أخبار الآن | بيروت – لبنان – (آية الحسن)

في إحدى بلدات جبل لبنان، التقينا أسرة سورية "الأم وابنها وأربع فتيات صغار"، الأب عاطل عن العمل أما الأم فصامتة طول الوقت. تعيش هذه الأسرة في بيت صغير كان يستخدم للمواشي من قبل.

وبعيداً عن أي أثر للبشر وأي مظهر من مظاهر الحياة المدنية الاجتماعية، يخفون مأساة (12) يوماً قضوها بين أيدي الدفاع الوطني في سوريا.

حكاية الخطف والهروب ..

بينما يتجمع عدد كبير من اللاجئين السوريين في البقاع، تبتعد "أم رامز" بأسرتها إلى الجبل. تبادر بالقول: "ما لا أريد قوله يخنقني، خمسون عاماً نفضل البقاء بعيداً عن البشر، هنا في الجبل الحياة مريحة وأكثر أماناً"، وتروي حكايتها بما يلي:

بدأت الحكاية في ريف دمشق في شهر كانون الأول من سنة 2013، وعندما احتدمت جبهة القنيطرة والريف الجنوبي لدمشق، قررنا مغادرة سوريا واللحاق بأولادي في لبنان الذين بدأوا يصرون عليّ للخروج من القنيطرة، كنت مع زوجة ابني رامز وبناتها الأربعة أكبرهن كانت بعمر أربع سنوات وأصغرهن عمرها شهران. أوقفنا حاجز للدفاع الوطني عند مفرق "قطنا" وطلبوا منا النزول من الحافلة وإعطائهم هواتفنا النقالة وكل ما نحمله من مال أو ذهب".

أنا وزوجة ابني لم يكن لدينا الكثير من المال، قاموا بربط أيدينا وأرادوا وضع قطعة قماشية على عيوننا، ولكني ترجيته مع زوجة ابني أن يتركنا دون تقييد لأن معنا طفلة رضيعة لا نستطيع تركها. كان رده بلكمة على وجه حفيدتي الكبرى (4 سنوات).

بعد ذلك أخذ الطفلة الرضيعة من يد أمها وقذفها لزميله الذي بدوره أعادها له، لعبوا بها وكأنها كرة بين أيديهم. وعندما شاهدت زوجة ابني ما يحصل لطفلتها أغمي عليها فوراً، ولم أعد أعرف هل أحاول أيقظاها أو أركض إليه وأرجوه ترك الطفلة.

تتابع "سهام" زوجة الابن: "استيقظت ووجدت نفسي داخل غرفة معتمة مع امرأة من المعضمية كانت معنا في الحافلة، فسألتها أين نحن وأين بناتي وأم زوجي؟. لكنها لم تجب".

وبقيت جالسة تقرأ آيات قرآنية بصوت عالي جداً أرادت أن يسمعه الخاطفون.

الكلام المباح ..

وعن أسباب الخطف ترد سهام: "اختطفونا ليبادلونا مع جثث ضباط من قوات النظام في منطقة خان أرنبة في القنيطرة".

وتتابع: "وقفت عند الباب وبدأت بالصراخ أنادي عمتي وابنتي الكبرى علهما تسمعاني وأراهما، بعد دقائق دخل رجل يلقبونه السفاح، رماني أرضاً وتقدم باتجاه المرأة الأخرى التي كانت معي في الغرفة، فوقفت في وجهه تحمل مصحفا صغيرا بيدها، وقالت له كلمات مثل أنها لا تخاف منه لأنها تؤمن بالله وإنها ستخرج من هنا بإذن الله، فتركها وخرج، لم أفهم ما يحدث إلاّ بعد أن أخبرتني بأنها تعرضت للضرب لأنه دخل ورآها تصلي وتقرأ القرآن، فبدأت تقرأ بصوت عالي وتجابهه بالكلام ليعرف أنها لا تخاف منه.

تعذيب واغتصاب الأطفال ..

قبل أن يحل الظلام وضعنا كلنا -أي النساء- المختطفات في غرفة واحدة، لأن الغرفة الآخرى كانت مخصصة للرجال الجرحى الذين اعتقلوهم وجلبوهم من القنيطرة إلى قطنا، كان عددهم حوالي العشرين، وطبعا لم يتوقفوا عن تعذيبهم حيث كانوا يتبادلون الأدوار، فمن يتعب يسلم الكرباج أو العصا للآخر وهكذا حتى منتصف الليل.

وفي اليوم الثاني جاء دورنا، دخل من يدعى السفاح وأخذ ابنتي الكبيرة، بدأت بالصراخ فوضع يده على فمها ليسكتها، ركضت وراه فضربني ولكني تمسكت به مزقت قميصه فأخذني من شعري ورماني على الأرض ووضع ابنتي على الأرض ونام فوقها، هي بقيت ساكنة وأنا غير مصدقة ما يجري.

تدخل سهام في موجة من البكاء. لم نطلب منها إكمال قصها. أما الطفلة فهي منزوية ولا تقترب من أحد وإذا حاولت التقرب منها تبكي بشدة.

المسؤولة عن عمليات توزيع المساعدات في المنطقة تقول: "قام رجال الدفاع الوطني في قطنا باغتصاب الأم وبناتها الثلاثة وأكثرهم ضرراً كانت الفتاة الوسطى ذات الثلاث سنوات والتي بقيت فترة طويلة خرساء لا تتكلم ولا تجلس مع أحد، أما الآن فهي متعافية قليلاً. والجدة لم تتحدث من قبل بهذا الموضوع وغالب الظن أنها أيضاً تعرضت للاغتصاب من قبل نفس الرجال ولكنها تخجل من البوح بذلك".

يعيش اليوم رامز مع وزجته ووالدته وبناته الأربعة منذ سنتين ظروف معيشية سيئة جداً، فالوضع النفسي والمادي سيء جداً وهم من العائلات المحتاجة لدعم نفسي وإيجاد سكن مناسب ومدارس للأطفال ومساعدة مادية.

تعد حوادث اختطاف النساء واغتصابهم من قبل عناصر الأمن والدفاع الوطني من الحوادث المتكررة دائماً، يستخدمها النظام كوسيلة ضغط على الثوار في المناطق المحررة والمحاصرة، بهدف إيصالهم لطلب هدنة أو إعطائهم جثث عساكر مختطفين.