أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا (عامر محمد)

بسط "داعش" سيطرته على مساحات واسعة من سورية بدءا من أوائل عام 2013، من الرقة وريف حلب شمالاً إلى دير الزور شرقاً وريف حمص والقلمون وسط البلاد.

"داعش" الذي بات يسيطر اليوم على أجزاء من سلسلة جبال القلمون الممتدة على الحدود اللبنانية السورية، لا يزال يعمل على التوسع بأسلوب التهديد الذي اتبعه مع الفصائل الثورية في المنطقة، والتي تقلّص وجودها مؤخرا، فالفصيل الذي لم يبايع هرب وعناصره إلى مناطق نائية بعيدة عن متناولهم.

التأسيس .. قطّاع طرق ومتشددون

بدايات العام 2013، ومع سيطرة "داعش" على مدينة الرقة، عاد أحد قادة الكتائب الصغيرة في القلمون إليها ماراً بمدينة الرقة، لكن هذه المرة ليس بصفته قائداً عسكرياً لفصيل من الجيش الحر، بل بصفته "أبو مالك" كمسؤول لدى "داعش" في القلمون، مع تغير واضح في طريقة التفكير والهيئة التي تبدلت لتتناسب مع وضعه الجديد.

لم تكن كتيبة "أبو مالك" مكوّنة سوى من بضعة عناصر، ولم تكن الكتائب والألوية العاملة في المنطقة تكترث لأمرها، غير مدركين حجم الخطر القادم عليهم منها.

حالة من التشتت تغلغلت في صفوف الكتائب عقب معركة قارة 15-11-2013، كانت بمثابة هدية قُدمت لـ "داعش" على طبق من ذهب، فاستغلها وبدأ باستقطاب الشباب  من صغار السن وقُطاع الطرق، ناهيك عن أصحاب الفكر "السلفي المتشدد" الذين كانوا أول المبايعين.

مرحلة توسع "داعش"

تم عزل "أبو مالك" بعد وقت قصير، وعُيّن أحمد طه "أبو حسن" الفلسطيني بديلاً عنه. وكانت الظروف الصعبة والحصار الذي أُطبق على المنطقة، خاصة بعد خسارة الثوار لمدينتي قارة ويبرود، قد شكّلت دافعا لضعاف النفوس من الكتائب للالتحاق بـ "داعش" طمعاً بالعتاد والدعم، حيث كانوا يوزعون الرواتب الشهرية على العناصر دون انقطاع في حين كانت باقي الكتائب الثورية في القلمون، ممن رفضت الانضمام، تعيش أسوء حالاتها.

معركة عرسال

استمر الحال على ما هو عليه وسط ازدياد أعداد المنتسبين لـ "داعش". إلى حين اعتقلت قوات الأمن اللبناني المدعو "عماد أحمد جمعة"، من مدينة القصير في ريف حمص، قائد لواء "فجر الإسلام" والذي كان قد بايع "داعش" قبل أيام من اعتقاله.

اعتقال "جمعة" كان يوم 2-8- 2014 عند محاولته المرور على أحد حواجز الجيش اللبناني في بلدة عرسال، البلدة التي تعتبر المتنفس الوحيد لمقاتلي القلمون. تبع الاعتقال سيل من التهديدات لقوى الأمن اللبناني تدور حول هجوم سيُنفذ من قبل كتيبة "لواء فجر الإسلام" على البلدة وحواجز الجيش في الساعة الرابعة من نفس اليوم، إن لم يتم أطلاق سراح "عماد جمعة".

عند الساعة الثانية عشرة وقبل أربع ساعات من الموعد المحدد، بدأت أصوات إطلاق النار تدوي في أرجاء المدينة، تلتها أصوات القذائف، ووصول الطيران المروحي الذي نفّذ عدد من الغارات على أطراف البلدة، وسط ذهول وفزع ساد الجو العام.

لم تمر بضع ساعات حتى كان عناصر "داعش" قد سيطروا على أحد أهم حواجز الجيش اللبناني في عرسال "حاجز الحصن"، ليدخلوا بعدها البلدة وتنتقل المعارك إلى الجهة الغربية التي كانت محصنة بشكل جيد من قبل الجيش، وينتقل القصف بدوره إلى داخل البلدة من نقاط تمركز الجيش إضافة للصواريخ التي كانت تُضرب من داخل بلدة "اللبوة" المجاورة.

في اليوم التالي امتلأت البلدة بالمسلحين الذين ينتمون بنسبة 90% لـ "داعش"، إضافة لبعض العناصر من جبهة النصرة والتي أفاد الناشط "ياسين القلموني" أنهم: "لم يتدخّلوا في المعركة بل كان تواجدهم مقتصراً على حضور الجلسات التي تقام مع وفد العلماء المسلمين". ومع ازدياد أعداد المسلحين بدأ أهالي البلدة بالنزوح عنها، وبقي السوريون الذين مُنعوا من الخروج، يواجهون الموت الذي كان يتربص بهم من كل جانب.

ويضيف القلموني أن "داعش" التي أشعلت المعركة: "من أجل شخص لم نسمع به من قبل في جبهات القلمون، وأصبح فجأة أحد المطيعين لهم، كانت تشير أن هذه المعركة كانت من تخطيط النظام السوري وتنفيذ داعش".

وفي ذات الوقت قُتل "أبو حسن" الفلسطيني إثر قذيفة أطلقت من جانب الجيش اللبناني على إحدى نقاط تمركز "داعش" في جرود عرسال.

انتهاء المعركة وتبدل السلطة

بعد انتهاء معركة عرسال 7-8-2014 تعاقب على تسلم قيادة "داعش" في المنطقة عدة وجوه، مثل "أبو الهدى التلي" ثم "أبو اسامة البانياسي" الذي شهد وجودهما زيادة عناصر داعش إلى أكثر من 1500 عنصر، وهما كانا مقربين من أمير جبهة النصرة "أبو مالك التلّي".

بعد مقتل "أبو أسامة البانياسي" جاء "أبو بلقيس العدناني" ثم "عمر سيف الجزراوي أبو سياف" حتى اللحظة.

وضمن هذا وذاك، لمع اسم "أبو وليد" الذي كان أحد المؤثرين في العلاقات بين جبهة النصرة و"داعش". لكنه أعلن انشقاقه عنه بكلمة صوتية نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تبرأ خلالها من "داعش" وأفعاله واتهمه بالفساد والعمالة والاختراق، إلى أن وصل عناصر "داعش" لمكان تواجده في إحدى الخيام في جبال القلمون فقتلوه مع زوجته بتهمة الردة.

ووفق ناشطين فإن "داعش" اليوم صاحب نفوذ في منطقة القلمون وتحديداً في جرد قارة الذي يسيطر عليه بشكل كامل، في حين تسيطر جبهة النصرة على منطقة الزمراني التابعة لبلدة جراجير إضافة لبعض النقاط في جرد بلدة فليطة حيث تدور الاشتباكات مع قوات النظام وحزب الله اللبناني.