أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

 

غطى خبر وفاة 160 شخصا في سوريا إثر إصابتهم بوباء أنفلونزا الخنازير على الأخبار الأخرى، حيث ضرب هذا المرض المميت كافة أنحاء البلاد وبأسباب مجهولة، وأمام تسارع أعداد الإصابات والوفيات لا تزال الجهود ضعيفة جداً تلك التي تبذلها وزارة الصحة للحلول دون وفاة المصابين.

موقف النظام الضعيف

صرّح وزير الصحة في حكومة النظام "نزار اليازجي" منذ عدة أيام مقللاً من شأن ما يُشاع عن أعداد الوفيات المصابة بهذا الوباء، واصفاً الوضع الصحي في سورية بأنه مطمئن. وأن كل ما تناقلته وسائل الإعلام حول هذا الوباء هي أخبار غير صحيحة، موضحاً أن مرض الأنفلونزا زمرة A النمط H1N1 هو من أنماط الأنفلونزا الموسمية الاعتيادية وقد انتشر في معظم بلدان العالم مؤخراً، وفق ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية، إذ تم مؤخراً رصد حالات من هذا النوع من الفيروس في كل من مصر والأردن والباكستان والسعودية وإيران، واعتبرت منظمة الصحة العالمية هذا الأمر طبيعياً بالنظر لشدة فوعة الفيروس هذا العام. وأضاف يازجي: يعتبر الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة والشائعة مثل مرضى القلب والقصور الكلوي والأمراض التنفسية الصدرية ومرضى السمنة المفرطة، وكبار السن والنساء الحوامل، والأطفال دون الخامسة من العمر، من الفئات العالية الخطورة علماً أن فترة نشاط هذا الفيروس تقل تدريجياً مع بداية شهر آذار وحتى دخول الصيف.

الطب يؤكد انتشار المرض

يقول الطبيب "عمر" رداً على كلام يازجي: "إن هذا الكلام لا يمكن أن يكون من طبيب فكيف إذا كان وزيراً للصحة، إن انتشار وباء أنفلونزا الخنازير يعدّ من أكبر المخاطر التي تجتاح البلاد في هذا الوقت تحديداً، ويجب مواجهته بالحرص الشديد والإرشاد لضرورة العناية بالنظافة وتزويد المشافي والمستوصفات باللقاحات اللازمة".
بالمقابل يقول مدير الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة "أحمد ضميرية"، نقلاً عن الموقع الرسمي للوزارة، أن معدلات الإصابة والوفيات بمرض أنفلونزا "اتش ون إن ون" لا تزيد عن النسب العالمية ومماثلة لدول الجوار مع الإشارة إلى التعميم لمديريات الصحة لتقصي الحالات الشبيهة بالأنفلونزا والإبلاغ عنها فورا.

هل جاء المرض من إيران؟

تكتّم النظام عن عرض الحالات المصابة بالمرض، وعن عدد الوفيات بسببه، فتح الباب للتكهنات والشائعات، فقد تم الربط ما بين مرض أنفلونزا الخنازير واللحوم المستوردة من إيران.

وتم إطلاق دعوات عبر مواقع الكترونية وأخرى بين الناس في مناطق موالية للنظام بضرورة الامتناع عن تناول اللحوم والدجاج والمعلبات المستوردة من إيران، للاشتباه بأنها السبب وراء وجود الأوبئة.

يعلق الخبير الغذائي "فادي. م": "أعتقد أن هذا الوباء دخل البلاد بسبب تواجد الكثير من الغرباء المتوافدين بشكل مستمر إلى سورية، وخصوصاً في مناطق سيطرة النظام ومن المرجح أن هذا المرض دخل مع اللحوم المستوردة من إيران. يدّعم هذا القول كل الشائعات التي تناقلتها الناس عن حقيقة هذا الانتشار المفاجئ للوباء".

ويقول الطبيب العسكري "ع. م" أن النظام السوري يحيط الجنود الإيرانيين الذين يقاتلون معه بحماية خاصة، فيتم عزلهم عن مناطق المعارضة السورية وتأمين كل مستلزماتهم على اختلافها، ولا يقوم بإجراء الفحوص الطبية اللازمة لهم، كالتي يخضع لها الجنود السوريون.

جدير بالذكر أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية كانت نقلت عن وزارة الصحة أن إيران مهددة بانتشار هذا الوباء. وقد تم تحذير إحدى المحافظات الإيرانية للانتباه والإقلال من تحركات المواطنين للحد من انتشار المرض.

حال الشمال السوري

يتعرض الشمال السوري لخطر هذا الوباء بشكل يفوق بقية المناطق السورية، فقد تم تسجيل أكثر من 14 حالة وفاة في حلب. وتوضح  المتخصصة بالأمراض الصدرية "هالة. م" بأنه لا يمكن الحسم بأسباب نقل المرض في حلب، فقد يسهم كلاً من تلوث البيئة ومخلفات الأسلحة الحربية وعوامل أخرى أدت لانتشار الفيروس، كالتواجد الكبير للمقاتلين الأجانب في سورية، وبسبب الصواريخ والقنابل، واحتواء اللحوم الإيرانية المستوردة على الفيروسات، أو وجودها في المازوت الداعشي.

وقد بلغ عدد حالات الأنفلونزا في حماة والتي أخذت لها عدة مسحات بلعومية، 15 حالة ما زالت تحت المراقبة ومهددة بالموت، إضافة لوجود حالتين إصابة في مدينة "السّلمية" ريف حماة.

تقول "علياء" ممرضة في المشفى الوطني في مدينة السلمية: "الحالتان تحت المراقبة في العناية المشددة ولكن لا يمكن التكهن بما سيؤول إليه الوضع الصحي لكيهما". وتابعت: نحن نحاول نشر آلية وقائية بين الناس خصوصاً الموظفين وطلاب المدارس، ونود أن تصلنا لقاحات لهذا الفيروس ولكن الاستجابة بطيئة.

التوعية للوباء بدل رفض الاعتراف به

يقول الطبيب "علي" المقيم في مشفى دمشق: "هناك إصابات أنفلونزا كثيرة في معظم المحافظات وأكثرها في محافظتيّ دمشق وحلب، ولأسباب تتعلق بعدم المعرفة الكافية لهذا المرض، يعتقد المصاب أن ما يشعر به هي أعراض رشح وبرد فقط، ولكن عندما تزداد حالته الصحيّة سوءاً، يراجع المشفى وقد تكون حالته متقدمة وأعراض المرض شديدة، عندها يصعب معالجته فالأمصال واللقاحات لن تجدي نفعاً، وأغلب المصابون يتوفون خلال مرحلة المراقبة".

ويضيفك يقوم الأطباء بإرسال مسوحات بلعومية إلى المختبر المتخصص في دمشق لعدم وجود مختبر يقوم بهذا التحليل في محافظات أخرى، أما الإجراءات العلاجية المتبعة فتتلخص بإعطاء المريض مضادات التهاب في حال الإنتانات التنفسية، وكميات أكبر من السوائل، ومقشّع ومسكن، ونوصي بعزله في مكان دافئ ونقله إلى المشفى بسرعة في حال تفاقم الأعراض أو ظهور أعراض مفاجئة.

وبعد أن حلّ هذا الوباء في عام 2009 هاهو يعود مجدداً، ولكن في ظل صعوبة في عدم جاهزية المشافي والمستوصفات. ففي الوضع الطبيعي يحتاج ها المرضض للكثير من المواد الطبية والأدوية، فكيف في حال الحرب اليومية على الأرض السورية.