أخبار الآن | كفرنبل – سوريا (مها رباح)

بظهر منحنِ ووجه تخللته التجاعيد تمشي الحاجة خديجة من قرية "كفرسجنة" جنوب كفرنبل  وبجانبها فتاة صغيرة ارتدت ثيابا بالية تعلقت بها غبار وأوساخ الطرقات.

في شوارع "كفرنبل" اعتادت خديجة "70 عاما" أن تطرق الأبواب طالبة أي نوع من أنواع المعونة المادية، حالها كحال العديد من الوجوه الجديدة للمتسولين الذين ظهروا بعد قيام الثورة السورية بسنة ونصف تقريبا.

أسباب موجبة للتسوّل

تحتج خديجة مبررة تسولها بأن ابنها الوحيد قد توفي منذ سنه في لبنان، حينما كان يعمل هناك حيث تعطل به المصعد الآلي فسقط من أعلى مبنى الطابق الخامس إلى الطابق الأول الساعة الثانية عشرة ليلا ولم يكتشفوا موته إلا عند حلول الصباح.

وترك لها حسب قولها تسعة أولاد وهي لا تملك مصدرا للرزق أو فرصة للعمل خاصة في هذا الوضع من عدم استقرار البلاد، هذا عدا عن كونها أصبحت كبيرة في السن لا تستطيع العمل أصلا. ومنذ ذلك الحين اضطرت خديجة لأن تطلب العون من كل من تراه.

أبو رامز "45 عاما" أحد أصحاب المتاجر الكبيره في سوق كفرنبل يقول: "أغلب الوجوه الجديدة التي نراها تتسول في السوق هم من كبار السن الذين لا يستطيعون العمل ومن النساء والأطفال".

ابراهيم "80 عاما" من قرية شولين "غرب كفرنبل 20 كم" يتجول بين شوارع كفرنبل طارقا أبواب البيوت لبيع أواني الزجاج الجميلة من كؤوس وفناجين وصحون يحملها على ظهره،  لكنه اليوم تحول لمتسول يطرق الأبواب للمساعدة. يحتج ابراهيم أيضا بقوله: "لم أعد أقوى على حمل البضاعة على ظهري كما في السابق لتقدمي في السن ولم يعد أحد يشتري مني بسبب ظروف الناس التعيسة".

استغلال الثورة

هذا لا ينفي وجود أشخاص استغلوا ظروف الثوره الحالية وباتوا يتسولون باسم الثورة حسب رأي أم سعد "70 عاما. فقد قدمت إليها متسولة في الثلاثينيات من عمرها تطلب بعضا من زيت الزيتون فأعطتها قارورة صغيرة، إلا أن السائلة غافلتها وأخذت الزيت كله، وعندما لحق بها ابنها "وليد" وجدها شرق مدينة سراقب قرب بيت فخم مكون من ثلاثة طوابق، فما كان منه إلا أن هددها بالشكوى لأحد المحاكم الثورية حتى أعادت ما أخذته.

رأي ديني وآخر اجتماعي

وبالرغم من ذلك فإن الشيخ "محمد" من كفرنبل يصرح بأن إجابة المتسول والمحتاج من الأمور التي حض عليها الدين الإسلامي خشية أن يكون المتسول بحاجة فعلا، والدليل من القرآن الكريم قول آلله تبارك وتعالى "وأما السائل فلا تنهر".

أم حسن من كفرنبل 75 عاما لها رأي مختلف، فحسب اعتقادها أن الإنسان بإمكانه أن يعمل لكي يحفظ ماء وجهه من ذل السؤال وإن من يعمل لا يمكن أن يصل الفقر إليه وخاصة لدى فئة الشباب. تقول: "عن طريق امتهاني لحرفة الخياطة في شبابي كونت دخلا لا بأس به كفاني الحاجة والسؤال".

وتسوق أم حسن ما حدث مع "النبي محمد(ص)" حين جاء إليه شاب يطلب العون من الرسول الكريم فأعطاه الرسول فأسا وطلب منه الذهاب إلى الجبل وأن يحتطب ومن ثم يبيع الحطب ويأخذ ثمنه ويصون نفسه عن السؤال.

وتفيد معلومات من المجلس المحلي لمدينة كفرنبل بأن المتسولين هم من القرى المجاوره للمدينة الذين يقولون أن بيوتهم تهدمت بسبب القصف وأرزاقهم احترقت وغالبيتهم من النساء والأطفال والمسنين.

من ناحية أخرى فقد سجلت حالات سطو ونهب من قبل لصوص متسولين، لكن أغلب عمليات السطو تلك عادة ما تتم من قبل متسولين من أصول غجرية وقد اعتادت هذه الفئة من الناس التي تدعى "القرباط" باللهجة المحلية أن يتخذوا من التسول مهنة.