أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (مها رباح)

"لا نريد استبدال رامي مخلوف بعشرات المخلوفين له فليس من العدل أن يستأثر أخي أو غيره لنفسه بالحصة الأكبر من المال والدعم حتى ولو كان مسؤولا أو يتولى قيادة منصب في الثورة فنحن قد خرجنا في هذه الثوره أصلا لمحاربة الفساد وقلة العدل والإنصاف في توزيع الثروات".

كلمة أطلقها "رضا" 55 عاما، من كفرنبل تجاه أخيه الذي يمتلك عدة سيارات ومنزلا ضخما مكونا من عدة طوابق يبدو عليه التكلف والثراء الفاحش في ظل الحرب وحاجة بعض الناس حتى لرغيف الخبز، منتقدا ما يقوم به الأخ من استغلال لمنصبه وجمع المال دون رقابة ضمير، يقول رضا: "أعتقد أن هذا المال ليس من حقنا وأنه لجميع هؤلاء الناس وللأشخاص الأشد ضررا فهنالك الكثير ممن تهدمت منازلهم فبقوا دون مأوى وعمل وهم أحق بالمساعدة".

تجاوزات فردية وضرورة تقويمها

"عبد الرحمن" مسؤول في جمعية "عطاء" عن توزيع المعونات في منطقة جبل الزاوية يقول: "أحاول دائما توزيع المعونات بإخلاص وتقوى حيث أتحرى دائما في عملي العدالة في التقسيم بين المناطق ومساعدة الفقراء والأشد فقرا، وأحاول جهدي مساواة نفسي مع الآخرين واضعا أمام عيني عدالة عمر بن الخطاب وأن أكون بحجم المسؤولية التي ألقيت على عاتقي".

بعض من الأشخاص المسؤولين عن التوظيف في المنظمات لهم تصرفات خاطئة وغير عادلة، ولكنها غالبا ما تكون تصرفات فردية وشخصية ولا تنطبق بالضرورة على جميع أفراد المنظمة. "رامز" من قرية معرة حرمه 35 عاما، متزوج وله ولدان يقول: "تقدمت لأحد المنظمات في ريف إدلب لكي أعمل حارسا عندهم فبدأ صاحب المكتب يسألني عن شهادتي ومؤهلاتي، وأخبرني أن ذلك لا يكفي "شهادة الإعدادية" مع أن هذه المهنه لا تحتاج لمؤهلات. بعد عدة أيام وجدت أن وظيفة الحارس قد حصل عليها أحد أقربائه". ويتابع رامز: المشكلة أنه في ظل الثورة لا تعرف إلى من تشتكي فقد كثر المسؤولين والرؤوس، على حد وصفه.

القانون يحارب الفساد والمحسوبيات

الأستاذ "أحمد" 56 عاما، مدرس فلسفة سابق في  مدارس كفرنبل، لا يعمم مسألة الفساد بكل أنواعه أو يخصصها بمنطقه معينة أو بمجتمع معين ويعتبره مسألة فردية وشخصية تتعلق  بأخلاق كل فرد على حده، ويضرب مثلا على ذلك الموظفين في المجلس المحلي.

"سائر" و"مخلص" من كفرنبل، الثاني 37 عاما، لا يحصل سوى على راتبه فقط دون أن يستأثر لنفسه بشيء، عكس سائر الذي ملأ بيته من المعونات الكثيرة بل وأصبح يبيع منها للأهالي بنصف القيمة، إضافة لراتبه وبالتالي هذا الفساد لا ينطبق على كل دائرة المجلس المحلي وإنما هو تصرف فردي وشخصي.

وبرأي الأستاذ أحمد أنه يحب أن يوجد قانونا صارما يحاكم كل هذه المظاهر ويكون موحدا، لأن الأمر يعود إلى السلطة ومدى حرصها على قانون مقاضاة المفسدين، سواء أكان قديما أم حديثا في زمن الثورة.

وفي الوقت الذي يصرح به مسؤول في منظمة URB في كفرنبل أنهم يقومون بالتوظيف بحسب توافر الكفاءات وكل بحسب مؤهلاته وشهادته، يتهمهم البعض بالسعي لتوظيف أقربائهم. "أيمن" 40 عاما، مسؤول في المنظمة يدافع عن هذه النقطة قائلا: "ما المانع أن أوظف بعض أقربائي؟!، ان لم أفعل ذلك فلن أسلم من انتقاداتهم اللاذعة واتهامهم لي بالتقصير معهم على مبدأ الأقربون أولى بالمعروف".

"صفاء" 35 عاما، موظفة في إحدى المراكز التابعه للمنظمة كمدرسة للصفوف الابتدائية تقول بأنها تعينت بسبب كونها حاصلة على إجازة جامعية تؤهلها لما تدرسه وليس لأية أسباب أخرى وهي ترى أن الموظفين في المركز يعملون  بحسب مؤهلاتهم العملية والاحترافية.

"عبد الناصر" مسؤول في إحدى الجمعيات الخيريه في ريف إدلب والمسؤولة عن إنشاء مشاريع كالأفران والمباني السكنية في كفرنبل، يلومه محمد 35 عاما من كفرنبل على اتجاهه الكلي نحو أقربائه على مستوى الفائدة المادية من هذه المشاريع، ويعتبر ذلك ظلما لغيره من المحتاجين، ويرجع محمد سبب انتشار فساد المحسوبيات إلى عدم وجود سلطة موحدة ومراقبة جادة تخضع للمعاقبة والمساءلة وإلى تعدد المسؤولين. وبرأي محمد أنه لن يتم انتصار للثورة إذا لم تتحرر من بؤر الفساد.

"نور" تعمل  كاتبه في مجلة "مزايا" كفرنبل النسائية تقول: "أشعر بالأسف لأني أصبحت أجد نفسي مضطرة أن أتكلم في كتاباتي عن مظاهر الفساد المختلفة التي يعيشها مجتمعنا في ظل الثورة الحالية"، وتتعهد نور بالكتابة عن كل المظاهر التي تراها سلبية دون انحياز معتبرة ذلك واجبا أخلاقيا عاما.