاستحمام، أنا في الحي الذي أقطن فيه لا تأتي الماء فيه إلا كل أربعة أيام، نضطر أنا وزوجي إلى الذهاب للحي الأقرب لنا، والذي يبعد عنا 500 متر، ننقل الماء إلى بيتي عن طريق الأواني المنزلية وقذائف داعش تنهمر فوقنا ".

احمد الصالح يقول لموقع أخبار الآن : "أقطن في حي الجورة، وهذا الحي تأتي اليه المياه بحكم قربه من المضخة، لكن منزلي في الطابق الرابع، والمياه لا تصعد إليه إلا بتشغيل محرك المياه، وبما أن الكهرباء لا تعمل لدينا، اضطر إلى شراء لترين من المازوت بقيمة 2000 ل.س للتر الواحد لتشغيل المولدة، لكي يصل الماء إلى منزلي".

 دير الزور على أعتاب ازمة صحية وبيئية
أشهر قليلة تفصلنا عن فصل الصيف، وبما أن مدينة دير الزور تعتبر من المدن الصحراوية فهي تشتهر بطقسها الحار.
عبد الله أحد الأطباء المتواجدين في مستشفى الأسد يتحدث لموقع أخبار الآن قائلا: " تحتاج المدينة في فصل الصيف خاصة كميات كبيرة من المياه لتأمين نظافة المدينة بشكل عام، والمنازل بشكل خاص، وهذا الأمر غير متوفر حاليا ولا حتى بالمدى المنظور، وعلاوة على ذلك فالأحياء تغرق بالقمامة بحجة عدم توافر مادة المازوت لتشغيل سيارات نقل القمامة مما ينذر بكارثة بيئية حقيقة".

يعلم جميع السكان أن هنالك حلول كثيرة لأغلب الأزمات التي يمرون بها، ولكن السلطات الأمنية التي بيدها مقاليد الأمور لا تريد للمدينة أن تتعافى من أزماتها المتراكمة، كما تنظيم داعش الذي يفرض حصاراً خانقاً على المدينة ولا يبقى لدى الأهالي سوى الأمل بحلول وكما يتدول الأهالي بينهم يقولون (لنا الله، ولنا بالمعضمية ومضايا وباقي لمدن المحاصرة أسوة حسنة بالصبر).