أخبار الآن | دمشق – سوريا – (يمنى الدمشقي)
لم تمضِ أيام على فتح الطريق في حي برزة في العاصمة دمشق، حتى أعيد إغلاقه مرة أخرى، وعاد النظام ليشعل نار الفتنة في الحي، ويستهدف كل من يمر على حواجزه، ويضيق الخناق على الأهالي داخل الحي من خلال منعهم من إدخال المواد الغذائية والطبية إليه إلا بما يكفي عائلة واحدة فقط، بينما يتعرض للمساءلة والمحاسبة كل من يدخل ما يفيض عن حاجته وربما يصل الأمر أحياناً إلى الاعتقال.
حي برزة على فوهة النار ..
قبل بضعة أيام استهدفت قوات الأمن سيارة فيها عدد من المدنيين وهم إخوة بعد أن فتشتها فوجدت مواداً غذائية، مشت بعدها السيارة لكن صوتاً من الحاجز صرخ عليها بالتوقف إلا أنهم خشوا من أن يتم اعتقالهم، فتم إطلاق النار عليهم مما أدى إلى إصابتهم إصابات بالغة فنقل أحدهم إلى مشفى ابن النفيس ووصلت أنباء إلى أهله أنه استشهد هناك، بينما احتجز الثاني في فرع المخابرات الجوية، وعمت بعدها حالة من الاضطراب في الحي، لاسيما أن تبادلاً لإطلاق النار سمع بين حاجز ديب زيتون وحاجز الدفاع الوطني في الحي ولم يعرف سببه!
وتتحدث "هناء" من الأهالي المقيمين في الحي، أنها كانت خارج الحي لإحضار بعض المواد الغذائية الضرورية لكنها فوجئت بإغلاق الطريق أثناء عودتها إلى الحي، وبقيت واقفة ما يزيد على ساعتين بانتظار أن يفتح حتى باءت محاولاتها بالفشل، واضطرت إلى الذهاب إلى أقاربها في حي مسبق الصنع المجاور للمبيت عندهم، وتتحدث لأخبار الآن أن حواجز النظام صارت بعدها تفتش الجميع بحذر شديد حتى وصل الأمر إلى الضرب، الأمر الذي جعلها تخشى الدخول إلى الحي برفقة ابنتها.
في حين أغلقت كافة الطرق من وإلى الحي بعدها، وطالبت الكتائب المرابطة في الحي بإخراج المعتقلين وتسليم الشهيد لأهله، وأنذرت النظام اذا استمر الوضع على ما هو عليه، وعمت حالة من الرعب والذعر بين صفوف الأهالي من أن ينتقم النظام ممن بقي في الحي.
حوادث متكررة وخرق للهدنة ..
ولم تكن هذه الحادثة الأولى التي تطلق فيها حواجز النظام النار على سيارات المدنيين دون أي مبالاة بأرواحهم، فقبلها بأشهر قامت قوات النظام باستهداف سيارة تقل مدنيين مع شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما أدى إلى مقتل كل من في السيارة!
ويذكر "أبو حسام" وهو أحد العاملين في المجال الإغاثي في الحي أن وضع الحي في توتر مستمر، خاصة بعد قيام النظام بخرق هدنته في أكثر من مناسبة، ما نتج عنه تصاعد مأساة المدنيين التي امتدت أكثر ما يحتاجونه وهو الغذاء والدواء، حيث بات يحظر على الأهالي إدخال الطعام إلا بشكل قليل جداً وبعد دفع مبالغ مالية، أما السيارات التي تدخل إلى الحي فلا تحمل إلا القليل من المواد الغذائية، التي يشرف عليها في معظم الأحيان تجار الأزمات، ويبيعون هذه المواد بأسعار مضاعفة عن أسعارها الحقيقة بينما الناس أصلاً بالكاد تجد لقمة عيشها.
ولم يعد الأمر يقتصر على الإتجار بالمواد الغذائية بل تعداه إلى محاولة بعض الكتائب فرض أوامر عسكرية على مقاسها، فيما لا يزال كثيرون يحافظون على روح الثورة.
ويضيف أبو حسام أن الحي شهد نزوحاً كبيراً مع ازدياد استهداف مناطق الغوطة الشرقية، إذ يأوي الحي حالياً ما يقارب 70 مدنيًا معظمهم من الفارين من مناطقهم والهاربين من الحصار، الذين لم يتوقعوا أن يجدوا حصاراً آخر قد يفرض عليهم هنا.
ويحكي أبو حسام عن عائلة من الغوطة تتكون من 20 فرداً يقطنون في منزل واحد، جلهم من النساء والأطفال، وبسبب أعدادهم الكبيرة في المنزل أصاب الأطفال مرض اليرقان الذي انتقل بفعل العدوى، بينما لا يتمكن أهلهم من الدخول أو الخروج إلى الحي بسبب كونهم من مدينة دوما في ريف دمشق.
ويضيف أبو حسام أن ما زاد الأمر سوءاً لدى هذه العائلة هو سوء التغذية الذي يعيشه الأطفال، إلا أنهم كناشطين في المجال الإغاثي بالكاد يستطيعون تلبية احتياجات من في الحي.
وفي حين يستمر النظام بخرق هدنه في كل المناطق التي أبرم معها اتفاقيات وقف إطلاق نار، وفي ظل الخلافات العسكرية على الطرق والمواد الغذائية، يستمر المدنيون بدفع الضريبة الاكبر في كل ذلك كما يحدث في كل الحروب دائماً.