أخبار الآن | غازي عينتاب – تركيا (جابر المر)

يبقى الفن هو المعادل الثقافي للمواقف المختلفة من الحياة عموما، فكيف الحال وقت الثورات والأزمات التي يمر بها مجتمع مثل السوري، أو جماعات وثقافة خاصة مثل الثقافة الكردية داخل المكوّن السوري العام؟.

لم يعد المهتم بالشأن السوري، في تشعباته المربكة والشائكة، يكتفي بالتحليل السياسي والعسكري، بل بات ينظر إلى رؤى الضمير الجمعي ووجهات النظر المختلفة تجاه ما يجري. وهو ما يمكن رصده من خلال فيلم "حلم روجافا" للسوري الكردي "عاكف حسن".

خونا روجافا ..

حلم روجافا أو "خونا روجافا" باللغة الكردية، فيلم وثائقي جديد ضمن سلسلة أعمال تحاول تقديم صورة ما يجري داخل المناطق والمدن السورية المختلفة. لكن هنا نرى مقاربة لموضوع راهن يتعلق بتغيرات الوضع السياسي والعسكري والثقافي على أرض شمال سورية.

مجموعة من الناشطين السوريين الأكراد أرادوا توضيح موقف الكثير من الأكراد السوريين تجاه ممارسات وتجاوزات حزب (PYD) "الاتحاد الديمقراطي الكردي" تجاه المواطنين الأكراد الذين اختاروا طريق الاندماج في الثورة السورية منذ انطلاقتها.

يؤكد الوثائقي هنا على أنه في: "السنوات الأربع الأولى من عمر الثورة شهدت اغتيال ما يقارب 30 ناشطا من أكراد سوريا، بينهم سياسيون معروفون".

ويتهم الفيلم صراحة الـ PYD وجناحه العسكري بتنفيذ تلك الاغتيالات، التي كان أشهرها اغتيال الناشط المعروف "مشعل التمو" بداية الثورة السورية.

شهادات وحقائق ..

من خلال شهادات أهالي الشهداء الذين تمت تصفيتهم واغتيالهم من قبل الحزب، نتعرف على سياسة الحزب ومخططاته وكتم الصوت المعارض له بشتى الطرق.

شهادات لأمهات وزوجات وأبناء وجدوا أنفسهم ضحية غياب ذويهم، محملين "حزب الاتحاد الديمقراطي" مسؤولية كل العنف الذي تعرضوا له.

مع بداية الثورة السورية اندمج السوريون الأكراد كناشطين فيها، أي الثورة، لكن ذلك لم يتوافق مع سياسة الحزب المسيطر في المنطقة.

يطرح الفيلم خلال (55) دقيقة مقاربة بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني الذي أسسه "عبد الله أوجلان" مؤكدا أن الحزب السوري هو النسخة المطابقة لـ(PKK) أوجلان.

يبدأ الفيلم، الذي أنتجه المرصد الكردي، بالعودة إلى سياسة نظام الأسد الأب والابن تجاه الناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سورية، موضحا معاناتهم وقمع انتفاضتهم عام 2004، ليصل إلى رغبتهم في الاندماج في ثورة سورية 2011.

ومع بداية الثورة ينتقل الحديث عن الممارسات المتشابهة بين نظام الأسد وحزب الاتحاد الديمقراطي، من اغتيالات وتصفيات وتهجير للناشطين، وكأن حكاية القمع لم تنته عند السوريين الأكراد مهما كانت الجهة المسيطرة على المنطقة التي ينتمون إليها.

الدلالات الفنية ..

من "صورة غلاف الفيلم" يستطيع المتابع استشفاف الدلالات المختلفة التي يريد الفيلم أن يوضحها. صورة تجمع بين عبد الله أوجلان وبشار الأسد كدلالة فنية أنهما وجهان لعملة واحدة هي القمع والعنف والإرهاب.

يذهب طاغية ويحضر آخر، وكأنه مكتوب على مجتمعاتنا أن تختار دائما بين الطغاة، وأن تقع تحت رحمة العنف والقتل المستمر.

تحييد الأكراد السوريين عن الاندماج في الثورة السورية، الإرهاب والعنف بكافة تجلياته، سياسة التخوين واتهامات الانتماء لحركات أصولية، كل ذلك يوضحه الفيلم من محاولات عملت على تكريس الاغتيال السياسي كطريق أما قمع الصوت المختلف في شمال سورية واندماجها كقومية في نسيج الثورة السورية ككل.

فيلم "حلم ورجافا" الذي تبنته إنتاجيا عدة شخصيات كردية، أخرجه "عاكف حسن" وهو أحد الكوادر السابقين في حزب العمال الكردستاني (أوجلان) على مدار 15 عاما، ووصل به التدرج الحزبي إلى مناصب رفيعة.

الفيلم عرض في إقليم كردستان العراق، وفي دار السينما الألمانية ببرلين، وفي مدينة بوخوم الألمانية.