أخبار الآن | دمشق – سوريا (آية الحسن)

بينما تهتم الحكومات الغربية بتفاقم مشكلة اللاجئين السوريين وتعقد الاجتماعات وتستصدر القرارات المتعلقة بالتساهل معهم وتيسير دخولهم أراضيها، بات على حكومة النظام أن تبدي ولو اهتماما إعلاميا يوضّح موقفها حيال ما يجري.

وفي حين نرى يوميا حملات كبيرة من سياسيين ورياضيين وفنانين على مستوى العالم يساندون اللاجئ السوري، لاسيما مع انتشار صور الطفل آلان على شاطئ بودروم التركي، تطل تصريحات النظام عن طريق وزارتي السياحة والاقتصاد بتناول الموضوع على طريقتها الخاصة.

الهجرة.. خسارة اقتصادية فقط

في أول رد فعل لها على كارثة المهاجرين السوريين المستمرة، قامت سلطات النظام السوري ممثلة بوزارة السياحة بإغلاق أحد مكاتب السياحة والسفر بدمشق للحد، كما صرحت، من بعض المخالفات التي تسهّل هجرة الشباب الى الخارج.

وفي سياق متصل تعرّص وزير الاقتصاد "همام الجزائري" لموضوع هجرة السوريين المتزايدة خلال سنوات الحرب وأثرها الاقتصادي، كاشفاً عن الخسارة التي يتكبّدها اقتصاد النظام جراء الهجرة إذ وصلت حسب تصريحات الوزير إلى 420 مليون دولار.

فكلفة المهاجر تصل إلى نحو 7 آلاف دولار، يتم سحبها من سوق الصرف، نظراً لأن غالبية المهاجرين باعوا ممتلكاهم وبيوتهم وسياراتهم ومصاغهم واشتروا دولارات لدفع تكاليف الهجرة، وهو نزيف آخر لموارد الدولة.

سوريا التي ستصبح محافظة إيرانية

قد يبدو الحديث الاقتصادي في محله عند هذه النقطة، لكن لمسألة هجرة السوريين بعدا مختلفا ليس أوله هو عنف النظام ومحاولة تغيير البنية السكانية للبلاد.

الدكتور "ع. ب" المحلل الاقتصادي يرى أن "حديث الوزير من الناحية الاقتصادية قد يبدو صحيحا. لكنه يخالف الواقع، فالأموال التي تدخل عن طريق الإيرانيين والمشاريع التي يقومون بها كفيلة بتوازن اقتصادي للنظام. أعتقد أن هذه التصريحات لها بعد سياسي هدفه التغطية على تفاصيل احتلال إيران لسورية، ودمشق بشكل خاص".

"يعمل النظام على دفعنا نحو الهجرة" هكذا تعلّق "إيمان" التي هاجر إخوتها الذكور إلى تركيا وهم في طريقهم لأوربا الآن. وتتابع: "كل سبل الحياة ضاقت، الوضع الاقتصادي في تدهور، الخدمات باتت شبه غائبة، الخوف يسيطر علينا في تفاصيل يومنا".

لا يبدو الكلام السابق مبالغا فيه. من يعيش في دمشق اليوم يشعر بأن بركانا سينفجر بعد قليل. الحواجز تتزايد وكذلك تجاوزات العسكر والشبيحة، ثم انتشار عناصر إيرانية في المدينة مع ملحقاتها من الشعارات والأيقونات، ثمة تفجير كل يوم قد يحدث دون سابق إنذار.

انقسمت دمشق اليوم إلى طابقين بكل ما تعني الكلمة. وزراء ومسؤولين يمارسون مهامهم ويطلقون تصريحاتهم وكأن شيئا لم يكن، ومواطنون يشكرون القدر لأن يومهم مر دون كارثة أو مصيبة.

طريق الموت أرحم من بلد الموت

تتزايد مخاطر الرحلات بينما لسان حال السوريين يقول: ربما مخاطر الموت تبقى أكثر رحمة من الموت البطيء الذي تعيشه العاصمة المحتلة.

وبينما تشغل الهجرة بال كثير من الشباب والشابات لتنظيم أمورهم واتخاذ خطوة جدية، يحدث أن يروا على محطات النظام الإعلامية تصريحات الوزراء حول أسباب الهجرة خارج سوريا وظروفها ومخاطرها. ولا بأس ببعض التصريحات حول واقع "التعامل المخزي" لبعض الدول الأوربية مع المهاجرين إليها ومخالفتها لأبسط مبادئ حقوق الإنسان.

"إن لم تستح فقل ما شئت" هكذا يعلّق طالب جامعي مستهجنا درجة الوقاحة التي وصل إليها النظام. بينما ترى الباحثة الاجتماعية "منال" أن الهجرة هي كارثة حقيقية على سورية: "ليس من الناحية الاقتصادية بل من جانبها الاجتماعي والسياسي. نحن اليوم أمام تشكيل اجتماعي سكاني مذهبي جديد، الهجرة تسهم في تنفيذ مشروع النظام".

وبعيدا عن كل الترهات التي تفوه بها وزراء النظام، لا يبدو أن مخاطر طريق الهجرة بكل قصصه وحكاياته المرعبة تثني السوريين عن التفكير بالخروج من بلاد باتوا يرون إليها وكأنها تخنقهم.

الجدير بالذكر أن العديد من الإحصائيات قد كشفت أن النسبة الأكبر من المهاجرين هم من مواطني المدن والمناطق التي تخضع لسيطرة النظام.