أخبار الآن | درعا – سوريا (اسماعيل الكركي)

 

فيما يترقب السوريون مساء السبت القادم إمكانية تنفيذ مشروع هدنة وقف إطلاق النار، الذي تأتي استكمالا لمباحثات مؤتمر ميونيخ الصادر عن المجموعة الدولية لدعم سوريا في الحادي عشر من شهر شباط 2016، وقرار مجلس الأمن الدولي 2254؛ لا يزال الغموض يكتنف فصائل الجنوب السوري حول هذه الهدنة التي لن تنطبق على "جبهة النصرة" أو أية تنظيمات أخرى قد يحددها مجلس الأمن لاحقا، والتي تتواجد في مناطق الجنوب، على الرغم من ضعفهم مقارنة بفصائل الجبهة الجنوبية.

ردة فعل فصائل الجنوب على الهدنة

اتسمت المنطقة الجنوبية من سوريا خلال السنوات الماضية بوجود نوع من التنسيق المتبادل بين فصائل الجيش الحر وبعض فصائل المعارضة المسلحة لاسيما في عدة معارك مفصلية، مما انعكس إيجابا على الواقع العسكري. لكن هذا التنسيق سرعان ما تلاشى بعد انحراف مسار تلك الفصائل "المسلحة" وانشغالها بمعاركها الداخلية، تمثلت في الاقتتال الدامي بين "جيش الفتح الجنوبي" و"لواء شهداء اليرموك" في المنطقة الغربية من درعا.

بالمقابل، كان تشكيل "الجبهة الجنوبية" وسيلة لتوحيد فصائل الجيش الحر وزيادة التنسيق فيما بينها؛ والتي بادرت إلى شن معارك كبرى ضد قوات النظام تمكّنت من خلالها فصائل الجبهة الجنوبية من تحرير عدة قرى وتلال وقطع عسكرية بشكل منفرد عن تلك الفصائل.

بعد خسارة فصائل الجنوب لبلدتي "الشيخ مسكين وعتمان" كان من الضروري دق ناقوس الخطر في الجنوب عقب محاولات قوات النظام وحلفاءه التقدم باتجاه جمرك درعا القديم حيث تم تشكيل غرفة عمليات "البنيان المرصوص" التي ضمت معظم الفصائل العاملة في أحياء مدينة درعا المحررة، بشقيها الثوري والإسلامي، لتخوض بذلك معارك عنيفة ضد القوات المهاجمة تمكنت من خلالها منع تقدم قوات النظام باتجاه معبر "الجمرك القديم" وتكبيدها خسائر فادحة قبيل سريان موعد وقف إطلاق النار الذي حددته مجموعة العمل الدولية حول سوريا.

"أبو كنان الشريف" القائد العام لـ"جيش اليرموك" أحد أكبر الفصائل في الجنوب أفد لمراسل أخبار الآن بأنه: "سواء تم الالتزام بالهدنة أو لم يتم فإنه من الواجب إعادة تأهيل الثوار واستعادة روح الثورة، وإقامة معسكرات تدريبية لإعداد كوادر جديدة  خوض معارك طويلة الأمد، وضبط المناطق المحررة في سبيل الحد من الفوضى والاغتيالات التي انتشرت مؤخرا".

وأضاف الشريف أنه يجب فرض احترام المؤسسات المدنية التي تمثل الثورة وغرس فكر التزام الفصائل لقرارات الهيئات القضائية وتلبية حاجات المدنيين قبل الحديث عن سلبيات الهدنة وإيجابياتها.

بينما يرى المقدم "نجم أبو المجد" القيادي في الجبهة الجنوبية أنه من الواجب على قادة الثورة سياسيين وعسكريين لملمة ما تبقى من أوراق التفاوض التي بأيديهم وإعادة ترتيبها للحفاظ على "ثوابت" تضمن استمرار العمل العسكري والسياسي دون منح النظام فرصة الانفراد بمحاربة فصيل ما وتحييد البقية.

أبرز المبادرات المطروحة وموقفها من مشروع الهدنة

بعد خسارة الثوار لمواقع هامة كالشيخ مسكين وعتمان، علت الأصوات المنادية بتوحيد الصفوف وفتح معارك جديدة لاستعادة تلك المناطق وتحرير باقي المناطق المحتلة  كبلدات إزرع وخربة غزالة.

فقد أعلنت "غرفة عمليات تحرير مدينة إزرع" عن بدء استهداف تجمعات النظام داخل المدينة، ودعت كافة الفصائل العسكرية للقيام بعمل شامل على البلدة والثكنات المحيطة بها .

وحول أهم المبادرات المطروحة على الساحة، كانت جماعة "جند الملاحم" قد أطلقت قبل أسبوع مبادرة لتشكيل جيش موحد من كافة الفصائل العاملة في الجنوب للتصدي للهجمة الشرسة التي يشنها النظام مدعوما بالطيران الحربي الروسي والعودة إلى طريق الانتصارات بعيدا عن حديث إمكانية وقف إطلاق النار.

"أبو سعيد الأنصاري" المسؤول الإعلامي عن تلك الجماعة صرح لأخبار الآن أن المبادرة جاءت في وقت عصيب وجب فيه التنازل واندماج أكبر عدد من الفصائل ضمن جسم عسكري واحد دون الالتفات لأي مشروع سياسي لا يتناسب مع تطلعات الشعب السوري الثائر.

تستمر محاولات قوات النظام للتقدم نحو عدة نقاط استراتيجية في درعا والقنيطرة محاولة بذلك كسب الوقت قبل إبرام أي اتفاق جدي مع فصائل المعارضة، بينما ترفض فصائل المعارضة أية هدنة قبل التزام الطرف الأخر بخطوات جدية على طريق التفاوض، خاصة وأن قوات النظام كانت قد خرقت كل الهدن التي تم الاتفاق عليها خلال السنوات الماضية.